- تتبنى وسائل الإعلام مثل فوكس نيوز الرواية الإسرائيلية الرسمية، حيث تركز على تصريحات المسؤولين الإسرائيليين وتستخدم مصطلحات مثل "الإرهاب"، متجاهلة الأضرار الجسيمة للمدنيين، مما يجعل الشهداء يظهرون كأضرار جانبية.
- تمارس منظمات إسرائيلية ضغوطاً على الإعلام الغربي لتبني السردية الإسرائيلية، مستخدمة مشاريع مثل "الحقيقة الحديدية" لحجب المنشورات المنتقدة، مما يعزز الرواية الإسرائيلية ويخفي الأصوات المعارضة.
خلال ترويجه السرديةَ الإسرائيلية حول العدوان على لبنان، يعيد الإعلام الغربي تكرار الحيل والخلطات والاستراتيجية نفسها التي اتبعها منذ اليوم الأول من العدوان الإسرائيلي على غزة. ويشمل ذلك التلاعب بالعناوين، وإخفاء الصوت الآخر المعارض للرواية الإسرائيلية الرسمية، والتعامل مع الشهداء كأنّهم آثار جانبية، وتخفيف اللغة المستخدمة في وصف ما تقترفه إسرائيل من جرائم.
ورصد موقع مسبار للتحقّق من المعلومات والأخبار مجموعة من هذه الحيل التي شملت نشر عناوين غامضة تدفن الحقائق والوقائع على الأرض. مثلاً في 26 سبتمبر/أيلول نشرت "بي بي سي" خبراً يحمل عنواناً غامضاً ومضللاً يقول "القنابل في كل مكان. الناس يفرون من الضربات الجوية في لبنان". وقد تغاضى العنوان عن الإشارة إلى الفاعل الحقيقي وراء تلك الضربات، وهو إسرائيل. كذلك رفضت عناوين "إيه بي سي نيوز" الإشارة إلى الجهة التي تنفّذ عمليات القصف، أي الاحتلال. وحتى في مقدمة الخبر، كانت الضربات توصف وكأنها مجهولة المصدر يؤكد "مسبار".
يُذكر أنّ دراسة كشفت أن 59 % من الأشخاص يقرؤون العنوان على منصات التواصل الاجتماعي من دون أن يقرؤوا كلمة واحدة من النص، وكثيرون يشاركون الخبر بناءً على العنوان أو الصورة المرفقة به. لهذا تلعب العناوين دوراً كبيراً في تشكيل تصور القراء للمحتوى. هذا يعني أن العناوين المتحيزة والغامضة تشوّه الحقيقة وتخلق تصورات غير دقيقة.
ولم يعد غريباً على الإعلام الغربي تبني الرواية الإسرائيلية كما هي. يقدّم تقرير "مسبار" شبكة فوكس نيوز الأميركية بوصفها مثالاً واضحاً على تبني الرواية الإسرائيلية الرسمية، وحجب وجهات النظر الأخرى عن المتلقي، مكرّرةً بالضبط ما تقترفه من انحياز خلال العدوان على غزة. وحول لبنان تركّزت العناوين الرئيسية على تصريحات المسؤولين الإسرائيليين وتكرار مصطلحات مثل "الإرهاب" و"الإرهابيين" في العناوين الرئيسية، مع تجنّب الإشارة إلى المدنيين وأعداد الشهداء منهم أو حالات النزوح وتدمير المنازل.
وأظهرت تقارير الإعلام الغربي الشهداء ضحايا العدوان الإسرائيلي على لبنان باعتبارهم أضراراً جانبية أو ضرورة. في أحد أخبارها حول لبنان كتبت "بي بي سي" : "كانت للهجمات الإسرائيلية على أهداف حزب الله آثار مرعبة على المدنيين المحليين، الذين أجبروا على الفرار من مكان إلى آخر بحثاً عن الأمان". صوّر هذا الأسلوب العدوان الإسرائيلي كأنه موجه مباشرة ضد حزب الله، ولم تراعِ حياة المدنيين، وقذفت بمعلومات استشهاد المئات إلى فقرات لاحقة بعد تلاشي تركيز القارئ، بينما ركّز الخبر على أن الهجمات كانت تستهدف حزب الله، ليصبح الشهداء مجرّد آثار جانبية وضرورة لا يمكن تجنبها.
ولجأ الإعلام الغربي أثناء الترويج لسردية الاحتلال إلى تنعيم لغته بشكل لا يتهّم إسرائيل بالفظائع التي ترتكبها في لبنان، مثل الإشارة إلى العدوان الجاري على أنه ضربات محدودة الضرر، عكس ما تقوله التقارير الحقوقية والأرقام ومشاهد الموت والدمار والرعب. "مسبار" رصد عنوان "نيويورك تايمز" يقول: "إسرائيل ترسل قواتها إلى جنوب لبنان" لوصف بدء العملية البرية، كأنّ القوات جاءت في زيارة، وهي صيغة لا تشبه الأوصاف التي نعتت بها الغزو الروسي لأوكرانيا مثلاً.
المنظمات الإسرائيلية تضغط على الإعلام الغربي
من جهتها، تمارس منظمات إسرائيلية ضغوطاً عدة على وسائل الإعلام الغربي لضمان فرض سردية الاحتلال. من هذه المنظمات "أونيست ريبورتينغ" لمطاردة التقارير الإعلامية وفرض التعديلات عليها لتناسب رواية الاحتلال وتشويه السمعة والدفع إلى طرد الصحافيين في ذلك. وقد زعمت المنظمة أن وسائل الإعلام الغربي "مجّدت" شخصية حسن نصر الله في أخبارها التي تناولت اغتياله، لأنها تجنّبت وصفه بـ"الإرهابي".
وتستعين إسرائيل بأخطبوط من المؤسسات للضغط من أجل تقارير إعلامية لصالحها، منها منظمات "أونيست ريبورتينغ" و"كاميرا". أثناء ذلك تحارب كل صوت ينتقدها عبر مواقع التواصل، مستعينةً بأدوات عدة بينها مشروع "الحقيقة الحديدية" لحجب المنشورات بالتواصل مع موظفين داخل شركات الإنترنت، ومنظمة "أوقفوا معاداة السامية" الذي يلاحق المنشورات المنتقدة لإسرائيل، ويضغط من أجل طرد ناشريها ووقف سبل معيشتهم.