لهذا يترك تونسيون شراء الأضاحي للساعات الأخيرة

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
10 اغسطس 2019
378DDF19-AC9E-4F18-9184-9DA01550FDE9
+ الخط -
تزامن عيد الأضحى هذا العام مع فصل الصيف الذي تكثر فيه النفقات، ما دفع العديد من التونسيين إلى اقتناء الأضاحي قبيل يوم أو يومين من حلول العيد. وإصرار الأبناء على اقتناء خرفانهم في أقرب وقت، تقابله استراتيجية أخرى لدى الآباء، فيترك بعضهم الأمر إلى الساعات الأخيرة أملاً في انخفاض الأسعار أو انتظار صرف الرواتب والمنح، خصوصاً أن أغلب الباعة يضطرون لتصريف بضاعتهم قبل العودة إلى ديارهم.

بدت إحدى نقاط بيع الخرفان مكتظة بالزائرين، العرض متوفر والباعة من شتى المحافظات التونسية، من القيروان وسيدي بوزيد والشمال الغربي. أما الأسعار فتراوحت بين 400 و1000 دينار(نحو 140 و350 دولاراً أميركيا)، وبعض المواطنين يجادلون الباعة فيعرض البائع سعره ويحاول الشاري التخفيض والحصول على أدنى سعر، والكل يحاول التثبت من صحة الأضحية ووزنها وشكلها.

وينخرط الأطفال بدورهم في عملية الشراء، يقتربون من الأضاحي ويحاولون ملاعبتها عساها تكون الخروف المنشود الذي سيحملونه إلى البيت، وربما صديقهم المنتظر بعد إنجاز عملية الشراء.

ويؤكد البائع علية أن الإقبال على الشراء تحسن كثيرا في اليومين الأخيرين، مقارنة بالأيام الأولى من عرض الأضاحي، إذ كانت تجارتهم كاسدة والتونسي كان يكتفي بالفرجة أو السؤال عن الأسعار، ولكن قبل يومي العيد سعى كثيرون لاقتناء خرافهم، نظرا لعامل الوقت واقتراب العيد، مضيفا أن الأسعار في المتناول، وبإمكان متوسطي الدخل وضعاف الحال العثور على ضالتهم في ظل تنوع العروض.

ويرى الستيني منصف، أن الخير في التريث قبل الشراء، إذ إنه قصد أسواق المواشي للمرة السابعة على التوالي معتمداً على استراتيجيته الخاصة. ويشير إلى أنه قام بجولة سابقة لمعاينة الأسعار والاطلاع على العروض المتوفرة، واختيار الأضحية المناسبة لعائلته، وها هو اليوم يعود لشرائها وقد حالفه الحظ بأن وجدها في انتظاره.

الأسر تبحث عن السعر المناسب لميزانيتها (العربي الجديد) 

ويبيّن أن الأسعار تنخفض قليلا في اليومين الأخيرين لعدة أسباب، من بينها توفر العرض مقابل ضعف الإقبال واضطرار أغلب الباعة للعودة إلى ديارهم قبل العيد.

ويوضح البائع علي الرابحي، أن من بين أسباب ارتفاع الأسعار هو ارتفاع أسعار العلف، ومنها أسعار الشعير، وبالتالي فإن الفلاح يتكبد عدة خسائر في رعاية ماشيته، مبينا أن رعي الخرفان طيلة العام مهمة متعبة ومضنية وتتطلب مصاريف ونفقات، وبالتالي لا يمكن للفلاح أن يستجيب لطلبات المواطن الذي يصر دائما على تقليص أسعارها إلى حدّ كبير، لأن ذلك يعني تكبد الفلاح الخسائر.

الباعة يسابقون الوقت ويطمحون إلى تصريف مواشيهم قبل عودتهم لديارهم (العربي الجديد) 



وتلفت الحاجة فاطمة، إلى أن أسعار الأضاحي خلال هذا العام مرتفعة للغاية، وإن ميزانية بعض التونسيين لا تلبي ما يطلبه الباعة الذين يرفعون الأسعار مقارنة بالعام الفارط. وتشير إلى أن الأسعار تراوحت بين 450 و550 دينارا للخروف أي ما بين 150 و200 دولار، مضيفة أن هناك فئات لا يمكنها توفير هذا المبلغ، فبعضهم يضع ميزانية محددة لا تزيد عن 300 دينار أي نحو 100 دولار، وللاسف لا يمكن اقتناء أي اضحية بهذا المبلغ، والذي يراه البائع زهيداً، ولكنه مبلغ كبير لأسرة متواضعة الإمكانيات.

ويجوب علي، أحد الأسواق ويقلب البضاعة حاله كحال عديد التونسيين الذين لم  تقنعهم الأسعار ولا الخرفان المعروضة، مبينا أن الاسعار لا تتلاءم والسلع المعروضة، مؤكدا أن عليه زيارة عديد الأسواق إلى أن يعثر على ضالته وهي رحلة في الحقيقة مضنية، ولكن لا بد من ذلك كي لا يقع ضحية جشع بعض الباعة أو السماسرة.

الكلفة ارتفعت على البائع وليس الشاري وحده (العربي الجديد) 

ويبين أن سعر بعض الأضاحي وصل إلى مبالغ خيالية، إذ طلب بعضهم 300 دولار، واصفاً الحال بأنه "ضرب من الجنون"، مؤكدا أن لكل تونسي ميزانية خاصة وكل بحسب إمكانياته ومقدرته الشرائية.

ويقع بعض الآباء ضحية طلبات أبنائهم الصغار، إذ يبكي بعض الأطفال لعدم حصولهم على خروفهم، في الوقت الذي يصر بعضهم الآخر على شراء خروف معين يختارونه بعناية وبمواصفات تمكنهم من إبرازه يوم العيد أمام الاصدقاء، ما يدفع الكثير من الآباء إلى الاقتناء حتى وإن لم يكونوا مقتنعين بالسعر.

ويؤكد صالح، وهو موظف، وكان ولداه بصحبته، أن الآباء يريدون إدخال الفرحة إلى قلوب أبنائهم وأغلبهم يقتني الخروف من أجلهم، فهم الذين يختارون ويصرون على خروف دون غيره، لذلك يجدون أنفسهم غير قادرين على العودة إلى البيت من دون خروف حتى لو كان السعر مرتفعاً ويفوق الميزانية.


وتؤكد الأربعينية منى، أنها تشتري الأضحية في آخر وقت، وأحيانا ليلة العيد لعدم وجود فضاء يودعون الخروف فيه، كونهم يسكنون الشقق. وتضيف أن عائلات كثيرة ترتب أولياتها وتنتظر الحصول على الراتب، ما يفسر الإقبال في اليوم الأخير.

وتشير المتحدثة إلى أنّ تزامن العيد مع فصل الصيف الذي يعرف بارتفاع النفقات بحكم الاستجمام والعطلة واقتراب العودة المدرسية، كان وراء عزوف بعضهم عن شراء الأضاحي. وتضيف أنّ أسعار الخراف مرتفعة مقارنة بالموسم المنقضي، بل قفزت إلى مستوى غير مسبوق كغيرها من المنتجات الغذائية، مشيرة إلى أن أسراً كثيرة يبقى أمامها خيار اقتناء اللحوم الجاهزة تجنبا للمصاريف الكبيرة، وهذا من بين الحلول في ظل غلاء الأسعار وضعف المقدرة الشرائية.

ذات صلة

الصورة
نشاط بدني للأطفال في صيدا (العربي الجديد)

مجتمع

تساعد أنشطة التفريغ النفسي للأطفال النازحين إلى مدارس في مدينة صيدا، جنوب لبنان، على التعبير عن أنفسهم ومخاوفهم، هم الذين اختبروا القصف والخوف والهرب.
الصورة
يشاركون في أحد النشاطات (حسين بيضون)

مجتمع

يساهم الدعم النفسي والأنشطة الترفيهية التي تقيمها جمعيات للأطفال النازحين في جنوب لبنان في تخفيف الضغوط، رغم اشتياقهم إلى بيوتهم وقراهم.
الصورة
في مستشفى شهداء الأقصى، وسط دير البلح، 8 يونيو 2024 (سعيد جرس/ فرانس برس)

منوعات

لا يحتفل الصحافيون الفلسطينيون في قطاع غزة بعيد الأضحى هذا العام، فهم بعيدون عن عائلاتهم، ويواجهون تحديات عدة في محاولتهم الاستمرار بتغطية جرائم الاحتلال.
الصورة
سورية (بلال الحمود/ فرانس برس)

مجتمع

يحرص السوريون على زيارة المقابر في العيد. زيارات تعبّر عن مشاعر الحنين إلى الأقارب والأصدقاء الذين خسروهم، وكانت لهم الكثير من الذكريات معهم
المساهمون