يعاني عمال وموظفو شركة "الخرافي ناشيونال"، أكبر شركة مقاولات في الكويت، من انقطاع رواتبهم منذ 7 أشهر، دون وجود تجاوب حقيقي من إدارة الشركة بحسب المحتجين.
ويعمل الآلاف من جنسيات مختلفة، كالمصريين والهنود والسوريين، في محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه، وفي بعض المواقع النفطية. إذ إن الشركة وقعت عقوداً مع الحكومة الكويتية، تقوم بموجبها بجلب العمّال لمدة خمسة سنوات، مع التزام الحكومة بالدفع لشركة الخرافي، التي تقوم فيما بعد بدفع الرواتب للعمال، بعد أخذها العمولة نظير كفالتها للعمال.
واحتج أكثر من 400 عامل من مختلف الجنسيات لليوم الرابع على التوالي أمام مقر هيئة القوى العاملة بوزارة الشؤون، فيما احتج عمال آخرون من الجنسية الهندية أمام مقر السفارة الهندية في العاصمة الكويت، وطالبوا الحكومة الهندية بالتدخل لإنقاذهم من الجوع على حد تعبيرهم.
وحصل "العربي الجديد" على كتاب المحتجين الهنود العاملين في محطة الكهرباء والماء بوزارة الكهرباء في منطقة الدوحة الغربية، ومما جاء في الكتاب "بدأت أزمة الرواتب قبل عام، لكنها تطورت في الأشهر الأخيرة، ونحن نطالب السفارة بالتدخل وإنهاء الأزمة حتى لا تتكرر مأساة العمال في السعودية، الذين وجدوا أنفسهم بلا مأكل وملجأ".
وقد نظم العمال احتجاجات، وهددوا بالإضراب مطلع شهر فبراير/شباط، لكن شركة الخرافي وقعت اتفاقاً رسمياً مع العمال في وزارة الشؤون، تعهدت فيه بدفع الرواتب في غضون ثلاثة أسابيع، ويقضي الاتفاق الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه بسداد الشركة لكافة الرواتب المستحقة لجميع العاملين وذلك على مدى شهرين، بحيث يتم سداد ثلاثة رواتب في شهر فبراير/ شباط، وثم من تسديد الباقي في شهر مارس/آذار، لكن الشركة عادت ورفضت العمل بالاتفاق دون تقديم الأسباب.
انقطاع الرواتب
وقال أحد المهندسين من الجنسية المصرية: "تقوم وزارة الكهرباء والماء بالتعاقد مع شركة الخرافي لتوريد العمال والمهندسين، لتشغيل محطات الكهرباء في الكويت وتقوم الوزارة بدفع رواتبنا للشركة التي تحسم عمولتها وأرباحها منها ثم تعطينا الفتات"، وأضاف: "كان الأمر عادياً إلى حين بدأت الشركة بالتوقف عن تسديد رواتبنا متذرعة بأزمة مالية تمر بها".
وتابع: "طلبت إدارة الشركة من جميع الموظفين الصبر، والاستمرار بالعمل، لكن الأمر ازداد سوءاً، خاصة أن معظمنا مدين للمصارف، وعلينا تسديد الأقساط الشهرية".
وبحسب المهندس نفسه، قام العديد من العمال بإرسال عائلاتهم إلى دولهم لعدم القدرة على تسديد الأقساط الشهرية، من إيجارات، وتكاليف مدرسية، وغيرها.
واللافت أيضاً بحسب المهندس الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن الشركة وعدت بتسديد الرواتب فور بيعها شركة أمريكانا، وهي شركة مملوكة لعائلة الخرافي، إلا أننا فوجئنا ببيع الشركة، دون الحصول على رواتبنا، وعند الاستفسار، أوضح المسؤولون أن شركة أمريكانا كيان مستقل عن شركة الخرافي ناشيونال.
لا تقف حدود معاناة العمال هنا، فبحسب أحد العمال من الجنسية السورية، إن التأخر بتسديد الرواتب، جعلنا عرضة للجوع وسوء التغذية، كما أن العديد من العمال يعانون من أمراض بسبب عدم قدرتهم على تأمين الطعام. وشرح العامل، ظروف العمل مع الشركة، فقال "عقدنا مع الشركة لا يتضمن السكن والمواصلات والغذاء، وبالتالي فإن توقف الشركة عن تسديد الرواتب، يعني حرماننا من تأمين أبسط الاحتياجات". وأضاف "بسبب الديون المتراكمة، منعنا من السفر، ما يعني أننا أصبحنا محتجزين".
وتقول وزارة الكهرباء والماء في الكويت إنها "دفعت الرواتب كاملة لصالح الشركة وحولتها إلى حساباتها في البنوك"، لكن البنوك تحجز هذه الأموال بسبب مديونيات الخرافي. فيما تقول شركة الخرافي لعمالها إن الوزارة ترفض تحويل الرواتب لها بسبب خلافات لا يمكن حلها مع الشركة.
بحسب الخبير القانوني عمر الروقي، فإنه في حال ثبوت تلاعب في الملفات، فإن النيابة العامة، مطالبة بالتحرك لوقف التحايل في "العمل الورقي" وهذا أمر شائع تنفذه الأقسام القانونية لكثير من الشركات بقصد إضاعة الحقوق وتأخير الدفع في الرواتب أو التحايل على رقابة وزارة التجارة وهيئات العمل. ويقول لـ "العربي الجديد": الحل الأمثل، في حال إصرار الشركة على عدم دفع الرواتب، أن تقوم الوزارة بدفع الرواتب للموظفين مباشرة".
وتعاني شركة الخرافي التي تملكها عائلة الخرافي ذات النفوذ السياسي والتجاري الواسع من مصاعب مالية كبيرة وفقدان نفوذها السياسي بعد خسارتها لعدة عقود مقاولات داخل وخارج البلاد بالإضافة إلى وفاة أقطابها الكبار حيث توفي رجل الأعمال ناصر الخرافي في عام 2011 فيما توفي شقيقه، أحد أهم الوجوه السياسية في البلاد، رئيس مجلس الأمة الأسبق، جاسم الخرافي عام 2015.