انتشرت في العديد من المحافظات العراقية مشاريع تربية النحل، التي وجد فيها آلاف الشباب فرصا للعمل والرزق، بينما لا تتطلب تكاليف مالية كبيرة مقارنة بالعديد من المشاريع الأخرى.
وتشير تقديرات وزارة الزراعة حتى مطلع يونيو/حزيران الجاري إلى وجود أكثر من 5 آلاف حقل لتربية النحل أنشئت حديثا من قبل مواطنين، وأن أغلبها بدأ الإنتاج وإثراء السوق المحلية بانواع مختلفة من العسل.
ويعود أغلب المناحل لشباب عاطلين عن العمل، وقسم كبير منهم خريجو جامعات دخلوا هذا المجال بسبب وجود بيئة طبيعية مناسبة لتربية النحل وإمكانية تحقيق ربح جيد فضلا عن سهولة المشروع، إذ بالإمكان أن يديره ما بين خمسة إلى سبعة أشخاص.
وتحتل العاصمة بغداد وسط العراق، ومدن أربيل والسليمانية (شمال) وديالى (شرق) والقادسية وبابل والمثنى (جنوب) والأنبار (غرب) صدارة مدن العراق في مزارع النحل.
ويقول أحمد عبد الرحمن العمري المستشار في وزارة الزراعة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن تربية النحل لا تحتاج إلى ماء أو تكاليف مالية ولا حتى مساحات كبيرة، وتنتشر في مناطق طبيعية ذات غطاء نباتي واسع كالغابات شمال العراق والبساتين في الوسط والجنوب والغرب.
ويضيف العمري أن نحو خمسة آلاف منحل جديد جرى إنشاؤه خلال فترة عامين فقط، وهو رقم كبير يضاف إلى المناحل القديمة الموجودة بالبلاد، وتغطي ما نسبته نحو 50% من حاجة السوق العراقية للعسل، مشيراً إلى أنه رغم أن الكثير من المناحل بدائية العمل من حيث الخلايا ووسائل التربية والحماية للنحل ونوع ما يتغذى عليه من أزهار، إلا أنها تحقق تقدما كبيرا.
ويلفت إلى أن سبب انتشار المناحل هو أن أغلب العاطلين عن العمل لجأوا إلى مشاريع مختلفة للعمل ومنها المناحل، وهناك من اتجه إلى حقول تربية الأسماك أو تسمين العجول أو إنشاء مصنع تنقية وتعقيم مياه شرب، وكلها مشاريع لا يمكن أن تخسر بسبب حاجة السوق المستمرة لها، مضيفا أن أكثر من 30 ألف عراقي انضموا إلى سوق تربية النحل منذ عامين، والأمر لا يقتصر على المربين بل مروجي وموزعي العسل في الأسواق.
وبعدما كانت تربية النحل تقتصر على عائلات ترث هذه المهنة في العراق، تحولت إلى مهنة عادية يمكن فهم تفاصيلها من على مواقع على شبكة الإنترنت مثل يوتيوب وممارستها كما يقول عدي الفضل 35 عاماً، الذي يقول لـ"العربي الجديد" إنه عمل في تربية النحل كهواية في البداية، قبل أن يتحول الأمر إلى مهنة.
ويضيف: "أبرز المشاكل التي تواجهني في تربية النحل مرض الفارو، وهي حشرة من الطفيليات التي من الممكن أن تقضي على خلايا النحل بشكل كامل، وليس الفارو لوحدها من الأمراض الخطرة التي نخشاها، كذلك تعفن الحاضنة وهو مرض خطير ومعد، ويعتبر من أخطر الأمراض التي تصيب حاضنة العسل وتسبب أضراراً فادحة للمناحل".
وأهم المشاكل التي واجهت مربي النحل في العراق هذا العام، هي سوء الأحوال الجوية، وتأخر المطر الذي تساقط بعد أن اكتملت الزهور وتفتحت، ولم تحصل النحلة على الرحيق، فعادت تأكل من خزينها، وفق الفضل.
ويباع العسل في العراق بأسعار مختلفة بحسب نوعه، لكنه يتراوح ما بين 25 ألف دينار (نحو 20 دولاراً) إلى 60 ألف دينار، والجبلي منه يباع بسعر 100 ألف دينار تقريبا، وهو أغلى الأنواع بالعراق ويعد سعرا مناسبا مقارنة بالمستورد التركي والإيراني واللبناني أو اليمني، وفق تجار.
ويقول المواطن عماد العلي (40 عاماً) لـ"العربي الجديد"، إنه يشتري العسل من مناحل معروفة، "لمعرفتي المصدر وضمان العسل الطبيعي بعكس المستورد، الذي جربناه وكان أغلبه مغشوشا وصناعيا، ليس طبيعياً كما العسل في مناحلنا العراقية".
ويشير الحاج عباس صبيح، بائع عسل: "هناك نوعان من العسل، جبلي ومصدره جبال كردستان العراق، والآخر منتشر في مزارع المحافظات الأخرى، مشيرا إلى تفاوت الأسعار بين الأنواع المختلفة.
ولا توجد إحصاءات دقيقة حول نسبة البطالة في العراق، إلا أن تقديرات خبراء تشير إلى وصولها لنحو 30% في ظل تردي الظروف الاقتصادية للدولة، في ظل تراجع أسعار النفط والحرب التي خاضتها الحكومة ضد تنظيم داعش على مدار أكثر من عامين ماضيين.
وأطلقت الحكومة استراتيجية لتخفيف الفقر خلال الفترة من 2018 إلى 2022 بالتعاون مع البنك الدولي، وخصص لها مبلغ 3.4 مليارات دولار لتنفيذ 32 مشروعاً. وتصل نسبة الفقر في المناطق المحررة إلى 41.2% وفي مناطق الجنوب 30% والوسط 23% وإقليم كردستان شمال البلاد 12.5%.