تفجرت في الجزائر فضيحة فساد جديدة تتعلق هذه المرة بمصنع لتركيب سيارات شركة هيونداي الكورية الجنوبية أقيم في منطقة تيارت، غربي الجزائر، تبين أنه يقوم بتوريد سيارات مركبة بشكل كامل، ما عدا العجلات التي يتم تركيبها في المصنع الذي لا يتوفر على أية تجهيزات فنية أو عتاد تقني تتطلبه عمليات تركيب السيارات، كما في المصانع العالمية.
وقررت الحكومة الجزائرية إيفاد لجنة تحقيق مختلطة إلى المصنع، وأعلن وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، أن رئيس الوزراء عبد المالك سلال، كلف لجنة تفتيش مشتركة ستتوجه إلى ولاية تيارت لتفتيش ومراقبة عمل مصنع تركيب السيارات من علامة "هيونداي" الذي يمتلكه رجل الأعمال محيي الدين طحكوت.
وقام سلال بهذه الخطوة بعد الضجة الإعلامية والسياسية الكبيرة والجدل المثار حول الفضيحة، خاصة ما يتعلق بنسبة الإدماج المطبقة في السيارات المركبة في مصنع هيونداي الجزائر.
وحسب بوشوارب، فإن لجنة التفتيش ستنتقل غدا أو بعد غد على أقصى تقدير إلى ولاية تيارت من أجل الوقوف عن قرب على وضعية المصنع.
وكان المصنع قد أنشئ قبل أشهر بالتعاون بين رجل أعمال جزائري وشركة صينية، على أمل أن ينتج المصنع 25 ألف سيارة في السنة، وترتفع الى 100 ألف سيارة بعد السنوات الثلاث الأولى، لكنه تحول إلى العمل على توريد سيارات مركبة بشكل كامل، بدون عجلات، ليتم تركيب عجلاتها في المصنع، وتسجيلها كسيارة جزائرية.
واعتبر الخبراء والناشطون أن هذا الفضيحة هي احتيال متكامل، حيث تستفيد الشركة المالكة للمصنع من تسهيلات جبائية وفقا لقانون الاستثمار، ومن امتيازات كبيرة في الاستفادة من العقارات الصناعية، ناهيك عن تهريب العملة إلى الخارج.
ويتوقع أن تحدث هذه الفضيحة ردات فعل كبيرة، وخاصة أن الحكومة وجدت نفسها في ورطة حقيقية بعد انكشاف فضيحة المصنع الوهمي لتركيب السيارات.
ولا يعلق كثيرون أي أمل على إمكانية أن تفضي لجنة التحقيق إلى نتائج جدية، باعتبار أنها لجنة حكومية، والحكومة نفسها عبر رئاسة الحكومة ووزارة الصناعة ووزارة المالية، هي المسؤولة عن منح الترخيص لنشاط المصنع والمكلفة بمراقبة أعماله ومطابقتها مع القوانين المنظمة للاستثمارات والمطابقة للمعايير المطبقة في مصانع السيارات والالتزامات المعلن عنها في دفاتر الشروط الخاصة بإنشاء هذا النوع من الاستثمارات، إضافة إلى مؤسسة الجمارك التي كانت تسمح بدخول سيارات مركبة من دون عجلات ليتم تركيب العجلات في المصنع، دون أن تنبه الهيئات الحكومية إلى ما اعتبره الخبراء تحايلا مفضوحا.
في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تفجرت سلسلة من الفضائح المالية والاقتصادية، خاصة تلك التي شملت الشركة الحكومية للنفط سوناطراك والتي تورط فيها مديرها الحالي المعين منذ أيام ولد قدور، ووزير الطاقة السابق شكيب خليل، الذي يعد أبرز المقربين من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وتتعلق بتلقي عمولات ورشاوى، بحسب ما أعلن عنه النائب العام لمجلس قضاء الجزائر في أغسطس/ آب 2013، إضافة إلى فضيحة الطريق السيار شرق غرب، والتي أهدرت فيها المليارات.
ومن شان فضيحة الفساد الجديدة أن تزيد من حدة الاحتقان والإحباطات الاجتماعية وتكرس الإخفاق الاقتصادي للبلاد، خاصة عشية الانتخابات البرلمانية المقررة في الرابع من مايو/أيار المقبل، والتي تسعى السلطة من خلالها لدعوة الشعب إلى التوجه بقوة إلى مكاتب الاقتراع للتصويت.