حصلت إيران على عقد من النظام السوري لبناء 200 ألف وحدة سكنية في سورية، بحسب ما أعلن مسؤول إيراني، وفي المقابل حذر مراقبون من أن المشروع الجديد يستهدف بناء ضاحية جنوبية في دمشق على غرار ضاحية بيروت، على أمل أن تبني طهران ولاءً شعبياً لها في سورية لتكرر استراتيجيتها في العراق.
ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية عن نائب رئيس جمعية المقاولين في طهران، إيرج رهبر، أنّه "تم إبرام مذكرة تفاهم بين البلدين تبني بموجبها إيران 200 ألف وحدة سكنية في سورية".
وأضاف رهبر أن مذكرة التفاهم المبرمة تقضي ببناء مدينة و200 ألف وحدة سكنية، مرجحا تنفيذ المذكرة في غضون الأشهر الثلاثة القادمة.
وأوضح المسؤول الإيراني أن الأعمال الإنشائية المزمعة تتركّز في العاصمة دمشق، لافتًا إلى إمكانية حصول سورية على خط ائتمان من إيران بقيمة ملياري دولار.
وقال نائب رئيس جمعية مقاولي طهران: "إن الجانب السوري يرغب بشدة بحضور المقاولين الإيرانيين في إعادة إعمار البلاد".
وفي سياقٍ منفصل، نقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية عن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، قوله إن بلاده "حققت أكثر من 90 في المائة من أهدافها في سورية"، موضحاً أن إيران ستبقى موجودة طالما أن ما وصفها بـ"الحكومة الشرعية" تريد ذلك، في إشارة إلى حكومة نظام الأسد.
واعتبر الباحث والخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هذه العقود هدفها إرضاء الشارع الإيراني قبل حكومة طهران، للإيحاء له بأنّه يتم تعويض الخسائر الإيرانية التي تم دفعها لدعم النظام السوري.
وأكد الكريم أن هذه الوحدات السكنية خاسرة لأنّها منخفضة الجودة والتكاليف وبالتالي رخيصة الثمن، وأن إيران تعلم تماماً أنّها مشاريع خاسرة، ولا سيما مع وجود مخاطر انخفاض الليرة السورية، ولكن إيران تريد بناء ضاحية جنوبية في دمشق على غرار ضاحية بيروت، على أمل أن تبني ولاءً شعبياً وتغيّر الاتجاهات السياسية من خلال اللعب مع الناس البسطاء، وهو ما برز في استراتيجيتها في العراق.
وقال الكريم: "الإيرانيون لم يحصلوا على أي عقود استراتيجية أو هامة في ظل وجود روسيا التي سيطرت على معظم قطاعات إعادة الإعمار الحيوية، فاتجهوا إلى قطاع إنشاء الوحدات السكنية"، موضحاً أن فشل إيران بالحصول على عقود سيادية بسبب هيمنة روسيا، جعل الداخل الإيراني مستاءً من النظام السوري، لأن حجم التضحيات لصالح النظام قُوبل بنكران الجميل، وهذا يظهر من خلال الإعلام الإيراني.
وأضاف الكريم أن إيران غيرت استراتيجيتها من الحصول على عقود سيادية بسبب قوة الروس وعدم رغبة إيران بالصدام معهم كون إيران بحاجة إلى روسيا، وانتقلت نحو الحصول على امتيازات غير سيادية، لافتاً إلى أن النظام استفاد من ناحية تأمين الوحدات السكنية، والتي يصعب حالياً على السوريين الحصول عليها في ظل ارتفاع الأسعار.
ويرى الكريم أن هذا المشروع يُظهر بشكل واضح أن نظام الأسد اتخذ قراراً باستبعاد إيران نهائياً من الملفّات السيادية، لأنه اليوم أمام خيارين إما السقوط، وهذا مستبعد حالياً، وإما الانقلاب على الإيرانيين وطردهم وتغيير وجودهم من سياسي وعسكري إلى اقتصادي، ولكن بمشاريع بسيطة ليس لها أي بعد سيادي كإنشاء الوحدات السكنية.
كما أشار إلى أن النظام السوري أراد إمساك العصا من المنتصف، حيث منح إيران عقود تأسيس وحدات سكنية لمحاولة إرضائها.
وكان وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام السوري سامر الخليل، قد كشف أواخر شهر يناير/ كانون الثاني، أن "الشركات الإيرانية ستتمتع بالأولوية في إعادة إعمار سورية خلال مرحلة ما بعد انتهاء الحرب في هذه البلاد".
وأضاف الخليل، خلال لقائه رئيس غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة في إيران، غلام حسين شافعي: "بدأنا نضع يدنا على المشاكل والعوائق التي تقف في طريق تطوير العلاقات بين البلدين ونسعى لحلها".
وتسعى إيران إلى إيجاد موطئ قدم لها في إعادة إعمار سورية، لتعويض الخسائر التي لحقت بها جراء دفاعها عن نظام بشار الأسد، لكن هذه الطموحات تصطدم بالعوائق الروسية التي سيطرت على الساحل وقطاع النفط والفوسفات وغيرها.