- المشروع الرقمي "اسأل دالي" يعد نتاج تعاون بين المتحف وشركات التكنولوجيا، يتيح حوارات تفاعلية تعكس شخصية دالي الفريدة بفضل تغذية النموذج الرقمي بمراجع فنية وتسجيلات صوتية لدالي.
- مشروع "نسيج الأحلام" يستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء لوحات رقمية من وصف الزوار لأحلامهم، معكساً اهتمام دالي بالأحلام واللاوعي، ويبرز كيف يواصل إرث دالي التأثير في عصر الذكاء الاصطناعي بطرق مبتكرة.
هاتف جراد البحر (Lobster Telephone) هو عمل فني مجسّم، أنشأه الفنان الإسباني سلفادور دالي (1904-1989) في ثلاثينيات القرن الماضي. يمثّل العمل منحوتة لجراد البحر (الكركند) متصلة بهاتف حقيقي. ينتمي العمل إلى المدرسة السوريالية، وهي حركة فنية معروفة بمعالجاتها البصرية التي تشبه الأحلام وجمعها بين عناصر متناقضة، ويعد سلفادور دالي أحد أشهر روادها.
في متحف دالي الواقع في مدينة سانت بطرسبرغ في ولاية فلوريدا الأميركية، يمكن للزوار أن يشاهدوا نسخة طبق الأصل من هذا الهاتف المميز، لكن لا يقتصر الأمر هنا على المشاهدة فقط، إذ يمكن لزائري المتحف أيضاً التقاط الهاتف والتحدث من خلاله، فشبح سلفادور دالي سيكون في انتظارهم على الطرف الآخر.
الهاتف المُشار إليه جُهّز بنسخة رقمية مُطابقة لصوت الفنان مصنوعة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وهو مشروع دُشّن أخيراً، تزامناً مع مرور 120 عاماً على ميلاد دالي في هذه السنة. والنتيجة هي صوت يشبه تماماً صوت دالي الحقيقي وأسلوبه في التحدث بالإنكليزية، وحوار يعكس شخصيته الفريدة وأسلوبه وروح الدعابة التي كانت تميزه.
في الفيديو الترويجي المنشور على موقع المتحف، يقدم التشكيلي الإسباني نفسه للجمهور قائلاً: "مرحباً، أنا سلفادور دالي، ويمكنكم سؤالي عن أي شيء... لا أعرف في الحقيقة كيف أحضروني إلى هنا! فأنا أجد صعوبة في فهم ذلك. كل ما أعرفه هو أنهم استخدموا إحدى التقنيات الحديثة لإعادة إنشاء صوتي، وها أنا هنا أتحدث معكم". في هذا الفيديو الترويجي، يجيب دالي الرقمي عن أسئلة متنوعة من زوار فضوليين يسألون عن أعماله وعن حياته، وحتى عن شاربه المميز وأسلوبه في انتقاء ملابسه.
المشروع نتيجة للتعاون بين المتحف وإحدى الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي. وغُذّي النموذج الرقمي بالعديد من المراجع الفنية والتسجيلات الصوتية للفنان الراحل، وهو مدعوم أيضاً بالعديد من برامج التعلم الآلي الأخرى، مثل "تشات جي بي تي".
مشروع "اسأل دالي" ليس أول تجربة للمتحف في مجال الذكاء الاصطناعي. فعام 2019، كشفت المؤسسة النقاب عن برنامج "دالي لايفز" Dalí Lives، الذي سمح للزوار بالتفاعل مع نموذج رقمي للفنان على شاشات الفيديو المنتشرة في جميع أنحاء المبنى. منذ ذلك الحين، قطعت التكنولوجيا شوطاً طويلاً. لذا، يعد النموذج الأخير أكثر تطوراً من سابقه، فهو يتيح إمكانات غير محدودة للتفاعل والحوار بين الجمهور والنموذج الرقمي للفنان.
والعام الماضي، أصدر المتحف نموذجاً آخر للذكاء الاصطناعي تحت عنوان "نسيج الأحلام"، أتاح إنتاج لوحات رقمية بناءً على وصف الزوار لأحلامهم، اعتماداً على برامج إنشاء الصور عبر النصوص.
وقال رئيس الشركة المصنعة للنموذج الصوتي، جيف غودبي، إن دالي كان مفتوناً بأحدث الأدوات والتقنيات في عصره، ومهتماً بالتعرف إلى الوسائط التكنولوجية المختلفة، لهذا يعد البرنامج هدية مناسبة في ذكرى ميلاده. وأضاف غودبي أن برنامج "اسأل دالي" يتيح طريقة جديدة ومبهجة للتفاعل مع تكنولوجيا التعلم الآلي، وهو يعتمد في جانب منه على كتابات دالي نفسه وتسجيلاته الصوتية، ويقدم إجابات مرنة وغير متوقعة لأسئلة الزوار.
"اسأل دالي" يتبع العديد من الابتكارات المماثلة في المتاحف الأخرى. ففي وقت سابق من هذا العام، اختتم متحف أورسيه في باريس معرضاً ضم مجسماً ينطوي على برنامج رقمي تحت عنوان "مرحباً فنسنت"، يستطيع من خلاله الزوار التحاور مع الفنان الهولندي فنسنت فان غوخ، وطرح تساؤلاتهم عليه.
والشهر الماضي، افتتح المتحف الوطني للحرب العالمية الثانية، في نيو أورلينز، عرضاً بعنوان "أصوات من الجبهة"، يسمح للزوار بالدردشة مع 18 من قدامى المحاربين والممرضين الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية. يذكر أن متحف سلفادور دالي في الولايات المتحدة يضم مجموعة متنوعة ومهمة من أعمال الفنان تتخطى الـ2400 عمل، تمثل مراحل مختلفة من حياة سلفادور دالي الإبداعية.