- يُعتبر يوم الموتى فرصة للحفاظ على التقاليد العريقة، حيث تجتمع العائلات لتكريم موتاهم، ويُنظر إليه كوسيلة للحفاظ على جوهر التقاليد، مع ازدياد السياحة في المدن الكبرى.
- يجذب يوم الموتى السياح عالمياً، لكنه يواجه تحديات بسبب مزج بعض المكسيكيين بينه وبين عيد الهالوين، مما يثير قلقاً حول فقدان جوهر التقاليد.
شاهد أكثر من مليون شخص عربات ملونة وأشخاصاً يرتدون البدلات، وهم يسيرون عبر مكسيكو سيتي، خلال استعراض ضخم بمناسبة يوم الموتى أمس السبت بالتوقيت المحلي، وفقاً لإدارة المدينة. كما ضجت مقبرة سان غريغوريوعلى أطراف مكسيكو سيتي بأصوات العائلات التي أحيت المناسبة عبر تزيين قبور أحبائهم الراحلين بصفوف من الشموع وزهور القطيفة البرتقالية والمأكولات المفضلة لديهم، مثل "بان دي مويرتو" وزجاجات كوكا كولا.
وبدأت المكسيك الاحتفال بيوم الموتى، الجمعة، بهياكل عظمية مضيئة وجماجم وحلويات لإحياء ذكرى أقربائهم المتوفين، خلال العطلتين الكاثوليكيتين لجميع القديسين وجميع الأرواح. ورافق موكب أمس السبت المكون من سبع عربات عشرة آلاف شخص على الأقل يرتدون ملابس تنكرية، حسب سلطات المدينة.
“Es bonito recordar a nuestros difuntos con alegría”. Miles de personas participaron en el Desfile de Día de Muertos en la Ciudad de México.#VideosLaJornada @jaircabrerafoto pic.twitter.com/Vd65ystr93
— La Jornada (@lajornadaonline) November 3, 2024
كما تجمعت العائلات في المقابر في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني لإحياء روابطهم مع موتاهم، كما فعل أسلافهم لقرون. بالنسبة للعديد من العائلات في المجتمعات الصغيرة، يعتبر هذا اليوم فرصة للحفاظ على جوهر تقاليدهم، بينما تشهد الاحتفالات في المدن الكبرى ازدياداً في السياحة الجماهيرية.
يقول أنطونيو ميلينديز البالغ من العمر 58 عاماً: "نحن نحافظ على تقليدنا، جزء من تراثنا الذي غرسته أمي فيّ. لا يمكننا أن نتركه يضيع". كان ميلينديز من بين الحشود التي تجمعت في المقبرة المخفية وسط متاهة من الطرقات والمباني في منطقة سوتشيميلكو جنوب مكسيكو سيتي، التي لطالما حافظت على التقاليد المهددة بالتلاشي في أجزاء أخرى من البلاد. تحلق ميلينديز مع ابنتيه حول قبر والدته المزين ببتلات زهور برتقالية على شكل صليب وباقات من الزهور الوردية، اللون المفضل لدى والدته. ويشير ميلينديز إلى أن والدته توفيت العام الماضي، ولا تزال خسارتها حاضرة، لذا يحاول إحياء ذكراها من خلال مواصلة الطقوس نفسها التي شاهدها تؤديها أثناء نشأته، هذه المرة مع بناته.
تبدأ احتفالات يوم الموتى في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، ويعتقد المكسيكيون أنه في تلك الليلة يكون موتاهم أقرب إلى العالم الحي. وعلى الرغم من اختلاف طرق الاحتفال بين العائلات، إلا أن التقاليد تشهد تجمعات قوية. في مقبرة سان غريغوريو، تحمل النساء المسنات أكواما ضخمة من الزهور البرتقالية، الزهرة الرمزية للموت، وتبكي بعض العائلات في أحضان بعضها، بينما تجلس أخرى بصمت بجوار قبور أحبائها.
وسط عائلتها، تجثو بياتريس شافيز، البالغة من العمر 60 عاماً، عند قبور ابنها وابن أخيها ووالدها، وتشعل الشموع بصمت. تقول: "كأننا معهم لسنة أخرى، نشعر بأننا أقرب إليهم، حتى لو لم نتمكن من رؤيتهم". وتخطط شافيز للنوم في المقبرة، كما تفعل كل عام منذ وفاة والدها عندما كانت في العاشرة من عمرها.
كانت هذه التقاليد محوراً لفيلم ديزني "كوكو"، كما ظهرت مسيرة ليوم الموتى في مكسيكو سيتي في أحد أفلام جيمس بوند، رغم أن هذا العرض لم يكن موجود فعليا. واعتمدت الاحتفالات السنوية فيما بعد فكرة العرض من الفيلم.
الآن، يتوافد الناس من جميع أنحاء العالم إلى هذه الدولة اللاتينية، متحمسين لتجربة هذا التقليد الثري بأنفسهم. لكن الاحتفالات الهادئة في مناطق مثل مكسيكو سيتي وأواكساكا وميتشواكان بدأت تكتظ بالسياح الذين يلتقطون الصور للمحتفلين. في السنوات الأخيرة، بدأ العديد من المكسيكيين بمزج هذا الاحتفال مع عيد الهالوين وظهرت تقاليد جديدة كموكب جيمس بوند.
يعبر ميلينديز عن استيائه من هذه التغيرات قائلاً: "الهالوين ليس تقليدنا، إنه يوم الموتى. إنه لأمر محزن أن يُحرَّف. نفقد جوهر من نحن. هذا جزء منا، من جذورنا".
وينظر إلى يوم الموتى على أنه دمج لطقوس ما قبل الاستعمار والأعياد الكاثوليكية، التي استُحدثت في القرن السادس عشر. عندما وصل المستعمرون الإسبان وبدأوا بفرض الكاثوليكية على المجتمعات الأصلية، الذين مزجوا تقاليدهم مع الأعياد الكاثوليكية، لتتزامن الاحتفالات بالموتى مع "يوم جميع القديسين" في الأول من نوفمبر، وينتهي في الثاني منه. وكانت الحضارات الأصلية تنظّم احتفالات عند وفاة أحدهم لمساعدته في رحلته إلى العالم الآخر، وتضع الطعام في مذابح ليأكل منها أثناء رحلته تلك، وفقا للحكومة المكسيكية. وتضيف: "في هذا الاحتفال، لا يمثل الموت غياباً بل حضوراً حيّاً؛ الموت رمز للحياة يتجلى في المذبح المُقدّم".
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)