تتجه دول مجلس التعاون الخليجي للمضي قدما في خطط الاقتراض عبر إصدار سندات في الأسواق الدولية، بينما لا يبدو أن رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) أسعار الفائدة، سيمنع هذه الدول من الحصول على تمويلات خارجية، لعدم وجود بدائل لتغطية عجز موازناتها سوى استنزاف احتياطيها النقدي وبيع استثماراتها الدولية.
ورفع المركزي الأميركي، منتصف مارس/ آذار الجاري، سعر الفائدة بنسبة 0.25%، لتراوح بين 0.75% و1%، ولمّح إلى أنه يتجه نحو رفع الفائدة مرتين إضافيتين خلال العام الجاري، وهو ما يزيد من كلفة الاقتراض.
وتوقع محللون اقتصاديون ألا تتأثر خطط الدول الخليجية بشأن طرح المزيد من السندات الدولية خلال العام الحالي 2017، بزيادة قيمة الفائدة، ولا سيما أن أسواق النفط الخام ما تزال تعاني من تُخمة في المعروض وتراجع في الطلب وعدم صعود الأسعار للمستويات المأمولة، على الرغم من قرار منظمة أوبك بخفض الإنتاج بحلول العام الجاري.
بديل استنزاف الاحتياطي
ويقول علي الجعفري، المحلل المالي في السعودية، لـ"العربي الجديد"، إن سوق السندات الدولية ما زال الخيار الأفضل لدول الخليج، على الرغم من مخاطر رفع الفائدة الأميركية المتكرر، وخاصة أن العديد من دول الخليج لم تعد قادرة على إصدار سندات محلية، خوفا من سحب السيولة من البنوك التي اشترت بالفعل الكثير من السندات.
ويضيف الجعفري أن اللجوء للقروض الخارجية، يأتي بالدرجة الأولى لحماية العملة المحلية من الضغوط، فهي لا تريد الاستمرار في السحب من الاحتياطي النقدي ولا تريد سحب السيولة من البنوك المحلية من خلال السندات المحلية، لأن هذا سيتسبب في رفع الفوائد المحلية لمستويات قياسية تهدد الاقتصاد بأكمله، وقد يتسبب في تدهور الاقتصاد أكثر، لأن شح السيولة يرفع الفائدة بين البنوك بشكل كبير. ويشير إلى أن قيمة السندات المحلية بلغت 180 مليار ريال (48 مليار دولار)، ولأجل ذلك تم سحب الكثير من النقد من البنوك، وبالتالي كان الخيار هو السندات الخارجية.
ويتابع: "في كل الأحوال، اللجوء لأسواق الدين سيقلل الاعتماد على الاحتياطيات في مسألة تمويل عجز الموازنة، ويساعد أيضا في تمويل مشاريع البنية التحتية العملاقة، وعدم توقفها، خاصة أن الاحتياطيات المالية لدول الخليج هي في الأساس مستثمرة في سندات دين لحكومات أجنبية، وهي ليست أموالا سائلة يمكن السحب منها بسهولة".
سندات بـ48.4 مليار دولار
وأظهر رصد لـ"العربي الجديد"، أن حجم إصدارات دول الخليج من السندات الدولية منذ بداية العام الماضي، 2016، بلغ نحو 48.4 مليار دولار. وشهدت دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية، قطر، الإمارات، الكويت، سلطنة عُمان، البحرين)، إصدارات متتالية للسندات الدولية منذ العام الماضي 2016، وكانت الكويت آخر هذه الدول بعد أن أصدرت في 13 مارس/ آذار الجاري سندات بقيمة 8 مليارات دولار، موزعة على 3.5 مليارات دولار لأجل 5 سنوات، و4.5 مليارات دولار لأجل 10 سنوات.
وقبل الكويت باعت سلطنة عُمان سندات دولية في وقت سابق من مارس/ آذار بنحو 5 مليارات دولار ضمن خطتها للاقتراض الخارجي لعام 2017.
وعادت السلطنة إلى سوق السندات الدولية في 2016 بعد غياب لنحو 20 عاماً.
وكانت السلطنة قد أصدرت سندات بقيمة 2.5 مليار دولار في يونيو/ حزيران الماضي، في أول إصدار منذ العام 1997، تبعها إصدار سندات بقيمة 1.2 مليار دولار في سبتمبر/ أيلول.
وللمرة الأولى أصدرت السعودية أول سنداتها الدولية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وجمعت رقماً قياسياً بلغ 17.5 مليار دولار، وجذبت اهتمام كثير من المستثمرين الدوليين في أكبر إصدار سندات لسوق ناشئة.
وأعلنت الرياض أنها تخطط للاستفادة من أسواق الدين مرة أخرى هذا العام، وسط توقعات باقتراض 12 مليار دولار أخرى.
كما جمعت حكومة قطر 9 مليارات دولار من إصدار سندات دولية في أواخر مايو/ أيار 2016، في حين أصدرت حكومة أبوظبي سندات بقيمة 4 مليارات دولار على شريحتين بعد غياب دام سبعة أعوام.
واختارت حكومة البحرين أخيراً بنوكا لإطلاق سندات دولية بقيمة 600 مليون دولار، في عملية إعادة فتح إصدار قائم مستحق في 2028، وباعت سندات بالقيمة ذاتها في فبراير/ شباط 2016.
إعادة نظر في الاقتراض
وبينما يرى خبراء أنه ليست هناك خيارات أفضل حالياً من طرح السندات الدولية لسد عجز الموازنات الخليجية، يؤكد عبدالله باعشن، المحلل المالي ورئيس مجلس إدارة شركة "تيم ون" للاستشارات المالية في السعودية، أن خطط الاقتراض قد تكون مهددة بسبب عدم استقرار الفائدة الأميركية.
ويقول باعشن لـ"العربي الجديد": "سعر الفائدة قد يكون له تأثير على خطط السندات. بعض الدول بدأت فعلاً في إعادة التفكير في جدوى إصدار سندات دولية".
لكن المحلل المالي السعودي يرى أن "وضع دول الخليج يعد أفضل من بعض الدول التي تعاني مالياً، مثل مصر واليونان على سبيل المثال، فهي لا تقترض مجبرة، بل كخيار أفضل من تسييل الاستثمارات التي تدر دخلاً أكبر".
وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية، قد توقعت أن ترتفع الديون الخليجية بشكل أكبر خلال العام الجاري، بسبب تباطؤ تعافي أسعار النفط.
وتعاني أسواق النفط الخام من تخمة المعروض ومحدودية الطلب، وتراجع سعر البرميل بأكثر من 70% من 120 دولاراً منتصف 2014، إلى نحو 27 دولاراً مطلع العام الماضي، قبل أن يصعد إلى نطاق 50 دولاراً بالمتوسط في الوقت الحالي.
وحتى وقت قريب، كانت دول الخليج الغنية بالنفط قادرة على تجاهل أسواق السندات العالمية، ولكنها لجأت إلى إصدار أدوات الدين لتغطية العجز في موازناتها الناتجة عن تدهور أسعار النفط.
وقالت وكالة فيتش في تقرير صادر في وقت سابق من مارس/ آذار الجاري، إن هبوط أسعار النفط وما تبعه من انخفاض الإيرادات النفطية، ساهم في زيادة العجز في الميزانية ودفع الدول الخليجية إلى أسواق الدين العالمية، لكن الوكالة أكدت أن سوق الدين الخليجية ما تزال جيدة مقارنة بالعائدات السلبية في الأسواق النامية، وارتفاع المخاطر في السندات الأوروبية.
كما توقعت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني العالمية، أن يسجل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء المنطقة، بحلول 2018، نحو 32% مقارنة بنسبة 10% في 2014.
اقــرأ أيضاً
ورفع المركزي الأميركي، منتصف مارس/ آذار الجاري، سعر الفائدة بنسبة 0.25%، لتراوح بين 0.75% و1%، ولمّح إلى أنه يتجه نحو رفع الفائدة مرتين إضافيتين خلال العام الجاري، وهو ما يزيد من كلفة الاقتراض.
وتوقع محللون اقتصاديون ألا تتأثر خطط الدول الخليجية بشأن طرح المزيد من السندات الدولية خلال العام الحالي 2017، بزيادة قيمة الفائدة، ولا سيما أن أسواق النفط الخام ما تزال تعاني من تُخمة في المعروض وتراجع في الطلب وعدم صعود الأسعار للمستويات المأمولة، على الرغم من قرار منظمة أوبك بخفض الإنتاج بحلول العام الجاري.
بديل استنزاف الاحتياطي
ويقول علي الجعفري، المحلل المالي في السعودية، لـ"العربي الجديد"، إن سوق السندات الدولية ما زال الخيار الأفضل لدول الخليج، على الرغم من مخاطر رفع الفائدة الأميركية المتكرر، وخاصة أن العديد من دول الخليج لم تعد قادرة على إصدار سندات محلية، خوفا من سحب السيولة من البنوك التي اشترت بالفعل الكثير من السندات.
ويضيف الجعفري أن اللجوء للقروض الخارجية، يأتي بالدرجة الأولى لحماية العملة المحلية من الضغوط، فهي لا تريد الاستمرار في السحب من الاحتياطي النقدي ولا تريد سحب السيولة من البنوك المحلية من خلال السندات المحلية، لأن هذا سيتسبب في رفع الفوائد المحلية لمستويات قياسية تهدد الاقتصاد بأكمله، وقد يتسبب في تدهور الاقتصاد أكثر، لأن شح السيولة يرفع الفائدة بين البنوك بشكل كبير. ويشير إلى أن قيمة السندات المحلية بلغت 180 مليار ريال (48 مليار دولار)، ولأجل ذلك تم سحب الكثير من النقد من البنوك، وبالتالي كان الخيار هو السندات الخارجية.
ويتابع: "في كل الأحوال، اللجوء لأسواق الدين سيقلل الاعتماد على الاحتياطيات في مسألة تمويل عجز الموازنة، ويساعد أيضا في تمويل مشاريع البنية التحتية العملاقة، وعدم توقفها، خاصة أن الاحتياطيات المالية لدول الخليج هي في الأساس مستثمرة في سندات دين لحكومات أجنبية، وهي ليست أموالا سائلة يمكن السحب منها بسهولة".
سندات بـ48.4 مليار دولار
وأظهر رصد لـ"العربي الجديد"، أن حجم إصدارات دول الخليج من السندات الدولية منذ بداية العام الماضي، 2016، بلغ نحو 48.4 مليار دولار. وشهدت دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية، قطر، الإمارات، الكويت، سلطنة عُمان، البحرين)، إصدارات متتالية للسندات الدولية منذ العام الماضي 2016، وكانت الكويت آخر هذه الدول بعد أن أصدرت في 13 مارس/ آذار الجاري سندات بقيمة 8 مليارات دولار، موزعة على 3.5 مليارات دولار لأجل 5 سنوات، و4.5 مليارات دولار لأجل 10 سنوات.
وقبل الكويت باعت سلطنة عُمان سندات دولية في وقت سابق من مارس/ آذار بنحو 5 مليارات دولار ضمن خطتها للاقتراض الخارجي لعام 2017.
وعادت السلطنة إلى سوق السندات الدولية في 2016 بعد غياب لنحو 20 عاماً.
وكانت السلطنة قد أصدرت سندات بقيمة 2.5 مليار دولار في يونيو/ حزيران الماضي، في أول إصدار منذ العام 1997، تبعها إصدار سندات بقيمة 1.2 مليار دولار في سبتمبر/ أيلول.
وللمرة الأولى أصدرت السعودية أول سنداتها الدولية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وجمعت رقماً قياسياً بلغ 17.5 مليار دولار، وجذبت اهتمام كثير من المستثمرين الدوليين في أكبر إصدار سندات لسوق ناشئة.
وأعلنت الرياض أنها تخطط للاستفادة من أسواق الدين مرة أخرى هذا العام، وسط توقعات باقتراض 12 مليار دولار أخرى.
كما جمعت حكومة قطر 9 مليارات دولار من إصدار سندات دولية في أواخر مايو/ أيار 2016، في حين أصدرت حكومة أبوظبي سندات بقيمة 4 مليارات دولار على شريحتين بعد غياب دام سبعة أعوام.
واختارت حكومة البحرين أخيراً بنوكا لإطلاق سندات دولية بقيمة 600 مليون دولار، في عملية إعادة فتح إصدار قائم مستحق في 2028، وباعت سندات بالقيمة ذاتها في فبراير/ شباط 2016.
إعادة نظر في الاقتراض
وبينما يرى خبراء أنه ليست هناك خيارات أفضل حالياً من طرح السندات الدولية لسد عجز الموازنات الخليجية، يؤكد عبدالله باعشن، المحلل المالي ورئيس مجلس إدارة شركة "تيم ون" للاستشارات المالية في السعودية، أن خطط الاقتراض قد تكون مهددة بسبب عدم استقرار الفائدة الأميركية.
ويقول باعشن لـ"العربي الجديد": "سعر الفائدة قد يكون له تأثير على خطط السندات. بعض الدول بدأت فعلاً في إعادة التفكير في جدوى إصدار سندات دولية".
لكن المحلل المالي السعودي يرى أن "وضع دول الخليج يعد أفضل من بعض الدول التي تعاني مالياً، مثل مصر واليونان على سبيل المثال، فهي لا تقترض مجبرة، بل كخيار أفضل من تسييل الاستثمارات التي تدر دخلاً أكبر".
وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية، قد توقعت أن ترتفع الديون الخليجية بشكل أكبر خلال العام الجاري، بسبب تباطؤ تعافي أسعار النفط.
وتعاني أسواق النفط الخام من تخمة المعروض ومحدودية الطلب، وتراجع سعر البرميل بأكثر من 70% من 120 دولاراً منتصف 2014، إلى نحو 27 دولاراً مطلع العام الماضي، قبل أن يصعد إلى نطاق 50 دولاراً بالمتوسط في الوقت الحالي.
وحتى وقت قريب، كانت دول الخليج الغنية بالنفط قادرة على تجاهل أسواق السندات العالمية، ولكنها لجأت إلى إصدار أدوات الدين لتغطية العجز في موازناتها الناتجة عن تدهور أسعار النفط.
وقالت وكالة فيتش في تقرير صادر في وقت سابق من مارس/ آذار الجاري، إن هبوط أسعار النفط وما تبعه من انخفاض الإيرادات النفطية، ساهم في زيادة العجز في الميزانية ودفع الدول الخليجية إلى أسواق الدين العالمية، لكن الوكالة أكدت أن سوق الدين الخليجية ما تزال جيدة مقارنة بالعائدات السلبية في الأسواق النامية، وارتفاع المخاطر في السندات الأوروبية.
كما توقعت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني العالمية، أن يسجل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء المنطقة، بحلول 2018، نحو 32% مقارنة بنسبة 10% في 2014.