يطالب خبازو تونس بوضع حد لنزيف المخابز العشوائية (غير المرخّصة) التي تتسبب في إتلاف نحو 900 ألف رغيف يومياً تصنع من الدقيق المدعم الموجه للطبقات الضعيفة، ما يهدّد بإلغاء الدعم وتفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين.
وأمهلت غرفة أصحاب المخابز الحكومة شهراً للتحرك نحو هذا الصنف من المخابز أو الاستغناء عن صناعة الرغيف المدعم وتحريره كليا، ما قد يتسبب في مضاعفة أسعاره إلى أكثر من ثلاث مرات السعر الحالي.
وتشتكي المخابز المنظمة التي تتمتع بالحصص الحكومية المراقبة من الدقيق المدعم من المنافسة غير الشريفة مع المخابز العشوائية التي تحصل على الدقيق المدعم بطرق غير شرعية وتستغله في صناعة أصناف من الخبز لا تخضع للتعريفة الحكومية.
ومنذ سنوات عرف قطاع المخابز نقلة نوعية في تونس بعد أن كانت صناعة الرغيف محصورة في صنفين لا ثالث لهما وهما الخبز الفرنسي أو ما يصطلح عليه محليا بـ "الباقات" والخبز العائلي، ما يعرف "بخبز بوكيلو"، غير أن توسع نشاط المخابز العصرية أدى إلى بروز أصناف جديدة من الخبز لا تتماشى في الأغلب مع القدرة الشرائية للتونسيين المعروفين باستهلاكهم الكبير للخبز.
وأدى التوسع في هذا القطاع إلى بروز المخابز العشوائية في تونس لتمثّل عبئاً على الدولة وتضرّ بحاملي البطاقة المهنية.
وحسب غرفة أصحاب المخابز، يتسبب التصنيع المفرط للخبز دون مراعاة للحاجيات الحقيقية للسوق في إتلاف 900 ألف رغيف يومياً، ما يكلّف الدولة وأصحاب المخابز المرخّصة خسائر تقدّر بنحو 80 ألف دولار أميركي يومياً، في ظل ارتفاع متواصل لفاتورة واردات الغذاء.
ويلحّ رئيس غرفة أصحاب المخابز محمد بوعنان على ضرورة التحرك الحكومي السريع في هذا المجال "للحد من العبث بقوت التونسيين"، مشددا على الأضرار الكبيرة التي يتحملها الاقتصاد جراء التلاعب بمنظومة الدعم ولا سيما منها الدقيق الموجه لصناعة الخبز.
ويعتبر بوعنان، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الوقت قد حان لاتخاذ موقف واحد في هذا الملف فإما المحافظة على الرغيف المدعم أو الذهاب كليا نحو التحرير، مؤكدا أن صمت الحكومة وعجزها عن اتخاذ إجراءات رادعة تجاه المخالفين قد يعجل بخطوة التحرير والتخلي عن الخبز المدعم ليدفع الفقراء ثمن ما وصفه باللامبالاة.
وقال رئيس غرفة أصحاب المخابز إن "من يمتلكون بطاقات مهنية ويعملون في كنف القانون تصل أعدادهم إلى ثلاثة آلاف و200 مخبز مقابل 1200 مخبز عشوائي، تنتشر 800 منها في الجهات المختلفة وتتوزّع 400 داخل العاصمة".
وأوضح أنّ توزيع الدقيق على المخابز القانونية يكون وفق إحصائية حول حاجة سكان الأحياء، ولكن نتيجة المخابز العشوائية يسجّل إنتاج كميات كبيرة من الخبز، بالإضافة إلى تهديد عدد من المخابز المنظمة بالإغلاق جرّاء أزماتها المالية.
في المقابل تدافع المخابز الحرة عن أحقيتها في النشاط، حيث أكد المجمع المهني الذي يعبر عن هذا الصنف من المخابز في بيان صدر، أخيراً، عن نية مبيتة للمخابز المتمتعة بالدقيق المدعم باحتكار منظومة الدعم وتوجيهها حسب مصالحها.
كما يندد المجمع المهني "بالمحاولات المتكررة لبعض الأطراف لتوظيف منظومة الدعم لفائدتها الخاصة عن طريق التهديد بالإضراب" مؤكداً "استعداد المخابز الحرة لمواجهة هذه التهديدات غير المسؤولة بتوفير مادة الخبز في أحسن الظروف وفي جميع الجهات".
ودعا المجمع إلى "القيام بمراجعة جذرية لمنظومة الدعم الحالية بحصر الدعم في نوع واحد من الخبز مراعاة لمصلحة المواطن ومقدرته الشرائية ورفعه عن بقية أنواع الخبز، مما سيوفر للدولة موارد مالية كبيرة يمكن توظيفها في مجالات أخرى اعتبارا للضغوطات الكبيرة، التي تعرفها ميزانية الدولة ولضرورة ترشيد نفقات الدعم وتفادي الفساد المالي بجميع أنواعه".
ويقول المدير العام للمنافسة والأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة عبد القادر التيمومي، لـ "العربي الجديد" إن فتح ملف الخبز يأتي في إطار مراجعة شاملة لمنظومة الدعم وهي محل دراسة معمقة. ويشير المسؤول في وزارة التجارة إلى أن الهياكل الحكومية على وعي بحجم الخسائر التي تتكبدها الدولة جراء الإفراط في تصنيع الخبز، وهو ما يجعلها تشدد المراقبة في توزيع الدقيق المدعم، غير أن هذه الإجراءات تبقى غير كافية في غياب إصلاح شامل للمنظومة بما يحدد نشاط المخابز حسب الحاجيات الحقيقية للسوق حسب تأكيده.
وحسب مختصين بالقطاع، يعد الدعم من الملفات الأكثر حرجا بالنسبة للحكومة، إذ إن ضغط عجز الميزان التجاري وارتفاع فاتورة واردات الغذاء قد تعجل بالتوجه نحو فرض واقع جديد تتخلى فيه الدولة عن دعم الخبز.
ووفقاً لبيانات رسمية فقد تجاوزت ميزانية الصندوق العام للتعويض (صندوق الدعم) قرابة الضعف في الفترة بين 2011 و2017، حيث قفزت من 730 مليون دينار (300 مليون دولار) إلى نحو 1.6 مليار دينار (640 مليون دولار) مقابل حصول الطبقات الضعيفة على 12% فقط من هذه الميزانية، فيما يذهب الباقي إلى الطبقات الغنية والفنادق والمطاعم. وتعمل الحكومة ضمن قانون المالية 2018 على إعادة تبويب الدعم وخفض النفقات العمومية لتفادي مزيد من التداين وإرضاء شركائها الماليين في ظل تواصل ضعف نسبة النمو التي لم تتجاوز 2.1% في الربع الأول من العام الحالي.
اقــرأ أيضاً
وأمهلت غرفة أصحاب المخابز الحكومة شهراً للتحرك نحو هذا الصنف من المخابز أو الاستغناء عن صناعة الرغيف المدعم وتحريره كليا، ما قد يتسبب في مضاعفة أسعاره إلى أكثر من ثلاث مرات السعر الحالي.
وتشتكي المخابز المنظمة التي تتمتع بالحصص الحكومية المراقبة من الدقيق المدعم من المنافسة غير الشريفة مع المخابز العشوائية التي تحصل على الدقيق المدعم بطرق غير شرعية وتستغله في صناعة أصناف من الخبز لا تخضع للتعريفة الحكومية.
ومنذ سنوات عرف قطاع المخابز نقلة نوعية في تونس بعد أن كانت صناعة الرغيف محصورة في صنفين لا ثالث لهما وهما الخبز الفرنسي أو ما يصطلح عليه محليا بـ "الباقات" والخبز العائلي، ما يعرف "بخبز بوكيلو"، غير أن توسع نشاط المخابز العصرية أدى إلى بروز أصناف جديدة من الخبز لا تتماشى في الأغلب مع القدرة الشرائية للتونسيين المعروفين باستهلاكهم الكبير للخبز.
وأدى التوسع في هذا القطاع إلى بروز المخابز العشوائية في تونس لتمثّل عبئاً على الدولة وتضرّ بحاملي البطاقة المهنية.
وحسب غرفة أصحاب المخابز، يتسبب التصنيع المفرط للخبز دون مراعاة للحاجيات الحقيقية للسوق في إتلاف 900 ألف رغيف يومياً، ما يكلّف الدولة وأصحاب المخابز المرخّصة خسائر تقدّر بنحو 80 ألف دولار أميركي يومياً، في ظل ارتفاع متواصل لفاتورة واردات الغذاء.
ويلحّ رئيس غرفة أصحاب المخابز محمد بوعنان على ضرورة التحرك الحكومي السريع في هذا المجال "للحد من العبث بقوت التونسيين"، مشددا على الأضرار الكبيرة التي يتحملها الاقتصاد جراء التلاعب بمنظومة الدعم ولا سيما منها الدقيق الموجه لصناعة الخبز.
ويعتبر بوعنان، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الوقت قد حان لاتخاذ موقف واحد في هذا الملف فإما المحافظة على الرغيف المدعم أو الذهاب كليا نحو التحرير، مؤكدا أن صمت الحكومة وعجزها عن اتخاذ إجراءات رادعة تجاه المخالفين قد يعجل بخطوة التحرير والتخلي عن الخبز المدعم ليدفع الفقراء ثمن ما وصفه باللامبالاة.
وقال رئيس غرفة أصحاب المخابز إن "من يمتلكون بطاقات مهنية ويعملون في كنف القانون تصل أعدادهم إلى ثلاثة آلاف و200 مخبز مقابل 1200 مخبز عشوائي، تنتشر 800 منها في الجهات المختلفة وتتوزّع 400 داخل العاصمة".
وأوضح أنّ توزيع الدقيق على المخابز القانونية يكون وفق إحصائية حول حاجة سكان الأحياء، ولكن نتيجة المخابز العشوائية يسجّل إنتاج كميات كبيرة من الخبز، بالإضافة إلى تهديد عدد من المخابز المنظمة بالإغلاق جرّاء أزماتها المالية.
في المقابل تدافع المخابز الحرة عن أحقيتها في النشاط، حيث أكد المجمع المهني الذي يعبر عن هذا الصنف من المخابز في بيان صدر، أخيراً، عن نية مبيتة للمخابز المتمتعة بالدقيق المدعم باحتكار منظومة الدعم وتوجيهها حسب مصالحها.
كما يندد المجمع المهني "بالمحاولات المتكررة لبعض الأطراف لتوظيف منظومة الدعم لفائدتها الخاصة عن طريق التهديد بالإضراب" مؤكداً "استعداد المخابز الحرة لمواجهة هذه التهديدات غير المسؤولة بتوفير مادة الخبز في أحسن الظروف وفي جميع الجهات".
ودعا المجمع إلى "القيام بمراجعة جذرية لمنظومة الدعم الحالية بحصر الدعم في نوع واحد من الخبز مراعاة لمصلحة المواطن ومقدرته الشرائية ورفعه عن بقية أنواع الخبز، مما سيوفر للدولة موارد مالية كبيرة يمكن توظيفها في مجالات أخرى اعتبارا للضغوطات الكبيرة، التي تعرفها ميزانية الدولة ولضرورة ترشيد نفقات الدعم وتفادي الفساد المالي بجميع أنواعه".
ويقول المدير العام للمنافسة والأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة عبد القادر التيمومي، لـ "العربي الجديد" إن فتح ملف الخبز يأتي في إطار مراجعة شاملة لمنظومة الدعم وهي محل دراسة معمقة. ويشير المسؤول في وزارة التجارة إلى أن الهياكل الحكومية على وعي بحجم الخسائر التي تتكبدها الدولة جراء الإفراط في تصنيع الخبز، وهو ما يجعلها تشدد المراقبة في توزيع الدقيق المدعم، غير أن هذه الإجراءات تبقى غير كافية في غياب إصلاح شامل للمنظومة بما يحدد نشاط المخابز حسب الحاجيات الحقيقية للسوق حسب تأكيده.
وحسب مختصين بالقطاع، يعد الدعم من الملفات الأكثر حرجا بالنسبة للحكومة، إذ إن ضغط عجز الميزان التجاري وارتفاع فاتورة واردات الغذاء قد تعجل بالتوجه نحو فرض واقع جديد تتخلى فيه الدولة عن دعم الخبز.
ووفقاً لبيانات رسمية فقد تجاوزت ميزانية الصندوق العام للتعويض (صندوق الدعم) قرابة الضعف في الفترة بين 2011 و2017، حيث قفزت من 730 مليون دينار (300 مليون دولار) إلى نحو 1.6 مليار دينار (640 مليون دولار) مقابل حصول الطبقات الضعيفة على 12% فقط من هذه الميزانية، فيما يذهب الباقي إلى الطبقات الغنية والفنادق والمطاعم. وتعمل الحكومة ضمن قانون المالية 2018 على إعادة تبويب الدعم وخفض النفقات العمومية لتفادي مزيد من التداين وإرضاء شركائها الماليين في ظل تواصل ضعف نسبة النمو التي لم تتجاوز 2.1% في الربع الأول من العام الحالي.