عَبّرت الفتاة الفلسطينية تيسيرة العقاد عن معاني الطفولة المُقيدة من خلال رسم دمعة تسيل على وجنة طفلة تتوشح بالكوفية السمراء وهي خلف أسلاك القيد، في لوحة تشكيلية عُرضت مع مجموعة من اللوحات التشكيلية غربي مدينة غزة المُحاصرة إسرائيلياً، اليوم الأربعاء.
وناقشت اللوحات الفنية التي رسمها الأطفال مختلف الحقوق الواجِبة التي يُحرمون منها جراء الحِصار والاحتلال الإسرائيلي، وعُرضت ضمن معرض نظمه مركز الميزان لحقوق الإنسان، خلال حفل تكريم الفائزين بمسابقة أفضل رسمة حول حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني لعام 2022، لمدارس قطاع غزة، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وتقول تيسيرة العقاد، التي فازت بالمرتبة الأولى للمُسابقة على الصف الثالث ثانوي، إنها عَبّرت عن أطفال فلسطين من خلال رسم طفلة حزينة خلف السياج المعدني، في لوحة اعتمدت على اللونين الأبيض والأسود الداكن، باستثناء الزهور الملونة التي أمسكتها الطفلة وهي تستند إلى الجدار المعدني.
وأوضحت لـ"العربي الجديد" أن للألوان الداكنة دلالة على تصوير الأوضاع التي يمر بها أطفال فلسطين، والتي تَحدّ من قدرتهم على الحركة، كما تُساهم بحرمانهم من حقوقهم الهامة، والتي كفلتها لهم القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية.
وبالألوان نفسها القاتمة، عَبّرت الفتاة أريج يونس، التي حصلت على المرتبة الثانية في الصف الثاني ثانوي، عن معاناة الأطفال بتصوير طفلة وقد أغلِق فمها بالقوة، في دلالة على حرمانها من حقها في التعبير، فيما بدت عيون الطفلة ممتلئة بالدموع.
هذا، بينما صورت الطفلة لينا العصار فتاة تحررت من قيودها التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي بعد موتها، وقد بدت روحها مبتسمة وهي تطير بجناحيها نحو السماء.
واحتضنت طفلة صغيرة رسمها يامن أحمد، من الصف السادس الابتدائي، دميتها وقد أغلقت عينيها عن رؤية المشاهد الصعبة، وبجوارها لوحة رسمتها الطفلة تالة عوض الله، أظهرت عدداً من الأطفال مبتوري الأقدام والأشخاص ذوي الإعاقة.
وقالت عوض لـ"العربي الجديد" إنها تحاول من خلال الرسم التعبير عن مختلف التحديات التي تواجهها وتواجه الأطفال، وفي الوقت ذاته تعكس من خلالها أمنياتها وتطلعاتها إلى مستقبل أكثر أمناً واستقراراً.
وتجسدت الحواجز الإسرائيلية أيضاً ضمن لوحات الأطفال، التي رسمها 36 طفلاً وطفلة، التي أعاقتهم عن الوصول إلى العلاج، كذلك المعابر المغلقة التي حالت بينهم وبين السفر، علاوة على لوحة رُسم فيها أطفال داخل كابينة محمولة بالبالونات الطائرة فوق المستوطنات التي تقضم الأراضي الفلسطينية.
وأوضح رئيس مركز الميزان لحقوق الإنسان، عصام يونس، أن المركز يُحافِظ على تنفيذ المعرض للعام الثاني عشر على التوالي، مبيناً أنه يأتي هذا العام تتويجاً لمسابقة شاركت فيها كل مدارس قطاع غزة، سواء المدارس الحكومية أو مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، من الصف الأول حتى الثاني عشر.
ويتابع يونس متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أنه تقدم للمسابقة المئات من الأطفال، إلا أنه تم اختيار 32 لوحة من الفائزين من خلال لجنة تقييم خاصة، وفق معايير معينة، لافتاً إلى أن المعرض يأتي في الوقت الذي ما زالت فيه العدالة مُعطلة، وما زال المدنيون يدفعون ثمن التضحية بحقوقهم، جرّاء عدم ملاحقة المتسببين بالانتهاكات ضد قوانين حقوق الإنسان والقانون الدولي.
وتضمنت احتفالية مسابقة أفضل رسمة حول حقوق الإنسان، التي سبقت افتتاح المعرض، لوحات فلكلورية للدبكة الشعبية، وفقرات فنية، وكلمات عدة، من بينها كلمة وكيل وزارة التربية والتعليم نافع عساف التي ألقاها عبر "زوم"، وأكد فيها أن للحديث عن حقوق الإنسان في فلسطين طبيعة خاصة بسبب التحديات الكبيرة التي تمر بها، مُشدداً على حق الطلبة في التعبير عن حقوقهم.
من جهته، أكد مدير عمليات "أونروا" توماس وايت، في كلمة له، أن "اللوحات عبرت عن تطلعات أطفال غزة لحقوقهم بطريقة إبداعية، وأنه لا يمكن التفكير بأزمة لحقوق الإنسان أكثر من الواقع في غزة وفلسطين، حيث يحرمون من حقوقهم اليومية"، وشدد على أهمية تثقيف الأطفال حول حقوق الإنسان.