لا يزال شد الحبال مستمراً ما بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والدول النفطية الأخرى من خارج المنظمة من جهة، والسوق العالمية بما فيها من مؤشرات، إضافة إلى إنتاج النفط الصخري من جهة أخرى.
إذ شهدت أسعار النفط الخام هبوطاً حاداً منذ نحو عامين، نزولاً من 120 دولاراً للبرميل منتصف 2014 إلى حدود 30 دولاراً في مطلع 2016.
ومن أجل إعادة الأسعار إلى الارتفاع تم التوصل إلى اتفاق لخفض الإنتاج بين أوبك و11 دولة أخرى من كبريات الدول المنتجة للنفط، ومنها روسيا، في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لخفض إجمالي الإنتاج النفطي بنحو 1.8 مليون برميل يومياً خلال النصف الأول من 2017 بداية من يناير/ كانون الثاني، وحتى يونيو/حزيران المقبل.الاتفاق لم يجد نفعاً حتى اليوم، حسب مراقبين، ولم يصل إلى مرحلة رفع أسعار البترول إلى مستويات تحمي الاقتصادات من العجز وتراجع الإيرادات.
وكانت الطموحات أن يرتفع سعر النفط إلى ما بين 65 إلى 70 دولاراً للبرميل حسب تقديرات مؤسسات مالية واستثمارية دولية، إلا أن رياح السوق العالمية لم تجر كما تشتهي سفن الدول النفطية. وذلك، بالرغم من التزام الدول النفطية بخفض الإنتاج طوال الشهرين الماضيين، حيث وصلت نسبة الالتزام، وفق تقارير أوبك، إلى أكثر من 106% بالنسبة للدول الأعضاء في المنظمة، و94% بشكل عام.
وفي حين أعلن عدد من المسؤولين ترجيح تمديد الاتفاق النفطي إلى ما بعد حزيران/يونيو، رصدت "العربي الجديد" تذبذب أسعار النفط ما قبل الاتفاق النفطي وما بعد، حتى اليوم.
النتيجة صادمة فعلاً، فاليوم الأربعاء مثلاً، سجل سعر خام برنت (وهو الخام الذي يستخدم في غالبية الدول كمؤشر لسعر النفط)، 51.55 دولاراً للبرميل في بداية التعاملات. وهذا السعر المنخفض قياساً لتوقعات أوبك وحلفائها، يوازي مثلاً السعر الذي تحقق في أوكتوبر/ تشرين الأول 2016، أي قبل التوصل إلى اتفاق خفض الإنتاج.
أكثر من ذلك، في حال مقارنة هذا السعر، بالذي تم تسجيله في نهاية يناير/ كانون الثاني 2017، وهو الشهر الذي بدأت الدول النفطية تطبيق اتفاقها، يتبين أن سعر البرميل تراجع 3 دولارات و79 سنتاً.
أما عند مقارنة السعر المسجل اليوم بالسعر المحقق في نهاية فبراير/شباط الماضي، يتبين أنه تراجع 4 دولارات و22 سنتاً، أما مقارنة بالسعر الذي تحقق في مطلع الشهر الحالي، فالتراجع يصل إلى 29 سنتاً.
أسباب كبح الارتفاع النفطي متعددة، إذ لا تزال الحرب تخنق النشاط الإنتاجي في عدد من الدول، في حين أن تراجع النمو في آسيا يؤثر مباشرة على عمليات الاستيراد وبالتالي السحب من النفط المعروض.
أما النفط الصخري، فلا يزال في مساره التصاعدي، يستفيد من الأسعار التي لم تعرف حتى اليوم أي ارتفاعات مهمة، ويضخ في السوق الأميركية التي تعتبر من أبرز الدول المستوردة للنفط، ويزيد من المخزونات التي تؤثر على الأسعار الحالية وكذا المتوقعة.
وكانت اللجنة الوزارية المشتركة لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والمنتجين غير الأعضاء أوصت خلال اجتماعها الأخير في الكويت الأسبوع الحالي، بتمديد الاتفاق العالمي لخفض إنتاج النفط لمدة ستة أشهر إضافية.
ومن المقرر أن يتم مناقشة تمديد فترة خفض الإنتاج من جانب "أوبك" بحضور منتجي النفط غير الأعضاء في اجتماعات فيينا الشهر المقبل.
(العربي الجديد)