تدعم مفاوضات تسوية التجارة بين واشنطن وبكين أسعار النفط، إلى جانب توقعات أن يعمل التحالف بين موسكو والرياض على إجراء تخفيضات جديدة على معدل الإنتاج لدعم الأسعار. لكن في المقابل فإن توقعات ركود الاقتصاد الأميركي وتباطؤ الاقتصاد الصيني يهددان نمو الطلب العالمي على النفط، الذي يقدر حالياً بحوالي 100 مليون برميل يومياً، حسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.
وفي أكبر تشاؤم حول مستقبل أسعار النفط، قال البنك المركزي الروسي في توقعاته المحدّثة للاقتصاد الكلي، مساء الإثنين، إنه لا يستبعد تراجع أسعار النفط إلى 25 دولاراً للبرميل في 2020، وذلك ضمن تصوره للمخاطر المحتملة على الاقتصاد الروسي.
وأضاف "بنك روسيا"، أن تصور المخاطر المحتملة قد يتحقق في حالة تراجع الطلب على منتجات الطاقة في أنحاء العالم وتدهور توقعات النمو الاقتصادي العالمي.
في هذا الصدد، خفض مصرف "غولدمان ساكس" الأميركي توقعاته لنمو لطلب على النفط في 2019، عازياً ذلك إلى تقلص الطلب من الهند واليابان ومناطق آسيوية أخرى من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية.
وكان وزير الطاقة السعودي الجديد، الأمير عبد العزيز بن سلمان، أكد، يوم الأحد، أن بلاده ملتزمة بخفض الإنتاج ضمن اتفاق "أوبك+"، كما ألمح إلى أن السعودية ربما تجري خفضاً جديداً في الإنتاج، حسب ما ذكرت صحيفة " فاينانشيال تايمز".
وتحتاج السعودية بشدة إلى أسعار نفط مرتفعة لعدة أسباب، أهمها أن نجاح الاكتتاب الأولي لحصة 5.0% من أسهم شركة أرامكو يحتاج إلى سعر نفط مرتفع يشجع المستثمرين على وضع أموالهم في الشركة.
أما العامل الثاني، فهو تزايد الإنفاق في حرب اليمن ومشتريات الأسلحة. وهو الأمر الذي أدى إلى زيادة العجز في الميزانية السعودية واضطرها إلى الاقتراض من أسواق المال العالمية والمصارف لسد النقص.
وبالتالي، فإن السعودية ربما ستفعل كل ما يمكن لإرضاء روسيا في سبيل التنسيق معاً لخفض الإنتاج بمعدل يسمح بصعود النفط إلى مستوى 70 دولاراً على الأقل، وبنت السعودية ميزانية العام 2019 على سعر متوسط للنفط فوق 75 دولاراً للبرميل.
وعلى الصعيد الروسي، يرى محللون أن موسكو تسعى إلى كسب السعودية، في إطار الاستراتيجية المشتركة مع الصين للاستحواذ على منطقة الخليج الغنية بالنفط من النفوذ الأميركي. وحسب محللين غربيين، يرغب الرئيس فلاديمير بوتين في إقناع الرياض بتنفيذ صفقات أسلحة وبناء مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء في المملكة.
وفي شأن التنسيق بين موسكو والرياض، قال المكتب الصحافي في وزارة الطاقة الروسية، إن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك وصل، أمس، إلى مدينة جدة السعودية لعقد مباحثات تمهيدية مع نظيره السعودي الجديد، الأمير عبد العزيز بن سلمان، قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس فلاديمير بوتين للسعودية والمخطط لها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ولم يكشف المكتب عن القضايا التي سيتم بحثها خلال اللقاء، إلا أن وكالة "رويترز" نقلت عن مصادر مطلعة أن الجانبين سيناقشان التعاون بين روسيا والسعودية، وكذلك الأوضاع في سوق النفط.
وهذا اللقاء يعتبر الأول بين وزير الطاقة الروسي ونظيره السعودي الجديد، الذي تولى منصب وزير الطاقة، يوم الأحد، خلفاً لخالد الفالح، كذلك يعد أول لقاء ثنائي يعقده الوزير السعودي مع مسؤول أجنبي. لكن الأمير عبد العزيز ليس جديداً على روسيا، حيث إنه شغل منصب نائب وزير النفط السعودي لسنوات، وكان المسؤول عن معظم الترتيبات التي تمت بين السعودية وروسيا بشأن اتفاقات خفض الإنتاج الأخيرة.
وقال بيسكوف، للصحافيين، ردا على سؤال في هذا الصدد، يوم الاثنين: "من غير المرجح أن يؤثر رحيل وزير فردي على الإرادة السياسية العامة لموسكو والرياض، بشأن استمرار وتطوير الشراكات متعددة الجوانب والعلاقات متبادلة المنفعة".