دفع المواطن المصري الثمن الأكبر لقرار تعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية، بعد أن أغرقته هذه الخطوة في بحر من الأزمات المعيشية، كان السبب الرئيسي فيها تهاوي سعر العملة المحلية إلى نحو 17.60 جنيهاً للدولار حالياً، مقارنة بـ8.88 جنيهات قبل 3 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
وإذا كانت الحكومة حصلت على "جائزة" تعويم الجنيه عبر إعلان صندوق النقد الدولي الموافقة على قرض بقيمة 12 مليار دولار حصلت منه مصر على شريحيتين بأربعة مليارات دولار، فإن الشعب المصري دفع ثمن التعويم عبر أزمات معيشية عاصفة جعلت من هذا العام هو الأصعب اقتصادياً طوال 65 عاماً، هي عمر الجمهورية.
وتحت ضغوط صندوق النقد لم تكتف الحكومة المصرية بملء نصف الكوب بقرارات تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة، لكنها ملأت النصف الآخر بإجراءات تقشفية قاسية فاقمت معاناة وأعباء المواطن الذي أصبح الفريسة الوحيدة لقرارات رأتها الحكومة ضرورية لإنهاء وضع اقتصادي صعب للغاية.
وواجه المواطن ارتفاعاً حاداً في الأسعار طاول 10 قطاعات أساسية وهي السلع والوقود والنقل وفواتير الكهرباء والمياه والسكن والعلاج والاتصالات ومصاريف التعليم ورسوم الخدمات، مثل استخراج شهادات الوفاة والميلاد والزواج، ما دفع بالتضخم رسمياً إلى مستويات قياسية، إذ قفز من 14% في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، إلى 32.9% خلال سبتمبر/أيلول2017، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي).
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي عبد النبي عبدالمطلب لـ "العربي الجديد" اتجهت الحكومة المصرية فى نوفمبر 2016 لإجراء مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية تمثلت في رفع أسعار سلع وخدمات ورسوم استخراج وثائق الميلاد أو شهادات الوفاة، ومصاريف التعليم وغيرها.
وأضاف عبد المطلب، أنه بالتوازي أعلن البنك المركزي عن تخفيض قيمة الجنيه المصرى بنسبة 50%، ليرتفع سعر الدولار إلى نحو 20 جنيهاً للدولار الواحد قبل أن يتراجع إلى أقل من 18 جنيهاً، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار كافة السلع لتتراوح بين 25% للأدوية، إلى 100% للزيوت والسكر والخضروات، والدقيق.
وأشار إلى أن سياسات التعويم أدت لارتفاعات متتالية في التضخم ليصل إلى نحو 46% في مجموعة الطعام.
وقد أدى ارتفاع التضخم إلى تدخل البنك المركزي ليرفع سعر الفائدة على الإقراض ليصل إلى نحو 19.7% ولا شك أن ذلك كله قد تسبب في زيادة الأعباء على المواطن المصري.
أما الخبير الاقتصادي، أشرف دوابة، فيرى أن كل مناحي الحياة أصبحت صعبة أمام المواطن الذي تحول إلى فريسة للأزمات المتفاقمة بعد التعويم ولا سيما مع تقليص الدعم عن معظم السلع والخدمات، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة هي الأصعب للمواطن الذي سيصطدم بإلغاء الدعم تدريجياً خلال العامين المقبلين، حسب خطط النظام الحالي.
وأكد دوابة أن الوعود الرسمية المتكررة التي أطلقت بتخفيض الأسعار وتخفيف الأزمات المعيشية لم يتحقق منها شيء، بل على العكس الأوضاع تزداد صعوبة يوماً بعد آخر.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أطلق أكثر من وعد بتخفيض الأسعار عبر تدخل الحكومة والقوات المسلحة وطرح مواد مدعّمة، إلا أن الأسعار واصلت ارتفاعها.
وأكد دوابة أن الزيادات المتتاليه لأسعار الوقود والكهرباء والخدمات الأساسية التي حاصرت المواطن لم تصاحبها أية إجراءات حمائية ما أدى إلى أضرار مجتمعية خطيرة أبرزها زيادة الفقر والجريمة.
ورفعت الحكومة أسعار الوقود مرتين بعد التعويم الأولي في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بنسب بين 30 % إلى 47 %، والثانية في يونيو/ حزيران 2017 بنسب تراوحت بين 42 و55 %، كما ارتفع سعر اسطوانة غاز الطهو المنزلي إلى الضعف من 15 إلى 30 جنيهاً، ورفعت الحكومة أيضاً أسعار الكهرباء في يوليو/تموز الماضي بمتوسط 33%.
وطاولت تداعيات التعويم قطاع السكن من حيث ارتفاع العقارات والإيجارات، إذ قال رئيس شعبة الاستثمار العقاري بمدينة 6 اكتوبر، رشاد عبد اللطيف، لـ "العربي الجديد"، إن هناك ارتفاعاً كبيراً لحق بأسعار العقارات والإيجارات بسبب زيادة تكلفة مواد البناء.
وتسبّب قانون الضريبة على القيمة المضافة في المساهمة برفع أسعار العقارات بنسب تراوحت بين 20 و50 % خلال هذا العام، حسب عبد اللطيف الذي أكد أن البيع بالتقسيط هو السمة الأعم حيث لا تمثل المبيعات الفورية سوى 10% من إجمالي تعاملات العقارات.
وساهمت العديد من الإجراءات الحكومية في ارتفاع الأسعار لمستوى قياسي منها تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14% التى طاولت 90% من السلع والخدمات، بالإضافة إلى رفع رسوم الجمارك لمئات السلع.
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي وائل النحاس لـ "العربي الجديد" إن التعويم هو أسوأ قرار اتخذته الحكومة المصرية، معتبراً أن سلبياته أكثر من أي مؤشرات إيجابية.
وقدر النحاس حجم الخسائر الاقتصادية من التعويم بنحو تريليوني جنيه تمثل فارق عجز الموازنة وفوائد الدين العام التى قفزت بصورة مخيفة، فضلاً عن زيادة الدين العام الخارجي وارتفاع تكلفة استيراد السلع الأساسية بخلاف تدني القيمة الشرائية للعملة المحلية وانحسار النهج الاستهلاكي للمواطنين.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي هاني توفيق لـ"العربي الجديد" إن التصريحات الوردية للحكومة بانخفاض التضخم وتراجع الأسعار لن يشعر بها المواطن حالياً، لكنه أشار إلى أن الستة أشهر الثانية بعد التعويم شهد السوق استقراراً أفضل من الستة أشهر الأولى والتي شهدت تغيرات متعاقبة وصدمات في الاقتصاد.
وأضاف أن المواطن لن يتمكن من احتواء أثر ذلك إلا بعد عامين على الأقل بسبب القفزات الكبيرة التي سجلها التضخم فضلاً عن معدل البطالة الذي ارتفع بسبب تأثر السياحة وقيام بعض المصانع بتخفيض عمالتها.
وقال مسؤول حكومي بارز إن التضخم سيبدأ فى التراجع مستهل العام المقبل وسيبدأ المواطن في الإحساس به اعتباراً من منتصف العام المقبل. وأكد المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، مدافعاً عن قرار التعويم إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016 كانت قاسية على المؤسسات والمواطن ولكنها جنبتنا عواقب أشد وطأة على المجتمع والاقتصاد.
اقــرأ أيضاً
وتحت ضغوط صندوق النقد لم تكتف الحكومة المصرية بملء نصف الكوب بقرارات تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة، لكنها ملأت النصف الآخر بإجراءات تقشفية قاسية فاقمت معاناة وأعباء المواطن الذي أصبح الفريسة الوحيدة لقرارات رأتها الحكومة ضرورية لإنهاء وضع اقتصادي صعب للغاية.
وواجه المواطن ارتفاعاً حاداً في الأسعار طاول 10 قطاعات أساسية وهي السلع والوقود والنقل وفواتير الكهرباء والمياه والسكن والعلاج والاتصالات ومصاريف التعليم ورسوم الخدمات، مثل استخراج شهادات الوفاة والميلاد والزواج، ما دفع بالتضخم رسمياً إلى مستويات قياسية، إذ قفز من 14% في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، إلى 32.9% خلال سبتمبر/أيلول2017، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي).
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي عبد النبي عبدالمطلب لـ "العربي الجديد" اتجهت الحكومة المصرية فى نوفمبر 2016 لإجراء مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية تمثلت في رفع أسعار سلع وخدمات ورسوم استخراج وثائق الميلاد أو شهادات الوفاة، ومصاريف التعليم وغيرها.
وأضاف عبد المطلب، أنه بالتوازي أعلن البنك المركزي عن تخفيض قيمة الجنيه المصرى بنسبة 50%، ليرتفع سعر الدولار إلى نحو 20 جنيهاً للدولار الواحد قبل أن يتراجع إلى أقل من 18 جنيهاً، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار كافة السلع لتتراوح بين 25% للأدوية، إلى 100% للزيوت والسكر والخضروات، والدقيق.
وأشار إلى أن سياسات التعويم أدت لارتفاعات متتالية في التضخم ليصل إلى نحو 46% في مجموعة الطعام.
وقد أدى ارتفاع التضخم إلى تدخل البنك المركزي ليرفع سعر الفائدة على الإقراض ليصل إلى نحو 19.7% ولا شك أن ذلك كله قد تسبب في زيادة الأعباء على المواطن المصري.
أما الخبير الاقتصادي، أشرف دوابة، فيرى أن كل مناحي الحياة أصبحت صعبة أمام المواطن الذي تحول إلى فريسة للأزمات المتفاقمة بعد التعويم ولا سيما مع تقليص الدعم عن معظم السلع والخدمات، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة هي الأصعب للمواطن الذي سيصطدم بإلغاء الدعم تدريجياً خلال العامين المقبلين، حسب خطط النظام الحالي.
وأكد دوابة أن الوعود الرسمية المتكررة التي أطلقت بتخفيض الأسعار وتخفيف الأزمات المعيشية لم يتحقق منها شيء، بل على العكس الأوضاع تزداد صعوبة يوماً بعد آخر.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أطلق أكثر من وعد بتخفيض الأسعار عبر تدخل الحكومة والقوات المسلحة وطرح مواد مدعّمة، إلا أن الأسعار واصلت ارتفاعها.
وأكد دوابة أن الزيادات المتتاليه لأسعار الوقود والكهرباء والخدمات الأساسية التي حاصرت المواطن لم تصاحبها أية إجراءات حمائية ما أدى إلى أضرار مجتمعية خطيرة أبرزها زيادة الفقر والجريمة.
ورفعت الحكومة أسعار الوقود مرتين بعد التعويم الأولي في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بنسب بين 30 % إلى 47 %، والثانية في يونيو/ حزيران 2017 بنسب تراوحت بين 42 و55 %، كما ارتفع سعر اسطوانة غاز الطهو المنزلي إلى الضعف من 15 إلى 30 جنيهاً، ورفعت الحكومة أيضاً أسعار الكهرباء في يوليو/تموز الماضي بمتوسط 33%.
وطاولت تداعيات التعويم قطاع السكن من حيث ارتفاع العقارات والإيجارات، إذ قال رئيس شعبة الاستثمار العقاري بمدينة 6 اكتوبر، رشاد عبد اللطيف، لـ "العربي الجديد"، إن هناك ارتفاعاً كبيراً لحق بأسعار العقارات والإيجارات بسبب زيادة تكلفة مواد البناء.
وتسبّب قانون الضريبة على القيمة المضافة في المساهمة برفع أسعار العقارات بنسب تراوحت بين 20 و50 % خلال هذا العام، حسب عبد اللطيف الذي أكد أن البيع بالتقسيط هو السمة الأعم حيث لا تمثل المبيعات الفورية سوى 10% من إجمالي تعاملات العقارات.
وساهمت العديد من الإجراءات الحكومية في ارتفاع الأسعار لمستوى قياسي منها تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14% التى طاولت 90% من السلع والخدمات، بالإضافة إلى رفع رسوم الجمارك لمئات السلع.
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي وائل النحاس لـ "العربي الجديد" إن التعويم هو أسوأ قرار اتخذته الحكومة المصرية، معتبراً أن سلبياته أكثر من أي مؤشرات إيجابية.
وقدر النحاس حجم الخسائر الاقتصادية من التعويم بنحو تريليوني جنيه تمثل فارق عجز الموازنة وفوائد الدين العام التى قفزت بصورة مخيفة، فضلاً عن زيادة الدين العام الخارجي وارتفاع تكلفة استيراد السلع الأساسية بخلاف تدني القيمة الشرائية للعملة المحلية وانحسار النهج الاستهلاكي للمواطنين.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي هاني توفيق لـ"العربي الجديد" إن التصريحات الوردية للحكومة بانخفاض التضخم وتراجع الأسعار لن يشعر بها المواطن حالياً، لكنه أشار إلى أن الستة أشهر الثانية بعد التعويم شهد السوق استقراراً أفضل من الستة أشهر الأولى والتي شهدت تغيرات متعاقبة وصدمات في الاقتصاد.
وأضاف أن المواطن لن يتمكن من احتواء أثر ذلك إلا بعد عامين على الأقل بسبب القفزات الكبيرة التي سجلها التضخم فضلاً عن معدل البطالة الذي ارتفع بسبب تأثر السياحة وقيام بعض المصانع بتخفيض عمالتها.
وقال مسؤول حكومي بارز إن التضخم سيبدأ فى التراجع مستهل العام المقبل وسيبدأ المواطن في الإحساس به اعتباراً من منتصف العام المقبل. وأكد المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، مدافعاً عن قرار التعويم إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016 كانت قاسية على المؤسسات والمواطن ولكنها جنبتنا عواقب أشد وطأة على المجتمع والاقتصاد.