لماذا يُعد Ousama Ranking (تصنيف الملوك، كلمة أوساما تعني الملك باليابانية) واحداً من أفضل أعمال الأنمي في الفترة الأخيرة؟ سنجد هذا السؤال منتشراً بكثرة على المنصات المعنية بالأنمي. الجمهور يتساءل بالفعل: كيف استطاع عمل يبدو وكأنه قصة أطفال، أن يحصل على تقييمات عالية من جمهور من مختلف الأعمار؟ هذا التساؤل ليس استنكاراً، فالمعجبون أنفسهم يستغربون لماذا أحبوه إلى هذه الدرجة.
حصل "أوساما رانكينغ" على تقييم 9/10 على موقع IMDb، و8.74 على موقع My AnimeList. الاستغراب في محله، فقصة "تصنيف الملوك" تبدو وكأنها واحدة من الحكايات القديمة التي نعرفها جميعاً، ولا تشبه الأعمال التي تحصل على تقييم مرتفع عادةً لفكرتها المميزة. ببساطة، يروي الأنمي قصة أمير بحجم صغير جداً وعقل طفولي لا ينمو، وأصم وأبكم، ويحاول أن يغدو قوياً لأنه ولي العهد. ومع بساطة الحكاية، تأتي الرسومات لتزيد من هذه البساطة، على الرغم من تقنيتها الممتازة، إلا أنها ذات طابع قديم يذكّر بأعمال مثل "حكايات لا تنسى". وفي الوقت نفسه، تشبه إلى درجة ما أعمال استوديو غيبلي بشخصياته الغريبة الطريفة. بعوامل كهذه، نافس "أوساما رانكينغ" الأعمال التي صدرت في نفس الفترة وتفوق عليها، وعلى وجه الخصوص"بلاتينيوم إند" الذي كان يصدر في الفترة نفسها واليوم نفسه، وحصل على توقعات عالية جداً.
حكاية جدات قديمة
كما ذكرنا سابقاً، تبدو قصة "أوساما رانكينغ" كأنها حكاية شعبية قديمة بشخصيات نمطية ومعتادة. وتذكرنا قليلاً بقصة عقلة الإصبع وشبيهاتها، مثل "نُص نصيص" و"حص التوم" في المرويات الشعبية العربية. الشخصيات، كذلك، والحبكة مأخوذة من أنماط الحكايات الشعبية؛ زوجة الأب والأخ غير الشقيق الذي يريد الحكم، والملك الذي سيموت تاركاً خلفه هذه الصراعات. والأمير الضعيف سيذهب في رحلة، يقابل فيها أشخاصاً مختلفين، ويعود بشكل مختلف وأكثر قوة.
كما استعار بعضاً من المرجعيات المعروفة، مثل العقد مع الشيطان، والمرآة السحرية من حكاية بياض الثلج، والنهر الذي يؤدي إلى عالم الموتى من الأساطير الإغريقية.
عمل كهذا، وسط الأعمال الحديثة، يعطي إحساساً بالنوستالجيا، حيث الغيلان والشر المطلق والخير المطلق. لكنه، بعد ذلك، ينفي هذا التنميط الذي اعتدناه في الحكايات. زوجة الأب ليست شريرة، الأخ ليس شريراً، كما أن الأتباع الأوفياء ليسوا كذلك تماماً. تخرج الشخصيات عن نمطيتها المخلدة في الحكايات الشعبية، وتمتلك ماضياً يرينا تطورها، ومستقبلاً كذلك.
كاوايي أو الظرافة
من الجوانب الجذابة لـ "تصنيف الملوك" وجود عامل "كاوايي" بشكل كبير فيه. كاوايي هي كلمة يابانية بمعنى ظرافة أو لطافة، مثل Cute بالإنكليزية. كاوايي هي فكرة مهمة في الثقافة اليابانية الحديثة منذ السبعينيات، ويمكن ملاحظتها بسهولة في أزياء اللولي اليابانية، والتبني الثقافي الكبير لهيلو كيتي. كما مثّل مفهوم كاوايي تمرداً على التقدم بالسن والواجبات المزعجة.
بوجي الأمير الذي لا يكبر أبداً، ولا يستطيع الكلام، كان كاوايي بشكل مذهل؛ طفل بريء وصادق ويتمتم ببعض الأصوات غير المفهومة، ويجعلك ترغب باحتضانه، بينما يواجه سخرية مواطنيه واستصغارهم له واستنكارهم لفكرة أن يكون ملكهم المستقبلي. "أوساما رانكينغ" ليس مسلسل الأنمي الوحيد الذي لعب على هذا الجانب، لكنه تفوق فيه من دون ابتذال ومبالغة مزعجة، خصوصاً أنه متسق تماماً مع الحكاية وعالم المسلسل.
في الوقت نفسه، هذا ليس مسلسلاً لطيفاً يعرض للأطفال صباحاً، فمع كل الظرافة التي يتميز بها والقيم الواضحة والبسيطة، لا يخلو المسلسل من مشاهد عنيفة دموية غير مناسبة للأطفال. العملاق يقتل الناس بيده وتتطاير دماؤهم، فتاة صغيرة تقطع يديها ويسلخ جلدها. ومع وجود كل هذا العنف، الرسوم البسيطة اللطيفة لم تظهر مشاهد مريعة تماماً، وحرص القائمون على العمل على عدم الوقوع في فخ الدموية، الذي يسقط فيه الكثير من مسلسلات الأنمي لإبهار المعجبين البالغين.
عن البلوغ
نعرف خلال أحداث الأنمي ما الذي جعل الأمير بوجي لا ينمو. لكن هذا لا يعني أن قوته ستعاد إليه، ولا يحصل بوجي على أي قوة بواسطة السحر، مع أن قوته سلبت بشيء كهذا. يصنع بوجي قوته الخاصة من قدراته التي يكتسبها، والتدريب الذي يقدر عليه جسده حتى يصبح في النهاية أقوى رجل في العالم، أقوى حتى من والده الذي كان الأول في تصنيف الملوك. هذه القوة ليست قوة جسدية، بل مبنية من الإصرار والذكاء والمعرفة، تماماً مثل الحكايات الشعبية التي تحكي عن ذوي البنية الضعيفة. ومع وجود الكثير من السحر، يلفت الأنمي الانتباه إلى ذوي الاحتياجات الخاصة، وتجاهل المجتمع لهم، ويعطي أملاً لقدرات كامنة لا تحتاج إلى الجسد الكبير القوي. وفي إشارة إلى أهمية التواصل، كانت هناك نسبة لا بأس بها من التواصل بلغة الإشارة، من دون أن يؤثر هذا على صوتيات الأنمي.
قصص النمو تحصل على شعبية عالية في الأنمي، فتصنيف شونين (المراهقين) هو التصنيف الأكثر جاذبية للجمهور.
امتلك "أوساما رانكينغ" عوامل مختلفة تجعله يصل إلى هذا النجاح، والعامل الأكثر أهمية هو أنه مسلسل يمكنك مشاهدته للاسترخاء.
في نهاية رحلته، عاد بوجي ليصبح الملك، لكنه تخلى عن ذلك بعد فترة، وأراد القيام بالمزيد من الرحلات، أي أننا سنشهد مغامرات جديدة في موسم قادم. كما أننا لم نعرف طوال الأنمي ما هو "تصنيف الملوك"، وما الذي يحصل عليه الملك الذي يحصل على المركز الأول. بقيت الفكرة غامضة حتى حصول أحد الملوك على المركز، ولم نعرف بعد ما سيناله من ذلك، إلا أنه لا يبدو شيئاً مطمئناً وأقرب إلى عقد صفقة مع الشيطان.