غادرت رئيسة الحكومة البريطانية ليز تراس منصبها الأسبوع الماضي، بعد تقديمها استقالتها في أسرع فترة يتولاها رئيس وزراء بريطاني على الإطلاق استمرت قرابة ستة أسابيع.
تراس، التي تسببت بإذكاء المخاطر والمخاوف تجاه الاقتصاد البريطاني من خلال سياسات لاقت انتقادات حتى من الرئيس الأميركي جو بايدن، تترك حملاً اقتصاديا ثقيلا لمن سيخلفها خلال الفترة المقبلة.
اليوم، تعيش المملكة المتحدة عدة مخاطر اقتصادية على رئيس الحكومة المقبل إيجاد حلول لها، بينما يتربص بالاقتصاد العالمي ركود قد يبدأ من الولايات المتحدة ويمتد شرقاً.
وتعيش أسواق المال البريطانية ضعف ثقة، فيما يتواصل تأثر الجنيه ولو جزئياً بتوترات مالية واقتصادية تسببت بها تراس من خلال خطتها المالية "اللاغية". فما هي أبرز التحديات التي تواجه الحكومة المقبلة؟
التضخم المرتفع
عاد التضخم في المملكة المتحدة خلال سبتمبر/أيلول الماضي ليسجل ذروة 4 عقود، عند 10.1 بالمئة وهي ذات النسبة التي سجلتها الأسواق في يوليو/تموز الفائت.
ولم تنجح جهود بنك إنكلترا في تنفيذ 7 زيادات على أسعار الفائدة، بخفض التضخم، وسط توقعات بمزيد من التشديد النقدي الذي سينفذه البنك لما تبقى من العام الجاري.
وقفزت أسعار الغذاء في المملكة المتحدة إلى قمة 4 عقود، بينما يحاول البريطانيون إدارة نفقاتهم من خلال رزمة إجراءات، أبرزها التوجه نحو الأطعمة المجمدة أو المجففة بدلا من الطازجة، فيما بدأ يغيب الإفطار التقليدي عن موائد عديد العائلات.
أسعار الفائدة
صعد بنك إنكلترا بأسعار الفائدة 7 مرات منذ ديسمبر/كانون الأول 2021 من مستوى 0.10 بالمئة إلى 2.25 بالمئة في الوقت الحالي.
أسعار الفائدة المرتفعة أبطأت من محاولات الأسواق إنعاش وتيرة النمو بعد عامين صعبين بسبب جائحة كورونا، فيما بدأت تظهر بوادر أزمات تسببت بها الفائدة المرتفعة على سوق العقارات.
وتشكل سوق العقارات في المملكة المتحدة أكثر من 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني أن ظهور مؤشرات أزمة في سوق العقارات ناجمة عن تراجع الطلب بسبب ارتفاع الرهون العقارية حيث سيواجه الاقتصاد مزيدا من الضغوط في 2023.
الحرب الروسية الأوكرانية
يبدو أثر الحرب الروسية الأوكرانية واضحا على الأسواق المحلية في بريطانيا، إذ ما تزال أسعار الطاقة تسجل مستويات مرتفعة عما كانت عليه في عام 2021.
وتدريجيا بدأت بريطانيا تخفيف وارداتها من مشتقات الطاقة الروسية واستبدالها بمصادر الطاقة من أسواق أخرى، أبرزها الأسواق الأميركية، كالنفط والغاز والمشتقات.
إلا أن الولايات المتحدة تواجه ارتفاعاً في أسعار النفط والمشتقات، ما يهدد بإبطاء حجم الصادرات إلى أسواق أوروبا بما فيها السوق البريطانية.
وسيكون رئيس الحكومة الجديد مطالبا بضرورة توقيع عقود للتزود بالوقود والغاز من مصادر متنوعة، تجنبا للوقوع في أزمة طاقة تضاف إلى الأزمات الأخرى التي خلفتها حكومة "تراس".
استعادة الثقة
فقدت الأسواق العالمية الثقة بالاقتصاد البريطاني مؤقتاً بسبب الخطة المالية التي أعلنت عنها تراس، ودفعت وزير الخزانة فيها كواسي كوارتنغ لتقديم استقالته، واستبداله بالوزير الجديد جيرمي هانت.
وعلى الرغم من قيام تراجع هانت عن الخطة المالية لسلفه، إلا أن الأسواق ما تزال بانتظار خطوات جدية لاستعادة الثقة بالحكومة الجديدة من جهة، وخططها المالية من جهة أخرى.
(الأناضول، العربي الجديد)