4 عوامل وراء استقرار أسعار النفط رغم الهجوم الإسرائيلي على إيران

27 أكتوبر 2024
محطة وقود في هاواي، 6 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

ظلت أسعار النفط تحوم حول مستويات 76.05 دولاراً للبرميل لخام برنت بزيادة طفيفة قدرها 1.67 دولار لعقود ديسمبر/ كانون الأول 2024، وخام غرب تكساس حول 71.78 دولاراً، بزيادة 1.59 دولار، رغم الهجوم الإسرائيلي على إيران. ويرى خبراء ومصرفيون أن أحد العوامل الرئيسية هو أن الأسواق المالية غالباً ما تتوقع الأحداث الجيوسياسية قبل وقوعها. إذا كانت هناك تقارير موثوقة أو معلومات استخباراتية تشير إلى احتمال حدوث ضربة عسكرية، فقد يحسب المتداولون بالفعل التأثير المحتمل في إمدادات النفط.

وتعرف هذه الظاهرة بمخاطر "التسعير". ونتيجة لذلك، عندما يقع الحدث المرتقب، فقد لا يؤدي إلى تحركات كبيرة في الأسعار، لأن السوق قد جرى تعديله بالفعل. وعلى سبيل المثال، أشار محللون في مصرف غولدمان ساكس الاستثماري الأميركي، إلى أنه في حين أن التوترات في الشرق الأوسط يمكن أن تخلق تقلبات في أسعار النفط، فإن الكثير من هذه المخاطر ينعكس بالفعل في الأسعار الحالية، بسبب المخاوف المستمرة بشأن الاستقرار الإقليمي.

وشددوا على أنه ما لم تكن هناك اضطرابات كبيرة في سلاسل توريد النفط أو مرافق الإنتاج، فقد تكون ردات الفعل الفورية على الأسعار مستقرة. وبالتالي، يتوقع محللون أن تفتح أسواق النفط، يوم الاثنين، على استقرار أو تذبذبات طفيفة، ما لم تستجد تطورات غير متوقعة.

وفي هذا السياق، قال توني سيكامور، محلل السوق لدى "IG" في سيدني الأحد: "عدم قيام إسرائيل بمهاجمة البنية التحتية النفطية، والتقارير التي تفيد بأن إيران لن ترد على الهجوم يزيل عنصر عدم اليقين"، وفق "رويترز".

ووفقاً لبنك جي بي مورغان، فمن المحتمل أن يزيد المنتجون الآخرون إنتاجهم للتعويض عن أي نقص حتى لو أدى الهجوم الإسرائيلي إلى تعطيل إنتاج النفط الإيراني مؤقتاً. وتساعد هذه القدرة على التكيف في استقرار الأسعار، على الرغم من التوترات الجيوسياسية.

علاوة على ذلك، أبرز  مصرف مورغان ستانلي أن المخزونات العالمية لا تزال مرتفعة نسبياً، وأن دول "أوبك+" تدير مستويات إنتاجها بشكل فعال لمنع تقلبات الأسعار الكبيرة خلال أوقات عدم اليقين.

أبرز  مصرف مورغان ستانلي أن المخزونات العالمية لا تزال مرتفعة نسبياً، وأن دول "أوبك+" تدير مستويات إنتاجها بشكل فعال لمنع تقلبات الأسعار الكبيرة خلال أوقات عدم اليقين

من جهته، قال الرئيس الأميركي جو بايدن للصحافيين في فيلادلفيا، أمس، متحدثاً عن الهجوم الإسرائيلي: "يبدو أنهم لم يضربوا أي شيء سوى أهداف عسكرية". وأضاف: "آمل أن تكون هذه هي النهاية".

ويمكن الإشارة إلى أربعة عوامل أدت إلى عدم استجابة أسواق النفط للهجوم الإسرائيلي على إيران وعدم تسعير مخاطرها في الأسواق: أولاً: اقتصر الهجوم الإسرائيلي على المواقع العسكرية ولم يطاول مواقع نووية أو حقول النفط، وفق ما أكدته وكالة الطاقة النووية أمس السبت.

ويقول خبير الطاقة، خافيير بلاس في تحليل نشرته "بلومبيرغ"، السبت، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتبع نصيحة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي قال في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري: "لو كنت مكانهم، أي إسرائيل، لفكرتُ في بدائل أخرى غير ضرب حقول النفط". وسرعان ما أكدت وسائل الإعلام الإيرانية المملوكة للدولة يوم السبت الماضي أن صناعة النفط تنتج وتصدر النفط الخام بشكل "طبيعي".

ثانياً: حتى الآن، تهون إيران من أضرار الهجوم الإسرائيلي، وتصفها بـ"المحدودة"، كما أكدت أنها أحبطت الهجوم "بنجاح"، لكن مسؤولين إيرانيين يتوعّدون بالرد "بذكاء"، بينما أبلغت الخارجية الإيرانية الأمم المتحدة بأن طهران تحتفظ بحقها في الرد. كما أن عُمان، التي تتوسط عادة بين طهران وواشنطن، دفعت بالرواية نفسها، إذ قال وزير الخارجية العماني، إن "الضرر يبدو محدوداً".

ثالثاً: تمثل أسباب صعود أسعار النفط قبيل الهجوم الإسرائيلي على إيران في أمرين أساسيين: أولهما أن الهجوم سيطاول منشآت الطاقة في إيران؛ والثاني توقع رد إيراني قوي في حالة استهدفت منشآت نفطية أو نووية.

رابعاً: ما زال خطر العواقب غير المقصودة هائلاً، بحسب خبراء، ولا يمكن افتراض أن التوترات بين إسرائيل وإيران يمكن احتواؤها إلى الأبد. ومع استمرار تداول النفط طوال هذه الأزمة الجيوسياسية، يذكّر الخبير خافيير بلاس، بالتحذير الذي أطلقه رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق هارولد ماكميلان: "الأحداث يا عزيزي، الأحداث"، قبل أن يضيف بلاس: "كلما طال أمد الأزمة، زاد خطر فرض الولايات المتحدة عقوبات نفطية على إيران، مما قد يؤدي إلى انخفاض العرض. وهذا محتمل خصوصاً إذا فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية. وهذه هي الرواية الوحيدة المتبقية للمضاربين على ارتفاع أسعار النفط، لأن إنتاج النفط الإيراني ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ ست سنوات مع غض البيت الأبيض الطرف عن العقوبات".

المساهمون