ظهرت في الأفق خلال الأيام الأخيرة، أزمة نقص أسمدة بأنواعها كافة في الجمعيات التابعة لوزارة الزراعة في عدد من محافظات مصر، الأمر الذي يهدد الزراعات الشتوية.
واستغل تجّار السوق السوداء الأزمة فقاموا برفع حاد لأسعار الأسمدة في ظل غياب الرقابة الحكومية، ما أدى إلى مزيد من الأعباء على المزارعين.
وسجل سعر طن سماد اليوريا المدعّم بالجمعيات الزراعية 3290 جنيها (الدولار = 17.9 جنيها) في حين وصل في السوق السوداء إلى 5700 جنيه، في حين ارتفع سعر النترات من 3190 إلى 5500 جنيه للطن في السوق السوداء، فضلاً على ارتفاع أنواع الأسمدة الأخرى.
وجاءت أزمة الأسمدة في ظل العديد من العقبات التي تواجه المزارعين ومنها ارتفاع أسعار الوقود وزيادة تكلفة الزراعة الفدان، وسط توقعات بارتفاع أسعار المحاصيل من الخضروات والفواكه على المستهلكين.
وأرجع مسؤول بوزارة الزراعة المصرية، نقص الأسمدة إلى قلة حصة المحافظات الواردة إليها من المصانع، والتي لا تكفي سوى 50% من حاجة المزارعين، مما أدى إلى ظهور السوق السوداء بالعديد من المحافظات، مشيراً إلى أن الأزمة تهدد قطاع الزراعة الشتوية في المحافظات.
وقال المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، إن ظاهرة نقص الأسمدة تتكرر سنوياً في البلاد، مع بداية الزراعات الشتوية والصيفية، دون تدخل من قبل الجهات الحكومية، بسبب ضعف الإمكانيات وعدم وجود رقابة حكومية كافية في هذا المجال.
وأضاف المسؤول أن أزمة نقص الأسمدة تعد القضية الأولى التي تشغل بال المزارع المصري حاليا، منوهاً أن إنتاج الأسمدة الكيماوية كان يصل في السابق إلى 15 مليون طن، وما يتم استهلاكه محليًا حوالي 9 ملايين طن، والباقي يتم تصديره إلي الخارج.
وتعاني شركات الأسمدة سواء الحكومية أو الخاصة من ارتفاع سعر توريد وحدات الغاز الطبيعي الذي يشكل العمود الفقري لصناعة الأسمدة إلى مصانعها، فضًلا عن عدم تحديد سعر عادل لمنتجاتها من الأسمدة الآزوتية، ما يجعلها تفضل توجيه إنتاجها إلي الأسواق الخارجية.
وقد انعكست أزمات صناعة الأسمدة على القطاع الزراعي الذي يكافح من أجل الصمود في وجه الارتفاعات المتتالية في أسعار مدخلات الإنتاج، وعقبات أخرى منها شح المياه.
وطالب مزارعون بسرعة تدخل المسؤولين في الحكومة المصرية، بعد أن بدأت أزمة نقص الأسمدة تظهر خلال الآونة الأخيرة، ما يهدد بخسارة كبيرة للزراعات الشتوية في محافظات مصر.
وفي هذا السياق، حذر نقيب الفلاحين حسين أبو صدام من تلك الأزمة المتكررة سنوياً، والتي تنعكس بالسلب على إنتاجية الفدان وتعرض المزارعين للخسارة وتلف المحاصيل بسبب قلة الأسمدة وارتفاع أسعارها بالسوق السوداء، لافتاً إلى أن هناك مزارعين لم يصرفوا مستحقاتهم من الأسمدة الشتوية حتى اليوم، فضلاً عن أن هناك مزارعين صرفوا نصف الكمية وبعضهم الآخر صرف ربع الكمية المقررة.
وطالب بسرعة توفير الأسمدة الشتوية وتسليمها إلى المزارعين عن طريق الجمعيات الزراعية، والتصدي لأي اختناقات في الأسواق، لضمان إنتاج وفير من كافة المحاصيل.
وقال نقيب الفلاحين إن استمرار ارتفاع أسعار الأسمدة كل عام دون تعويض للفلاحين، يؤدي إلى حرق أقواتهم، وحرمان مصر من التنمية الزراعية الحقيقية، مشيرًا إلى أن استمرار الأزمة تضر بالمزارع والمستهلك معاً.
وأكد أن قيام بعض المصانع ببيع الأسمدة بالسوق السوداء أدى لمزيد من الغلاء لهذه السلعة الحيوية والمهمة. وتوقع أن يكون ذلك بداية لخصخصة شركات القطاع العام التي تنتج الأسمدة في إطار سعى الحكومة لبيع الشركات الحيوية في إطار برنامج الخصخصة.
وشهد إنتاج محاصيل استراتيجية مصرية تراجعا حادا، منها الأرز والقمح والقطن، حسب بيانات رسمية، ما دفع الحكومة والقطاع الخاص إلى الاتجاه نحو مزيد من الاستيراد لتلبية الاحتياجات المحلية المتزايدة من هذه السلع الضرورية ما أرهق مالية البلاد المتأزمة.
وحسب بيانات رسمية، تعد مصر أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم بكميات تصل إلى نحو 10 ملايين طن سنويا، كما فتحت الحكومة استيراد الأرز بعد أن كانت تصدره حتى وقت قريب بسبب شح المياه، إذ صدر قرار بتقليص مساحة زراعته. وكان وزير الموارد المائية والري، محمد عبد العاطي، قد أعلن عن تخفيض المساحة المزروعة بالأرز من 1.1 مليون فدان العام الماضي، إلى 724 ألف فدان هذا العام.