قبل سنوات، وضع عالم الـ "ميديا البديلة" أسساً جديدة، يقال إنها تُسهم أو أسهمت في صناعة مجموعة من "المؤثرين" والمشاهير على منصات التواصل، وبالتالي سمحت لمجموعة من العاملين في مجالي الغناء والتمثيل بكسب مزيد من المتابعين والمعجبين.
وعلى الرغم من تفاوت نسبة المصداقية على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه لا يمكن الهروب من ردود فعل أو تقدم ونجاح أغنية أو مسلسل أو فيديو كليب، طالما أن المجموع يصب في خانة الأرقام لمواقع مثل "يوتيوب" و"إنستغرام" و"تويتر" وغيرها.
قبل أسبوع، تصدر وسم مسلسل "صالون زهرة" مواقع التواصل الاجتماعي، تحديداً "تويتر". المسلسل كتابة نادين جابر وإخراج جو بو عيد، ومن بطولة نادين نسيب نجيم ومعتصم النهار.
الواضح أن "ماكينات" الممثلين على المواقع البديلة تحاول المساهمة في ترويج نجاح بعض الأعمال، ويوظف عدد من الفنانين مجموعة من المعجبين لهذه المهمة، في حين تؤكد معلومات أن بعضهم يعمد إلى شراء "الإعجاب" Likes على منشورات منصات "تويتر" و"فيسبوك" و"إنستغرام"، وكذلك، يحكى عن شراء الـ"ترند" لاسم الفنان أو المسلسل لأيام وتصدره المرتبة الأولى ضمن خانة الأكثر تفاعلاً بين المستخدمين على منصة معينة.
هذا كله يضعنا أمام مزيد من الأسئلة، التي لم تعد تهم شركات إنتاج الدراما العربية، التي تتخذ من وسم يحتل المرتبة الأولى ولو لساعات حجة لنجاح عمل ما وتبني نسبة المتابعة أو المشاهدة، من دون الاهتمام بمصداقية الملعب الافتراضي والنتائج التي تظهر التقدم عليه.
يطرح مسلسل "صالون زهرة" قصة تقليدية لصاحبة صالون تزيين نسائي، تضعها الكاتبة والمخرج أمام مواجهات مع محيطها العائلي والاجتماعي، في إطار تقليدي بنيت عليه مجموعة كبيرة من الأعمال السينمائية والدرامية المصرية، كما يظهر في الحلقات الأولى للمسلسل الذي يعرض حصرياً على منصة "شاهد".
المحاولة تبدو سخيفة، وأضعفها قلة الحجج والمنطق في بلورة أو رسم الشخصيات، وتمكن نجمة المسلسل نادين نسيب نجيم من إتقان دور البطلة التي لا تقهر أو تلك التي تستمد قوتها من خبرات تراكمية تفرضها الحياة وتصبح معها أقوى. أسئلة كثيرة لعل طرحها يحتاج إلى وقت، لكن ذلك لا يمنع من تجاوب.
عمل معجبو نادين نسيب نجيم على وضعها في المراتب الأولى لجهة المتابعة نفسها للمسلسل، كنوع من المنافسة الشخصية بين نادين نسيب نجيم ونفسها، إذ لا مسلسل عربياً آخر ينافس "صالون زهرة" في العرض حالياً.
أسئلة كثيرة يطرحها عمل شركات الإنتاج العربية على المسلسلات، في أعمال أو خطط مشابهة لما كان عليه إنتاج ما سُمي بفترة المقاولات، في ثمانينيات القرن الماضي، إذ لا يقل الاستسهال أو التنفيذ في الأعمال الدرامية الحالية عن الواقع الحزين الذي عاشته فترة "أفلام المقاولات"، لكن اليوم تختلف الصورة بتغذية هذا الإنتاج من خلال مواقع التواصل التي تتحول إلى أداة تقيس نسبة المتابعة والمشاهدين، ويُبنى عليها لأعمال درامية أخرى مستقبلية لا تراعي المعايير المناسبة لشروط وقواعد هذه الصناعة.
يبقى التعويل على الزمن، فهو من سيحكم لاحقاً على أحقية هذه الأعمال بالنجاح أو الفشل، وليس تبوؤ "وسم" ما لساعات على موقع تفاعلي يحاول مرات تجميل الحقائق.