في الأشهر الأولى من الثورة السورية، حاول النظام السوري تأديب الفنانين وقمعهم، فانتشر خبر اقتلاع حنجرة منشد الثورة، إبراهيم القاشوش، التي أنشد بها هتافاته ضد النظام، ليؤكد النظام على وحشيّته وصرامته تجاه أي عمل فني معارض؛ وبعد أن انتشر الخبر، وتحول القاشوش إلى أسطورة، ورمز للثورة السورية، حاول النظام أن ينفي الخبر، ولم يعترف حتى اليوم بجريمته.
وفي نهاية سنة 2016، عاد القاشوش بشكل مفاجئ إلى الحياة. ففي التقرير الذي نشره الصحافي، جيمس هاركين، في مجلة "جي كيو"، يؤكد أن القاشوش لا يزال حياً، وأن أسطورته مفبركة، وهي من تلفيق الثوار، وأن اسمه الحقيقي هو عبد الرحمن الفرهود، وهو اليوم لاجئ في ألمانيا.
ولكن من الممكن بالتحليل الوصول لأدلة منطقية، تبرهن أن الخبر الأخير الذي يدعي أن منشد الثورة السورية، إبراهيم القاشوش، لا يزال حياً، هو خبر من تلفيق النظام. إذ يشير التقرير الذي قام به الصحفي، جيمس هاركين، إلى أن الفرهود الذي يدعي بأنه القاشوش، كان قد تفاجأ بخبر وفاته يذاع على المحطات التلفزيونية المعارضة للنظام، وأنّه لم يحاول نفي الخبر لأنه كان تحت تأثير الصدمة، ولأنه كان خائفاً من العواقب إن أدلى بأي تصريح. فهل يعقل بأن يمتد تأثير الصدمة لأكثر من خمس سنوات. وأي عواقب كانت تلك التي منعته من الظهور إعلامياً لنفي الخبر، أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي، والصفحات التي حملت اسمه. هل هو الخوف من بطش النظام، وهو الشاب المندفع الذي وقف على المنصات في المظاهرات وقاد الهتافات؟ أم أنه الخوف من المعارضة، ومن الثوار الذين قابلهم في العديد من المظاهرات، وكانوا سيساندونه، وسيفرحون بعودة منشدهم؟ وإن افترضنا أن هول الصدمة شل تفكيره حينها، هل يعقل أن يتأخر ظهوره الإعلامي إلى ما بعد سنوات من خروجه من أقفاص الأسد. فالفرهود، بحسب التقرير، لجأ إلى لبنان، ومن ثم إلى تركيا، وأخيراً إلى ألمانيا، فلماذا تأخر ظهوره الإعلامي حتى نهاية 2016، وهو بعيد عن الخطر منذ قرابة 4 سنوات.
حاول النظام، منذ بداية الثورة، أن يسوق لنفسه بوصفه النظام العلماني المتحضر، الداعم للفكر والفن، وأنه يواجه معارضة متشددة لا تحترم التعددية الطائفية الموجودة في سورية. ولكن خبر قتل منشد الثورة، القاشوش، على يد النظام، كان ينافي تلك الادعاءات، ويثبت بطلانها. ولذلك حاول النظام تدارك القضية ونفيها، فأنكر بشار الأسد في مقابلاته معرفة القاشوش، وأدعى أنه لم يسمع به. وبالمقابل، انتشرت عدة فيديوهات تدعي أن القاشوش لا يزال حياً منذ سنة 2011، ويظهر في هذه الفيديوهات، شخص يرتدي ثياب القاشوش في مظاهرة "جمعة ارحل"، وتحجب القبعة البيضاء وجهه، ولكن الناس لم يصدقوا أن القاشوش لا يزال حياً، ولم يبرئوا النظام من جريمته. وعلاوةً على ذلك، فإن فيسبوك يحتوي على ما يزيد عن 20 حسابا باسم ابراهيم القاشوش، وبعضها لايزال نشطاً، ليبرهن أن القاشوش لا يزال حياً. ووجود هذه المحاولات السابقة لإثبات أن القاشوش لايزال حياً يتعارض مع تقرير "جي كيو"، إذ ادعى الفرهود بأنه حاول أن يتماشى مع رواية المعارضة بأنه قد قتل، ومن ناحية أخرى، تُؤكِّد على محاولات سابقة من قبل النظام للتلاعب بقضية القاشوش، وتحويل جريمته التي خلقت الأسطورة، لنوع من الخرافة لا أكثر.
أمام كل هذا الغموض يبدو التأكد من أي معلومة خاصة حول حياة أو موت إبراهيم القاشوش شبه مستحيل، كما ان مقاطعة الحقائق والأخبار يبدو بدوره مستحيلاً، لكن الأكيد يبقى أمر واحد: وحشية النظام السوري مع الفنانين، والمدنيين والصحافيين، وهو ما لا يحتاج إلى الكثير من الإثباتات.
اقــرأ أيضاً
وفي نهاية سنة 2016، عاد القاشوش بشكل مفاجئ إلى الحياة. ففي التقرير الذي نشره الصحافي، جيمس هاركين، في مجلة "جي كيو"، يؤكد أن القاشوش لا يزال حياً، وأن أسطورته مفبركة، وهي من تلفيق الثوار، وأن اسمه الحقيقي هو عبد الرحمن الفرهود، وهو اليوم لاجئ في ألمانيا.
ولكن من الممكن بالتحليل الوصول لأدلة منطقية، تبرهن أن الخبر الأخير الذي يدعي أن منشد الثورة السورية، إبراهيم القاشوش، لا يزال حياً، هو خبر من تلفيق النظام. إذ يشير التقرير الذي قام به الصحفي، جيمس هاركين، إلى أن الفرهود الذي يدعي بأنه القاشوش، كان قد تفاجأ بخبر وفاته يذاع على المحطات التلفزيونية المعارضة للنظام، وأنّه لم يحاول نفي الخبر لأنه كان تحت تأثير الصدمة، ولأنه كان خائفاً من العواقب إن أدلى بأي تصريح. فهل يعقل بأن يمتد تأثير الصدمة لأكثر من خمس سنوات. وأي عواقب كانت تلك التي منعته من الظهور إعلامياً لنفي الخبر، أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي، والصفحات التي حملت اسمه. هل هو الخوف من بطش النظام، وهو الشاب المندفع الذي وقف على المنصات في المظاهرات وقاد الهتافات؟ أم أنه الخوف من المعارضة، ومن الثوار الذين قابلهم في العديد من المظاهرات، وكانوا سيساندونه، وسيفرحون بعودة منشدهم؟ وإن افترضنا أن هول الصدمة شل تفكيره حينها، هل يعقل أن يتأخر ظهوره الإعلامي إلى ما بعد سنوات من خروجه من أقفاص الأسد. فالفرهود، بحسب التقرير، لجأ إلى لبنان، ومن ثم إلى تركيا، وأخيراً إلى ألمانيا، فلماذا تأخر ظهوره الإعلامي حتى نهاية 2016، وهو بعيد عن الخطر منذ قرابة 4 سنوات.
حاول النظام، منذ بداية الثورة، أن يسوق لنفسه بوصفه النظام العلماني المتحضر، الداعم للفكر والفن، وأنه يواجه معارضة متشددة لا تحترم التعددية الطائفية الموجودة في سورية. ولكن خبر قتل منشد الثورة، القاشوش، على يد النظام، كان ينافي تلك الادعاءات، ويثبت بطلانها. ولذلك حاول النظام تدارك القضية ونفيها، فأنكر بشار الأسد في مقابلاته معرفة القاشوش، وأدعى أنه لم يسمع به. وبالمقابل، انتشرت عدة فيديوهات تدعي أن القاشوش لا يزال حياً منذ سنة 2011، ويظهر في هذه الفيديوهات، شخص يرتدي ثياب القاشوش في مظاهرة "جمعة ارحل"، وتحجب القبعة البيضاء وجهه، ولكن الناس لم يصدقوا أن القاشوش لا يزال حياً، ولم يبرئوا النظام من جريمته. وعلاوةً على ذلك، فإن فيسبوك يحتوي على ما يزيد عن 20 حسابا باسم ابراهيم القاشوش، وبعضها لايزال نشطاً، ليبرهن أن القاشوش لا يزال حياً. ووجود هذه المحاولات السابقة لإثبات أن القاشوش لايزال حياً يتعارض مع تقرير "جي كيو"، إذ ادعى الفرهود بأنه حاول أن يتماشى مع رواية المعارضة بأنه قد قتل، ومن ناحية أخرى، تُؤكِّد على محاولات سابقة من قبل النظام للتلاعب بقضية القاشوش، وتحويل جريمته التي خلقت الأسطورة، لنوع من الخرافة لا أكثر.
أمام كل هذا الغموض يبدو التأكد من أي معلومة خاصة حول حياة أو موت إبراهيم القاشوش شبه مستحيل، كما ان مقاطعة الحقائق والأخبار يبدو بدوره مستحيلاً، لكن الأكيد يبقى أمر واحد: وحشية النظام السوري مع الفنانين، والمدنيين والصحافيين، وهو ما لا يحتاج إلى الكثير من الإثباتات.