تمكنت تونس، يوم الثلاثاء، من تفعيل اتفاق تجاري "مجمد" مع جارتها الجنوبية ليبيا يسمح باستئناف توريد تجار تونسيين سلعا ليبية عبر معبر راس جدير الحدودي بعد توقف التجارة عبره لأكثر من 3 سنوات، الأمر الذي سبّب صعوبات معيشية كبيرة لتجار الجنوب التونسي ممن يشتغلون في النشاط التجاري.
ويقضي الاتفاق المفعّل بتمكين التجار التونسيين من إحضار قائمة من السلع من ليبيا بما قيمته 10 آلاف دينار ليبي (نحو 7 آلاف دولار أميركي) في كل سفرة، مع حظر توريد المواد المدعمة من الحكومة الليبية، على أن يدفع التجار التونسيون للجمارك الليبية "ضريبة السفر".
ويأتي تفعيل الاتفاق المجمّد بعد سلسلة من المفاوضات قادتها السلطات المحلية من الجانبين، بحسب ما أكده رئيس المجلس المحلي في مدينة بن قردان الحدودية، فتحي العبعاب، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن عودة الحركة التجارية عبر معبر راس جدير ستسمح بتنشيط الاقتصاد في مدن الجنوب وتوفير فرص عمل جديدة.
كما أشار إلى أن التجار التونسيين تعرضوا لصعوبات كبيرة في الفترة السابقة بسبب تشدد الجمارك الليبية معهم ومنعهم من توريد السلع التي تحتاج إليها الأسواق.
وأضاف أن هذا الاتفاق تعثر في وقت سابق، مبديا تخوفا من أن يكون فتح المعبر لأغراض انتخابية بدفع من أحزاب سياسية تسعى لاستمالة الناخبين عبر هذا القرار.
وأفاد في سياق متصل بأن لجنة مشتركة من المسؤولين المحليين لدى الجانبين التونسي والليبي تعمل على استدامة الاتفاق وحل كل الإشكاليات التي يتعرض لها التجار من الجانبين لضمان انسياب الحركة التجارية.
وفي مارس/ آذار الماضي، أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، قراراً بشأن تنظيم نقل السلع إلى تونس، نص على إتاحة اصطحاب المسافر للبضائع، سواء كان ليبياً أو أجنبياً، لكنه حظر في المقابل اصطحاب السلع الممنوع تصديرها.
وبحسب القرار الجديد، يُسمح للتجار التونسيين بتوريد السلع من ليبيا بما قيمته 10 آلاف دينار ليبي من دون تحديد لعدد السفرات اليومية لأي تاجر نحو ليبيا.
كذلك سمح القرار الليبي بتوريد قائمة من المواد الإلكترونية والمفروشات وغيرها، ما عدا المواد التموينية المدعومة من حكومة طرابلس والتي بقيت مستثناة من القائمة.
وأثار قرار فك حظر توريد السلع الليبية إلى تونس حينها غضب اتحاد جمعيات حماية المستهلك في ليبيا، الذي وصف القرار بغير الصائب.
وتعوّل السلطات المحلية في جنوب تونس على أن يساهم القرار الليبي بفك الحصار على التوريد في إطار ما يعرف بـ"التجارة الموازية" لإنقاذ آلاف العائلات التي تعيش من التجارة البينية في المنطقة وتوفر السلع لمحافظات تونسية عديدة تقصد المناطق الحدودية للبحث عن مبتغاها من المواد الإلكترونية والمفروشات والمنسوجات.
وفي يوليو/ تموز وأغسطس/ آب 2018، شهدت المعابر الحدودية بين البلدين توتراً حادا بسبب اشتباكات بين تجّار تونسيين والسلطات المحلية الليبية، ما تسبب في غلق معبري راس جدير والذهيبة وازن لأكثر من 8 أسابيع.
ومن المفترض أن تبدأ تونس عام 2021 في استغلال منطقة تجارية حرة في مدينة بن قردان الحدودية، الأمر الذي يستحدث أكثر من 6 آلاف فرصة عمل.
وتسعى الحكومة التونسية إلى تنظيم وهيكلة النشاط التجاري الحالي وجلب الاستثمار وإدماج الناشطين في القطاع المهيكل والتأسيس لقاعدة تجارية بمواصفات عالمية.