على الرغم مما يشهده قطاع الفوسفات التونسي من صعوبات، لا تزال الحكومة تطارد حلما بتصدرها قائمة الدول العالمية المنتجة لهذه المادة، مدفوعة ببرنامج طموح لاستغلال مناجم جديدة تحتوي على أرصدة مهمة قادرة إلى رفع إنتاج البلاد إلى 15 مليون طن سنوياً.
ويمثل مشروع منجم صراورتان شمال غربي البلاد، البوابة الجديدة التي تنوي الحكومة الدخول عبرها إلى مصاف كبار المنتجين بعدما أثبتت الدراسات المنجزة أن احتياطي شركة فوسفات قفصة لا يتعدى سدس احتياطي منجم صراورتان، الأمر الذي دفع الحكومة إلى التفكير جديا في البحث عن شريك أجنبي يكفل تقدم إنجاز المشروع ووضعه مجدداً على الخريطة العالمية.
كانت تونس رابع أكبر منتج للفوسفات في العالم، إذ بلغ عام 2010 نحو 8.2 ملايين طن، لكنها تخلت عن هذا المركز وتراجع إنتاجها عام 2016 إلى 2.6 مليون طن، بخسائر تجاوزت ملياري دولار، قبل أن يرتفع الانتاج مجددا إلى 4.5 ملايين طن عام 2017.
وعرف قطاع الفوسفات على امتداد السنوات التي تلت الثورة عديداً من الإشكاليات بسبب احتجاجات اجتماعية في منطقة الحوض المنجمي تسببت في وقف الإنتاج لفترات طويلة على رغم تهديد الحكومة بعسكرة المناجم لحمايتها في أكثر من مناسبة.
وتتشكل منطقة الحوض المنجمي المنتج الرئيسي لهذه الثروة في محافظة قفصة جنوب غربي البلاد من 4 مراكز إنتاج أساسية، هي المتلوي والرديف وأم العرايس والمظيلة، فيما يعد مركز المتلوي الأهم بسبب استحواذه على 75% من الإنتاج.
وعلى رغم الثراء الطبيعي لهذه المنطقة، إلا أنها ظلت خارج خريطة التنمية وتحتل مقدمة المحافظات الأكثر فقرا في البلاد، ما أدى إلى تواتر الاحتجاجات الاجتماعية التي اندلعت شرارتها الأولى عام 2008، وتصدى لها نظام "بن علي" بالمحاصرة والقمع البوليسي.
وتعتبر الأسواق الأسيوية والأميركية اللاتينية والأوروبية أبرز المستوردين العالميين للفوسفات التونسي الذي تمثل عائداته 10% من إجمالي إيرادات صادرات البلاد، فضلا عن توفيره لـ30 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
ويرى الخبير الدولي في استراتيجيات التنمية صادق جبنون أن فرضية الاحتجاجات في منطقة الفوسفات تبقى قائمة ما لم تعتمد الحكومة على منوال تنمية جديد لا يقوم على إنتاج هذه المادة.
وقال جبنون، لـ"العربي الجديد"، إن إنتاج الفوسفات مهدد لضعف إمكانات التشغيل في المنطقة وغياب البنى التحتية التي تسهل الاستثمار، ما يجعل شركة الفوسفات الحكومية تتحمل أعباء المنطقة بأسرها.
ودعا الخبير الدولى في استراتيجيات التنمية إلى الاستفادة من تجارب دول الجوار ولا سيما منها المغرب الأقصى الذي نجح في تحسين مؤشرات التنمية في منطقة الخريبقة المنجمية عبر توفير إطار سكني وحضري بعيدا عن مناطق الانتاج وتأثيراته السلبية.
وأكد إمكان الاعتماد على جزء من عائدات الفوسفات في تأسيس صندوق استثماري يموّل مشاريع خالقة لفرص العمل خارج قطاع الفوسفات، مشيرا إلى أن المجمع الشريفي للفوسفات في المغرب نجح عبر مؤسسته النفعية في هذه التجربة، ما مكن المغرب من تجنب انقطاعات الإنتاج وتحسين إنتاجه والفوز بالأسواق التي فقدتها تونس حسب قوله.
وقال المدير المركزي للتنظيم والنظام المعلوماتي في المجمع الكيميائي التونسي، حاتم الطريقي، لـ"العربي الجديد" إن المنتجات التونسية أصبحت اليوم تقريبا غير مصنفة عالميا، مؤكدا على أن الخسائر المتراكمة منذ عام 2012 لغاية 2017 في المجمع بلغت 440 مليون دينار، أي نحو 183 مليون دولار، مقابل أرباح كانت تقارب 451 مليون دينار سنة 2010، ما يعادل 187 مليون دولار.
وأشار إلى أن عمر شركة فوسفات قفصة يفوق 130 سنة، ما سمح بتطوير أنشطة موازية، منها المجمع الكيميائي المختص في تثمين الفوسفات وتصديره، إلى جانب شركة السكك الحديد التي تؤمن الربط من مواقع الإنتاج والتحويل نحو الموانئ التجارية.
وفي بداية ديسمبر/ كانون الأول 2016، أعلنت وزارة النقل عن صفقة مع أميركا لاقتناء 20 قاطرة جديدة ذات حمولة تتجاوز 2400 طن للقاطرة الواحدة، مقابل سعة لا تتعدى 1500 طن للقاطرات المستعملة حاليا.
وقالت الحكومة حينها إنها تسعى إلى رفع قدرة نقل الفوسفات إلى 11 مليون طن سنويا، وإلى تحديث البنية التحتية للسكك في مواقع الإنتاج، وتحتاج تونس إلى العودة سريعاً لموقعها العالمي في تصدير الفوسفات بهدف زيادة إيراداتها والحد من الأزمة المالية الحادة التي تعاني منها البلاد على مدار السنوات الماضية.
وفي هذا السياق، اندفع محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، إلى التأكيد على أن مؤشرات تونس الاقتصادية "مخيفة" وتعكس عمق الأزمة في البلد، لافتاً إلى أن عجز ميزان المعاملات الجارية بلغ 10% للمرة الأولى.
ويمثل مشروع منجم صراورتان شمال غربي البلاد، البوابة الجديدة التي تنوي الحكومة الدخول عبرها إلى مصاف كبار المنتجين بعدما أثبتت الدراسات المنجزة أن احتياطي شركة فوسفات قفصة لا يتعدى سدس احتياطي منجم صراورتان، الأمر الذي دفع الحكومة إلى التفكير جديا في البحث عن شريك أجنبي يكفل تقدم إنجاز المشروع ووضعه مجدداً على الخريطة العالمية.
كانت تونس رابع أكبر منتج للفوسفات في العالم، إذ بلغ عام 2010 نحو 8.2 ملايين طن، لكنها تخلت عن هذا المركز وتراجع إنتاجها عام 2016 إلى 2.6 مليون طن، بخسائر تجاوزت ملياري دولار، قبل أن يرتفع الانتاج مجددا إلى 4.5 ملايين طن عام 2017.
وعرف قطاع الفوسفات على امتداد السنوات التي تلت الثورة عديداً من الإشكاليات بسبب احتجاجات اجتماعية في منطقة الحوض المنجمي تسببت في وقف الإنتاج لفترات طويلة على رغم تهديد الحكومة بعسكرة المناجم لحمايتها في أكثر من مناسبة.
وتتشكل منطقة الحوض المنجمي المنتج الرئيسي لهذه الثروة في محافظة قفصة جنوب غربي البلاد من 4 مراكز إنتاج أساسية، هي المتلوي والرديف وأم العرايس والمظيلة، فيما يعد مركز المتلوي الأهم بسبب استحواذه على 75% من الإنتاج.
وعلى رغم الثراء الطبيعي لهذه المنطقة، إلا أنها ظلت خارج خريطة التنمية وتحتل مقدمة المحافظات الأكثر فقرا في البلاد، ما أدى إلى تواتر الاحتجاجات الاجتماعية التي اندلعت شرارتها الأولى عام 2008، وتصدى لها نظام "بن علي" بالمحاصرة والقمع البوليسي.
وتعتبر الأسواق الأسيوية والأميركية اللاتينية والأوروبية أبرز المستوردين العالميين للفوسفات التونسي الذي تمثل عائداته 10% من إجمالي إيرادات صادرات البلاد، فضلا عن توفيره لـ30 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
ويرى الخبير الدولي في استراتيجيات التنمية صادق جبنون أن فرضية الاحتجاجات في منطقة الفوسفات تبقى قائمة ما لم تعتمد الحكومة على منوال تنمية جديد لا يقوم على إنتاج هذه المادة.
وقال جبنون، لـ"العربي الجديد"، إن إنتاج الفوسفات مهدد لضعف إمكانات التشغيل في المنطقة وغياب البنى التحتية التي تسهل الاستثمار، ما يجعل شركة الفوسفات الحكومية تتحمل أعباء المنطقة بأسرها.
ودعا الخبير الدولى في استراتيجيات التنمية إلى الاستفادة من تجارب دول الجوار ولا سيما منها المغرب الأقصى الذي نجح في تحسين مؤشرات التنمية في منطقة الخريبقة المنجمية عبر توفير إطار سكني وحضري بعيدا عن مناطق الانتاج وتأثيراته السلبية.
وأكد إمكان الاعتماد على جزء من عائدات الفوسفات في تأسيس صندوق استثماري يموّل مشاريع خالقة لفرص العمل خارج قطاع الفوسفات، مشيرا إلى أن المجمع الشريفي للفوسفات في المغرب نجح عبر مؤسسته النفعية في هذه التجربة، ما مكن المغرب من تجنب انقطاعات الإنتاج وتحسين إنتاجه والفوز بالأسواق التي فقدتها تونس حسب قوله.
وقال المدير المركزي للتنظيم والنظام المعلوماتي في المجمع الكيميائي التونسي، حاتم الطريقي، لـ"العربي الجديد" إن المنتجات التونسية أصبحت اليوم تقريبا غير مصنفة عالميا، مؤكدا على أن الخسائر المتراكمة منذ عام 2012 لغاية 2017 في المجمع بلغت 440 مليون دينار، أي نحو 183 مليون دولار، مقابل أرباح كانت تقارب 451 مليون دينار سنة 2010، ما يعادل 187 مليون دولار.
وأشار إلى أن عمر شركة فوسفات قفصة يفوق 130 سنة، ما سمح بتطوير أنشطة موازية، منها المجمع الكيميائي المختص في تثمين الفوسفات وتصديره، إلى جانب شركة السكك الحديد التي تؤمن الربط من مواقع الإنتاج والتحويل نحو الموانئ التجارية.
وفي بداية ديسمبر/ كانون الأول 2016، أعلنت وزارة النقل عن صفقة مع أميركا لاقتناء 20 قاطرة جديدة ذات حمولة تتجاوز 2400 طن للقاطرة الواحدة، مقابل سعة لا تتعدى 1500 طن للقاطرات المستعملة حاليا.
وقالت الحكومة حينها إنها تسعى إلى رفع قدرة نقل الفوسفات إلى 11 مليون طن سنويا، وإلى تحديث البنية التحتية للسكك في مواقع الإنتاج، وتحتاج تونس إلى العودة سريعاً لموقعها العالمي في تصدير الفوسفات بهدف زيادة إيراداتها والحد من الأزمة المالية الحادة التي تعاني منها البلاد على مدار السنوات الماضية.
وفي هذا السياق، اندفع محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، إلى التأكيد على أن مؤشرات تونس الاقتصادية "مخيفة" وتعكس عمق الأزمة في البلد، لافتاً إلى أن عجز ميزان المعاملات الجارية بلغ 10% للمرة الأولى.