أكثر من ثلاثين عاماً ومسلسل "عائلة سيمبسون" مستمر، ليكون واحداً من أشهر أعمال الرسوم المتحركة، إلى جانب تحوله إلى ظاهرة ثقافيّة وجزء من الثقافة الشعبيّة. فمن النبوءات التي يطلقها، إلى النكات المبطنة، مروراً بتقنية الـ"باستيش" (أسلوب يقلد عملاً أو فناناً أو فترة أخرى)، مسلسل "عائلة سيمبسون" يتيح للفضولي وصاحب المخيلة أن يقرأ العالم بأكمله من خلال مواسمه.
"عائلة سيمبسون" انتشارها واسع، والمنتجات الثقافية التي تحتفي بأفرادها متنوعة، من القمصان إلى الكؤوس وغيرها من المنتجات. وأخيراً، صدر للذواقة وناقدة الطعام لوريل راندولف كتاب يحمل عنوان "الكتاب غير الرسمي لوصفات عائلة سيمبسون"، الذي يحوي 70 وصفة طعام ظهرت في المسلسل.
كل الأكلات والأطباق التي يشاهدها المتابع على الشاشة حاضرة في الكتاب الصادر عن دار "سيمون أند شوستر"، وسيكون القارئ قادراً على التعرف إلى كيفية تحضيرها. يضم الكتاب الوصفات المفضلة لكل واحدة من الشخصيات: الكرات الأميركية التي يحبها "بارت"، وكعكة "ليزا" المفضلة، وبرغر "كراستي"، والـ"برتزلز" التي تحضرها "مارج"، وغيرها من الإبداعات التي تتذوقها الشخصيات الصفراء. يحوي الكتاب أيضاً وصفات عدد من المشروبات المعروفة في المسلسل، كـ"كوكتيل مو الحرّاق"، و"مو" هو صاحب الحانة غريب الأطوار في المسلسل. تحضر أيضاً الـ"تيكيلا" المجلّدة، وهو شراب "مارج سيمبسون" المفضل في إجازاتها، فضلاً عن وصفات الحلويات والمقبلات والأطباق السريعة.
في مجلة "نيو يوركر"، يوم الأحد الماضي، سألت الكاتبة نايومي فراي عن إمكانية طهو هذه الأطباق، أي هل الكتاب يحوي وصفات حقيقية أم مجرد محاولة لـ"تقليد شيء نحبه". ولاختبار ذلك، أعدت الكاتبة فطور "أحبك" الذي حضرته "مارج" لزوجها "هومر" صباح عيد الحب. وعلى الرغم من بساطته (لحم مقدد وبيض على شكل كلمة أحبك)، فشلت محاولتها، والسبب يبدو هو عدم امتلاكها المعدات الكافية، وربما استخفافها بما تحضره، فما حصل هو أن الطبق النهائي، حسب تعبيرها، لم يكن كما هو في أفلام الكارتون، بل أشبه بـ"رسالة تهديد ووعيد". الأمر نفسه تكرر مع الطبق الثاني الذي أنجزته، إذ قالت إنه كان لذيذاً لكن ليس بالشكل المرجو.
ثمن الكتاب الذي صدر في 3 أغسطس/ آب الحالي لا يتجاوز الـ22 دولاراً أميركياً، بعكس كتب الطبخ الأخرى التي تحوي لمسة فنية، كذلك الخاص بالرسام الإسباني سلفادور دالي، فالوصفات التي فيه مكلفة، وتحتاج أحياناً يوماً أو أكثر لتحضيرها. ما يميز كتاب الطبخ الخاص بـ"عائلة سيمبسون" هو سهولة تحضيره من قبل الأسرة المتوسطة، فوصفاته أساسها الطعم الطيب والكلفة المنخفضة، والأهم، الشبع. صحيح أننا لا نشاهد أطباقاً عجيبة، لكنها لطيفة، وملائمة للأسرة، بل وتصلح لأن تطهى في مناسبات مرتجلة من دون تحضير مسبق.
تتبع حساب "تويتر" الخاص بالكاتبة يكشف لنا عن تفاعل المعجبين الكبير مع كتاب وصفات "عائلة سيمبسون"؛ حفلات متنوعة أقيمت من أجل تجريب الوصفات المذكورة في الإصدار الجديد، وهذه ميزة إضافية فيه، فالأطباق ليست مخصصة فقط للذواقة، بل يمكن أيضاً قراءته ككتاب فقط، لا ككتاب وصفات، كونه يعيدنا إلى المسلسل الشهير، و يذكرنا بأشهر حلقاته، والدور الذي لعبه الطعام فيها، ناهيك عن أسلوب عرض الأطباق الذي يبتعد عن "بورنوغرافيا الطعام" و"الأشكال الفاخرة"، إذ يكفي أحياناً أن نشاهد صورة سندويشة "هوت دوغ" تقليدية حتى يسيل لعبنا، ونقرر تحضيرها، من دون الحاجة إلى بحث طويل عن المكونات المناسبة، فلا ندرة يراهن عليها الكتاب. هناك رغبة في أن يكون الطعام متعة للجميع، ومتاحاً للجميع، كحالة المسلسل نفسه الذي يخاطب الأذواق كلها.