صدمة وغضب وحزن خلّفها خبر اغتيال الناشط السياسي والحقوقي اللبناني لقمان سليم، وهو مدير مركز "أمم للأبحاث والتوثيق"، والمعروف بشغفه باللغة العربيّة، عدا عن كونه معارضاً بارزاً لـ"حزب الله". ومن منزله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وثّق سليم عبر مركزه الحرب الأهلية اللبنانية، والتي لا يوجد رواية موحّدة لها في لبنان، كما اهتمّ بملف المخفيين قسراً خلال الحرب، ونظّم معارض وندوات ثقافيّة وتحدّث بحريّة عن آرائه ما تسبب بتهديدات له.
ووُجِد سليم، صباح اليوم الخميس، مقتولاً بالرصاص في سيارة في جنوب لبنان، بعد اختفائه وفقدان الاتصال به منذ يوم أمس، الأربعاء، خلال زيارته لمنزل صديقه في جنوب لبنان. ويُعَدّ لقمان سليم من أشدّ الناشطين السياسيين المعارضين لـ"حزب الله" اللبناني، ويُتهم سليم، وهو من الطائفة الشيعية، من قبل مناصري الحزب بالعمالة، نظراً لمواقفه المعارضة للحزب وأجنداته الخارجية.
ودان اللبنانيون عودة زمن الاغتيالات والترهيب، رافضين كاتم الصوت، ومطالبين بالعدالة لسليم وبمحاسبة الفاعلين من دون تمييع القضيّة، خصوصاً أنّها تزامنت مع مرور 6 أشهر على انفجار مرفأ بيروت وهي الجريمة التي لم يحاسب عليها أحد بعد. وما زاد المخاوف هو حصول عمليات قتل وارتفاع نسبة الجرائم في لبنان في الفترة الأخيرة، أيضاً من دون الوصول إلى الحقيقة فيها.
وتداول الناشطون رسائل التهديد التي كان لقمان سليم يتلقّاها، وزادت عام 2019 حين استيقظ في أحد الأيام ليجد منشورات ملصقة على الباب الخارجي لمنزله تمجّد كاتم الصوت وتتهمه بالعمالة للاحتلال الإسرائيلي وتدعو صراحةً لقتله.
وأشار الإعلامي يزبك وهبة في تغريدته "لمن لا يعرف فإنّ المغدور #لقمان_سليم هو نجل النائب والحقوقي والمحامي الألمعي الراحل محسن سليم من #الغبيري الذي كان في الكتلة الوطنية مع العميد ريمون إده وكان من أشد المناضلين في سبيل حقوق الإنسان والدفاع عن الشرعية والدستور.".
وشدد الحقوقي أيمن مهنا في تغريدته "#لقمان_سليم ليس فقط "ناشط" - هو قائد رأي، كاتب، محلل، وأحد أبرز الأصوات في وجه حزب الله، وابن عائلة تمرست في العمل الحقوقي والسياسي، وأحد ركائز العاملين على مسألة ذاكرة الحرب اللبنانية والمخفيين قسراً في #لبنان و #سوريا! أي تبسيط أو تمييع للجريمة هو مساهمة فيها.".
واعتبر اللبنانيون أنّ الجريمة تعيد إلى الأذهان السيناريو الوحشي الذي يستخدم ضدّ الناشطين والمعارضين في العراق. وكتبت الإعلامية ريما عساف "ما أشبه اغتيال لقمان سليم في جنوب لبنان باغتيال هشام الهاشمي في بغداد... هناك بقي القاتل مجهولا معلوماً، وهنا سيبقى كذلك على الأرجح... من العراق الى لبنان هل يكون القاتل واحداً؟... #لقمان_سليم".
وغرّد الصحافي حسن عباس "رحل الصديق #لقمان_سليم. رحل غيلة. قتله مَن قتل كثرا قبله وسيقتل كثرا بعده. عن صديقته الشريرة: "القتيل يعرف قاتله قبل وقوع الجريمة"". وعلّقت الصحافية جنى الدهيبي "#لبنان صار أبشع مما تكون عليه غابة الوحوش.. ونحن مثل الأسرى نعيش في هذا البلد، لا أمان لا أمان. لبنان صار بلدا مخيفا وموحشا تنعدم فيه أدنى الأخلاقيات التي تحافظ على كرامة الإنسان وحياته، بينما تحكمنا زمرة من الوحوش والمجرمين والقتلة.. لهذا قتلوا الناشط السياسي #لقمان_سليم".
وغرّد المصور وائل اللاذقي "إن عشت فعش حراً أو مت كالأشجار... وقوفاً وقوفاً وقوفاً وقوفاً #لقمان_سليم". وكتب الإعلامي ألبير كوستانيان "#لقمان_سليم ضحية نهج العنف والقتل وكل من تحالف معه وبرره وسكت عنه. يغتالون كل من يعارضهم ويرهبون من يبقى. لن نرضخ! #كلنا_لقمان_سليم".
أما جوليان الحاج فكتب: "لا أعرف ما يغضبني أكثر. اغتيال الحرّ والشجاع #لقمان_سليم، أو مرور 6 أشهر على #انفجار_بيروت من دون أي تقدّم في التحقيق، أو تغريدات الصدفة وتغريدات التمييع. جنونٌ كلّ ما يحدث، ولا بد أن ينفجر هذا الغضب كما انفجر المرفأ".
وكانت منشورات من ناشطين وإعلاميين سوريين وعراقيين ترثي سليم. وكتب ياسين الحاج صالح: "وصلتني رسالة من لقمان سليم قبل البارحة تتضمن مخطوطة كتابي المفروض أن يصدر قريبا عن أمم ودار الجديد. البارحة لقمان قتل على أيدي محترفي القتل في لبنان وسورية. اليوم للحزن، للتضامن مع مونيكا ورشا، وغدا نكمل بالصراع مع اليأس ووكلائه".