أعلن رئيس حزب الوسط المصري، أبو العلا ماضي، الأربعاء، اعتقال أجهزة الأمن الطبيب والمحاضر البارز، هاني سليمان، استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية، ومدير التسويق السابق في شركة فايزر الأميركية في الشرق الأوسط.
وجاء الاعتقال بسبب تدوينة نشرها عبر حسابه الشخصي في "فيسبوك"، طرح فيها بعض التساؤلات عن مصروفات عائلة الرئيس عبد الفتاح السيسي ومجوهرات زوجته وابنته، وقارنها بمصروفات أي أسرة مصرية من الطبقة المتوسطة.
وكتب ماضي عبر صفحته في "فيسبوك" قائلاً: "علمت منذ قليل بخبر القبض على د. هاني سليمان، منذ يوم الاثنين الموافق 27 مارس/آذار الماضي، واحتجازه في سجن أبو زعبل بمحافظة القليوبية. وهو لمن لا يعرفه طبيب كبير متخصص في الأمراض الجلدية، وخبير تدريبي وتسويقي، وسبق له أن رأس قسم الشرق الأوسط للتسويق في شركة فايزر للأدوية".
وأضاف ماضي: "د. هاني كاتب حر ذو قلم رشيق، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا أعلم أي جريمة ارتكبها سوى كتابة تدوينات على درجة عالية من الشجاعة. ويبدو أن هذه الدرجة من الشجاعة أصبحت غير مقبولة، بل إنها تحولت إلى تهمة"، خاتماً "أسأل الله أن يعجل له بالفرج هو وكل المظلومين".
وقبيل اعتقاله مباشرة، كتب سليمان تدوينة حظيت بانتشار واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال فيها: "الرئيس الفرنسي ماكرون أصدر قراراً برفع سن المعاش من 62 إلى 64 عاماً، من دون تمرير القرار على البرلمان لأخذ موافقته. واشتعلت المظاهرات العنيفة في أنحاء البلاد احتجاجاً على القرار، وحدثت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة، وتخريب وتدمير المرافق العامة".
وأضاف: "ماكرون خرج في لقاء تلفزيوني لمخاطبة الشارع وتهدئته، وارتطمت يده بالطاولة فاصطدمت بها ساعة كان يرتديها، وأحدثت صوتاً عالياً مسموعاً؛ فوضع يديه تحت الطاولة، وخلع ساعته بهدوء، ووضعها بعيداً عن الكاميرا. هنا هاجت الدنيا على ماكرون، واتهمه الفرنسيون بمحاولة إخفاء ساعته لأنها من ماركة شهيرة، ليخرج قصر الإليزيه في بيان رسمي ويُعلن أنها ساعة عادية ثمنها ألفا يورو، ولكنها تحمل شعار رئاسة الجمهورية".
وتساءل سليمان بقوله: "في بلدنا الطيب يصدر رئيس الجمهورية أي قرار من دون عرضه على البرلمان، أو على أي جهة أو مؤسسة؛ فهذه هي القاعدة العامة في مصر المحروسة. لكن هل يستطيع الشعب أن يخرج في مظاهرات اعتراضاً على هذا القرار؟".
واستدرك: "إذا حدثت تظاهرات احتجاجية فعلاً، فماذا سيكون رد فعل الدولة والشرطة والأمن والجهات السيادية العليا؟ وهل تستطيع مؤسسة الرئاسة أن تخبرنا بسعر ساعات يد الرئيس أو بذلاته أو أحذيته، والتي كثيراً ما تساءل المصريون عن أنواعها وأشكالها وموديلاتها وأسعارها؟!".
وأكمل سليمان: "هل تستطيع أي مؤسسة أو جهة رسمية أن تخبرنا عن أسعار ملابس وأزياء وفساتين وحقائب يد السيدة حرم الرئيس، أو عن أسعار المجوهرات والحُلي التي ترتديها في المناسبات؟ وهل تستطيع أي جهة رسمية أن تخبرنا عن نوع وسعر العقد الذي كانت ترتديه ابنة الرئيس في حفل زفاف ابنة ملك الأردن، والذي أثار دهشة وتعجب وتساؤل الكثيرين من المصريين؟".
وتابع تساؤلاته: "هل يمكن أن تخبرنا أي جهة رسمية بمصروفات العائلة الحاكمة؟ أقصد عائلة الرئيس، ومقارنتها بمصروفات أي عائلة مصرية من الطبقة المتوسطة العادية؟ الرئيس قال بنفسه إنه يحصل على الحد الأقصى للمرتبات في مصر، وهو 42 ألف جنيه شهرياً، وأعلن تنازله عن نصف راتبه لصندوق تحيا مصر طالما بقي في الرئاسة!".
وختم سليمان: "الشعب الفرنسي يعرف أين يسكن رئيسه (قصر الإليزيه بباريس)، والشعب البريطاني يعرف أين يسكن رئيس الوزراء (10 شارع دواننغ بلندن)، والشعب الأميركي يعرف أي يسكن الرئيس (البيت الأبيض بواشنطن)، فهل يمكن للشعب المصري أن يسأل: أين يسكن الرئيس المصري؟ هذا يوضح الفرق بيننا وبين الدول المتقدمة؛ هم يسألون ويجدون من يرد عليهم، ويوضح لهم. ونحن إذا سألنا لا نجد رداً، ولا إجابة، ولا اهتماماً، بل غالباً ما نجد استنكاراً وتعنيفاً، وربما عقاباً".
وتحت عنوان "الحقيقة المؤلمة"، قال سليمان في تدوينة نشرها في اليوم السابق لاعتقاله: "من يفكر أو يعتقد أو يتخيل أو يتوهم أنه يمكن إزاحة نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي عن طريق انتخابات ديمقراطية شفافة؛ فهو حالم أو واهم أو نائم أو في غيبوبة. السيسي لن يقبل أبداً أن يصبح رئيساً سابقاً، ولا يمكن أن يتصور نفسه واقفاً في قفص الاتهام أمام محكمة عسكرية أو مدنية ليُحاكم على جرائمه".
وأضاف: "السيسي لا يتخيل أن يصبح حاكماً سابقاً يبحث عن مهرب أو مهجر أو ملجأ يعيش فيه بعيداً عن مصر، خوفاً من كشف جرائمه وفضائحه وفساده وفشله، أو محاكمته على أيدي النظام الجديد؛ وبطلب من الشعب الذي حكمه بالحديد والنار. لا يمكن أن يتصور السيسي نفسه لاجئاً يعيش في السعودية مثلاً مع أسرته، كما فعل زين العابدين بن علي رئيس تونس المخلوع، أو يعيش في الإمارات كما فعل برويز مشرف رئيس باكستان المخلوع، ويصبح عرضة للمطاردة من سلطات بلده ومحاكمته بتهم الفساد والفشل، وسوء الحكم، وإغراق مصر في الديون، ونهب ثرواتها، وبيع أصولها، ومنع الحريات، وتكميم الأفواه، وانتهاك حقوق الإنسان، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية".
وزاد سليمان: "أتعجب كثيراً ممن يعتقدون أنه يمكن أن تُجرى في مصر انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة وشفافة، يفوز فيها شخص مدني على السيسي، وينتزع منه حكم مصر. والقوى السياسية الوطنية، وأحزاب المعارضة الكرتونية، الذين يصرون على أنه يمكن لمدني منافسة السيسي، والوصول إلى حكم مصر؛ فهؤلاء إما طيبون جداً أو سذج جداً. ولا أقول متواطئون أو موالون أو منتفعون".
وتابع قائلاً: "السيسي لن يرحل إلا بواحدة من ثلاث: إما بانقلاب عسكري جديد قد يكون صريحاً أو غير صريح، أو بإرادة من الله عز وجل، وانتهاء العمر لأي سبب، أو بانتفاضة شعبية ساحقة تهدد بخراب البلد، فتضطر شلة المنتفعين من السيسي للتخلي عنه؛ وهذه بالذات لا أتمنى حدوثها أبداً. أعتقد أن مواجهة الحقيقة المؤلمة أفضل كثيراً من التعلق بأمل كاذب، أو بوهم خرافي، أو السير وراء أوهام أو أكاذيب أو تضليل!".