استمع إلى الملخص
- الإعلامي بيرس مورغان أثار جدلاً بسؤاله المتكرر "هل تدين حماس؟"، مما عرضه للانتقادات، حيث اعتبره البعض محاولة لتوزيع صكوك البراءة أو الإدانة، متجاهلاً تاريخ الاحتلال الإسرائيلي.
- تساؤلات حول مكان يحيى السنوار، زعيم حماس، استمرت بعد تدمير إسرائيل لقطاع غزة، مما زاد من تعقيد الوضع في ظل حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة.
في ذكرى مرور سنة على عملية طوفان الأقصى، وبعد عام من الإبادة الجماعية، راجت تساؤلات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، كلها تسعى إلى استبيان آراء الفلسطينيين في قطاع غزة حول يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. تساؤلات، على بساطتها، تحوّلت إلى ساحة معركة رقميّة، بين مؤيدي عملية الطوفان ومعارضيها. سلّطت هذه الأسئلة الضوء على آراء فلسطينيي غزة المحاصرين، الذين يتعرضون إلى الإبادة، وكشفت عن طيف كبير من الاختلافات حول "طوفان الأقصى" والموقف الشعبي منها.
اللافت أننا أمام أسئلة موجّهة إلى الغزي، لكن الاشتباك والنقاش دار بين من هم خارج غزة، أي من لا يتعرضون إلى القصف اليومي. الأسئلة تحوّل إلى مراجعة لعملية طوفان الأقصى ونتائجها، وأعادت إلى الواجهة أسئلة أخرى عن مفاهيم الصمود والمقاومة، والتضحية والرغبة بالحياة، خصوصاً أن كثيرين رأوا فيها استفزازاً، فيما وجد آخرون أنها أشبه باستطلاع رأي أو استفتاء يعكس طيفاً واسعاً من الآراء التي وصل بعضها إلى حد التناقض التام.
كشفت التساؤلات عن تناقضات هائلة، وفي الوقت نفسه عن طبيعة الصراع لدى طرف، وإدراك عميق له لدى طرف آخر، وهو الغزيون؛ الأكثر قدرة على الإجابة، ليكبر الأمر لاحقاً إلى جدل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حول من يحق له الكلام والتقييم. وهنا اللافت، نُسي الغزيون وتحول الأمر إلى تصفية حسابات سياسيّة، خارج سياق السؤال والإجابة بين كثيرين لم يطأوا أرض غزة من قبل.
سؤال آخر تكرر خلال العام الماضي على وسائل الإعلام، وخصوصاً على لسان الإعلامي البريطاني بيرس مورغان: "هل تدين حماس؟". السؤال تحوّل لاحقاً إلى علامة سخرية، بل وانتشرت مقاطع فيديو تحاول إحصاء المرات التي أطلق فيها مورغان السؤال. تعرّض مورغان لاحقاً في العالم الرقمي، وأحياناً من ضيوفه في الاستوديو، لانتقادات شديدة بسبب السؤال نفسه، وبسبب تكراره، حتى إن بعض الضيوف رفضوا الإجابة عنه بوصفه سؤالاً مفخّخاً. وكأن مورغان يوزع صكوك براءة/إدانة على الضيوف كلّ حسب إجابته، لتتحول إدانة "حماس" إلى هدف المقابلة نفسه وهدف أي حوار، في تجاهل تام لتاريخ الاحتلال. وهنا المفارقة: سواء أدان أحدهم "حماس" أم لم يدنها، على الجهة المقابلة نحن أمام ماكينة قتل واحتلال، فعّلت قوتها الإبادية يوم 8 أكتوبر. لكن إدانتها غير مهمة، لكونها تتذرّع بحجة "مكافحة الإرهاب" و"الدفاع عن النفس".
السؤال الأكثر تكراراً هو: "أين يحيى السنوار؟"، وهو ما يطرحه الجميع من كل الأطياف، انتهاءً بإسرائيل نفسها التي دمرت وأبادت قطاع غزة، في محاولة الإجابة عنه. تلك الإجابة التي لم تقتصر على الجهد المخابراتي، بل تدمير الأبنية وما تحت الأرض في محاولة لإيجاد السنوار. هذا السؤال لم يحمل معاني سياسية راهنة، خصوصاً بعد تعيين السنوار خلفاً لإسماعيل هنية في رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس، لتظهر حذلقات مثل: كيف سيفاوض؟ كيف سيتواصل مع الخارج؟ الأسئلة التي سارت بالتوازي مع احتمالات موته المتعددة، إلى حين اكتشاف أنه حيّ وما زال يتواصل مع المفاوضين.
ربما هذه الأسئلة، على تنوعها وتعدُّد إجاباتها عبر وسائل الإعلام، ستبقى من دون إجابة لطالما أن حكومة اليمين المتطرف في دولة الاحتلال الإسرائيلي هي التي تهيمن وتتّخذ القرار. حكومة تعجز حتى عن الإجابة عن السؤال الذي يرفعه المتظاهرون في تل أبيب: "أين الأسرى/الرهائن؟". سؤال موجّه مباشرة إلى نتنياهو الذي ما زال عاجزاً عن الإجابة عنه، منتظراً نصراً من نوع ما، أو هزيمة سياسية نتيجة ماكينة القتل التي لم تعد تتردّد بقتل مواطنيها أنفسهم، وفتح حرب إقليمية عوضاً عن وقف إطلاق نار، والتفاوض بعقلانية مع "حماس" التي أعلنت مراراً استعدادها لإطلاق سراح بعض الرهائن بشروط. الإجابة عن سؤال الأسرى تعني وقف القتل، ذاك الذي لا يرغب نتنياهو فيه.