تقوم الدبلوماسية المغربية في الفترة الأخيرة بحملة تواصل واسعة مع العديد من قادة وزعماء القارة الإفريقية، من خلال رسائل بعثها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى كثير منهم، دون أن يتم الإفصاح عن فحواها.
ويزور مبعوث الملك المغربي، ناصر بوريطة الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، عددا من البلدان الإفريقية، سلم خلالها رسائل خطية إلى كل من نانا أكوفو أدو، رئيس غانا، ومحمدو بوهاري رئيس نيجيريا، والرئيس المالي، إبراهيم بوبكار كييتا، وآخرين أيضا.
ويرى مراقبون أن الموضوع الرئيسي للحملة الدبلوماسية المغربية لا يخرج عن تفسير حيثيات طلب المغرب قبل فترة قصيرة انضمام المملكة إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو).
ولقي الطلب المغربي مبدئيا ترحيبا من طرف بعض زعماء الدول الإفريقية، من قبيل رئيس جمهورية النيجر الذي صرح بأن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تشكل "فضاء طبيعيا للمغرب، بالنظر إلى العلاقات التاريخية وروابط الصداقة التي تجمع المملكة بدول المنطقة، وكذا بالنظر إلى المبادرات والأعمال التي يقوم بها المغرب لفائدة هذا الفضاء".
ويؤكد الدكتور إدريس لكريني، أستاذ القانون والعلاقات الدوليين ومدير مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن هذه الرسائل تأتي في أعقاب الانضمام الرسمي للمغرب إلى الاتحاد الإفريقي؛ وتوجّهه أيضا نحو الانضمام إلى "سيدياو".
وقال لكريني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن بعث هذه الرسائل الملكية إلى زعماء أفارقة، يحمل مجموعة من الدلالات، أولها كونها صادرة عن المؤسسة الملكية التي تجسد الفاعل الرئيسي في السياسة الخارجية للمغرب.
ويضيف الخبير أن هذا المعطى يجعل تلك الرسائل تعبر عن التوجهات الرسمية للدولة المغربية، وما ينطوي عليه ذلك من تطوير للعلاقات المغربية في الدائرة الإفريقية على مختلف الواجهات.
وثاني الدلالات، يضيف لكريني، أنها تعكس وعي المغرب بأن الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي هو يجسّد في واقع الأمر بداية لجهود وتحركات مكثفة لكسب رهانات ومعارك اقتصادية واستراتيجية، وتبادل الآراء والمواقف إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية..
وأما الدلالة الثالثة، يقول المحلل ذاته، فتتجسد في كونها تعبيرا واضحا عن رغبة المغرب الحقيقية في تمتين علاقاته مع مختلف الدول الإفريقية، في إطار علاقات ندية مبنية على تشابك وتبادل المصالح، وتقاسم الخبرات ضمن سياق تعاون جنوب-جنوب".