إلا أن المفارقة تكمن في أنه يعمل في صندوق النقد الدولي، ما يقرب من 2400 موظف، لا يدفع أي منهم ضرائب، وفقاً للقانون الذي يحكم عمل المنظمات الدولية، وفق تقارير ترصد عمل هذه المنظمة.
وتحصل لاغارد على دخل يقترب من 550 ألف دولار سنوياً، أي أكثر مما يحصل عليه دونالد ترامب رئيس أميركا، ولا يقتطع منه دولار واحد لدفع الضرائب، بينما يتحمل ترامب ضرائب مثل أي مواطن أميركي، نظرياً على الأقل.
استعرضت الأسباب التي تدعو إلى ضرورة تغيير المنظومة الضريبية الحالية، قائلة إن "السهولة التي تمكنت بها هذه الشركات من تجنب دفع الحصص العادلة من الضرائب، ومعدلات الضريبة الآخذة في الانخفاض خلال العقود الثلاثة الأخيرة، تُفقد الجميع الثقة في عدالة النظام الضريبي ككل".
وأكدت لاغارد أن الوضع الحالي "يضر بصفة خاصة الدول منخفضة الدخل، حيث يحرمها من إيرادات كانت في أشد الحاجة إليها، من أجل الوصول إلى معدلات نمو أعلى، وللحد من الفقر، وصولاً إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030".
وأشارت لاغارد إلى أن الدول المتقدمة اعتادت على وضع قواعد المحاسبة الضريبية الدولية، دون النظر إلى تأثير تلك القواعد على الدول منخفضة الدخل.
وذكرت الدراسة التي أعدها الصندوق أن الدول النامية تفقد ما يقرب من مائتي مليار دولار سنوياً، ما يمثل تقريباً 1.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لديها، بسبب تحويل الشركات الدولية نسب كبيرة من أرباحها إلى المناطق منخفضة المعدلات الضريبية. وقالت لاغارد إن هذه الدول "تحتاج أن يكون لها مقعد على الطاولة"، ليسمع صوتها عند وضع القواعد الضريبية الدولية.
ومن ناحية أخرى، أشارت الدراسة إلى أحد أهم الأسباب التي تفرض ضرورة إصلاح منظومة الضرائب الدولية، حيث أوضحت أن انتشار نماذج الشركات التي تسيطر عليها التكنولوجيا، التي تحقق أرباحاً ضخمة، وتعتمد بالأساس على الأصول غير الملموسة من براءات اختراع وبرامج للحاسب الآلي، وغيرها مما يصعب تقييمه، يثير العديد من التساؤلات حول عدالة النظام الضريبي الحالي.
وأكدت الدراسة أنه على الرغم من أن الملايين من مواطني تلك الدول يستخدمون الخدمات الرقمية من تلك الشركات، ويدفعون مليارات الدولارات مقابلها، إلا أن دولهم لا تتحصل إلا على النذر اليسير من الضرائب عليها، والسبب الوحيد لذلك هو عدم وجود كيان حقيقي لتلك الشركات في هذه الدول.
ولذلك، خلصت الدراسة إلا أننا "بحاجة إلى إعادة التفكير في قواعد فرض الضرائب الدولية". وقالت لاغارد "هذا يعني أن على الدول أن تعمل معاً، فتحقيق تقدم يتطلب التنسيق بين الجميع، وفي الاتجاه الصحيح".
وأعد الصندوق الدراسة في محاولة للتوصل إلى علاج للموقف الحالي، وهو ما أكد أنه سيكون من خلال ثلاثة محاور رئيسية، أولها إيجاد صورة أفضل للتعامل مع تحويل الأرباح بين المراكز الضريبية المختلفة، ثم التغلب على المعوقات القانونية والإدارية التي تمنع الإصلاح، وأخيراً، التأكيد على الاعتراف الكامل بمصالح الدول الناشئة والنامية.
وأكدت لاغارد أن تصميم النظام الضريبي الحالي للشركات الدولية انتهت صلاحيته، وأن إعادة تكوينه، مع الأخذ في الاعتبار نقاط الضعف الحالية، ستعود بالفائدة على جميع البلدان، بما فيها الدول منخفضة الدخل.