لا يزال اسم فلسطين يهيمن على المبادرات الفنية في أنحاء العالم، وذلك بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
فلسطين وبذور البطيخ
من أواخر تلك المبادرات أغنية جديدة أطلقها مغني الراب فاي (Phay) في الثامن من مارس/ آذار تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة، وخصص الفنان الأميركي الفلسطيني عائدات الأغنية لصندوق إغاثة أطفال فلسطين (PCRF).
تأتي أغنية فارس موسى، المعروف باسم فاي، "بذور البطيخ" (Watermelon Seeds) ضمن ألبوم "الزيتون"، وهو مجموعة من الأغاني والقصائد أطلقها 24 فناناً، منهم كريس غابو (Chris Gabo)؛ إذ ساهم في الألبوم بأغنية Body Cam"، التي انتقدت كلماتها بشكل لاذع دورات تدربيبة اعتادت قوات الشرطة الأميركية أن تتلقاها على يد الجيش الإسرائيلي.
من بين أغاني الألبوم، أيضاً، "كل ما أعرفه هو الحب"، للمغنية السودانية الإيرانية نادين الروبي، و"لا مكان للذهاب" للأميركي نيك حكيم، وRunning In Place لفرقة Cool Company، وأغنية "الاتصال المفقود" للأميركية جوردانا (Jordana)، وTorn للأسترالية ناتالي إمبروغليا (Natalie Imbruglia).
وفي ما يخص أغنيته، سجل فاي، على حسابه في "إنستغرام": "أشعر بالحيرة بخصوص ما يجب أن أكتبه عن الأغنية. أنا محطم القلب. كنت أتمنى أن أكذب عليكم وأخبركم كم أنني متحمس لإصدار هذا العمل، لكن لا يوجد شيء مثير في الإبادة الجماعية، التي تتحدث عنها كلمات الأغنية".
وأضاف الرابر الأميركي الفلسطيني: "ليس هناك شيء ممتع أو مثير في ما يخص هذا الرقم القياسي. اليوم فقط، قُتل مئات الأبرياء أثناء انتظارهم في طابور للمساعدات الإنسانية، يجب أن تتوقف تلك الفظائع".
الخزف الفلسطيني
في مدينة غيلونغ الأسترالية، أقيمت فعالية فنية، هي معرض للخزف استضافه غاليري Hue and Cry Collective، وقرر المشاركون في المبادرة التي تمتد من 9 إلى 31 مارس/ آذار التبرع بجميع العائدات إلى منظمة أطفال غزة.
يشارك في الفعالية اسم معروف في عالم الخزف في أستراليا؛ الفنانة ستورم بوسيك (Storm Bucek)، التي استوحت مجموعتها في المعرض من فن الخزف الفلسطيني الذي يمتد تاريخه إلى أكثر من 3000 عام. وتقدم بوسيك في أعمالها وتصاميم السغرافيتو (إحدى تقنيات فن الخزف) رؤية جديدة للزخارف الموجودة في النقش الفلسطيني التقليدي.
وبخصوص أعمالها في المعرض، قالت الفنانة الأسترالية: "أصنع هذه الأواني لتوصيل أصوات سكان غزة"، مؤكدة: "سيتم التبرع بجميع عائداتي، لأن أهل غزة يائسون ويطلبون المساعدة ولا أريد أن أستفيد من معاناتهم".
وأردفت ستورم: "طوال الفترة الماضية، جاءت عناوين الأخبار عن الأوضاع في غزة مروعة، بينما ترددت صرخات الإبادة الجماعية في أنحاء العالم كافة، ليلهمني حزني على ما يحدث هناك من قتل مستمر للشعب الفلسطيني ومن تدمير متعمد لثقافته؛ أعمالي تلك".
شهد المعرض مساهمة أخرى، للفنانة ليفانا لابيل (Levana Labelle)؛ إذ ضمت مساهمتها مجموعتين، الأولى جاءت عبارة عن سلسلة من الأواني تصور ما أحدثته الحرب من دمار، وما وقر في نفس الفنانة من مشاعر أثناء مطالعتها عن تاريخ معاناة الشعب الفلسطيني، بينما جاءت المجموعة الثانية عبارة عن أعمال مستوحاة من الأواني الفخارية الفلسطينية بزخارفها ونقوشها التقليدية.
وأعربت الفنانة الأسترالية عن أملها في أن يحرض هذا المعرض المشاهد على التعرف أكثر على ما تحمله الثقافة الفلسطينية من جمال وتقدير قيمتها، كذلك على مزيد من التضامن مع مأساته الناتجة عن آلة الحرب الإسرائيلية التي لا يردعها شيء.
معرض فوتوغرافي
على امتداد صالة مقسمة بالأسلاك الشائكة، أقيم معرض للصور الفوتوغرافية في مقاطعة وندسور في بريطانيا، تحت عنوان "غزة ستنهض" في محاولة للتعريف بالقطاع ومجتمعه قبل الحرب وبعدها.
ضم المعرض الذي انطلق في 24 فبراير/ شباط الماضي في قسم منه عدداً كبيراً من الصور التي عمدت إلى عرض مظاهر للحياة كانت تزخر بها غزة قبل العدوان عليها، بما في ذلك الأنشطة الثقافية والفنية، بينما ضم القسم الآخر الذي فصلته الأسلاك الشائكة صوراً لمظاهر دمار جلبتها آلة الحرب الإسرائيلية طوال الأشهر الماضية، بجوار صور لأطفال استشهدوا في قطاع غزة.
شمل المعرض الذي نظمته كل من الحركة النسائية من أجل فلسطين ومنظمة وندسور من أجل فلسطين خريطة كبيرة لقطاع غزة بلغت مساحتها نحو سبعة أمتار، مع لافتة تنبه إلى أن القطاع هو "أكبر سجن مفتوح في العالم".
وقالت ملاك الحجالة، عضوة منظمة وندسور من أجل فلسطين: "الغرض من هذا الحدث هو عرض تنوع الثقافة الفلسطينية مع تسليط الضوء أيضاً على المعاناة التي يعيشها أهالي القطاع حتى اليوم جراء حرب إبادة يشنها جيش الاحتلال بلا هوادة".
وأضافت الحجالة: "لا يجد كبار السن والأطفال طعاماً يأكلونه. هناك مدنيون أبرياء يموتون كل يوم، ليس من الضروري أن تكون فلسطينياً حتى تشعر بما يمرون به، كل ما عليك فعله هو أن تكون إنساناً".
وعن أقاربها في القطاع المحاصر، أوضحت الناشطة الفلسطينية البريطانية أنها لم تعد تسألهم عن أحوالهم: "أنا فقط أسألهم: هل أنتم على قيد الحياة؟ على الرغم من أن الأمر محرج، إلا أن هذا هو السؤال الوحيد الذي يمكنني طرحه الآن".
تتابع "ماذا سنسألهم؟ كيف هي الأمور؟ لا شيء على ما يرام، ليس لديهم ماء، ليس لديهم طعام، ليس لديهم أي شيء".