استمع إلى الملخص
- هيثم الناتوت من صيدا أطلق مبادرة لاستقبال الأبقار في مزرعته، رغم تحديات ارتفاع أسعار الأعلاف وصعوبة بيع الحليب.
- حسين الزين وسع اصطبلاته في نادي الحصان الذهبي لاستقبال الأحصنة النازحة، بهدف توفير مأوى آمن لها دون تحقيق عائد مادي.
أطلق بعض الأهالي في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، مبادرة لاستقبال حيوانات النازحين الذين أجبروا على الفرار جراء التصعيد الإسرائيلي
بعدما أجبر الاحتلال الإسرائيلي أهل قرى الجنوب اللبناني على ترك منازلهم جراء تصعيد العدوان الذي يشنه عليها منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، اضطر بعض النازحين إلى أخذ حيواناتهم التي كانوا يربونها في مزارعهم ويعتاشون منها معهم، حتى لا تموت جراء القصف وانقطاع المياه وعدم توفر الطعام وغياب الرعاية. فيما اضطر عدد كبير من أصحاب الحيوانات إلى بيعها بسعر زهيد، جراء عدم وجود أماكن لنقلها معهم. آخرون وجدوا أماكن إيواء لها في إطار مبادرات فردية أطلقها البعض للاهتمام والعناية بها من دون أي مقابل.
هيثم الناتوت، وهو من مدينة صيدا (جنوب لبنان)، يمتلك مزرعة للأبقار في بلدة الحارة شرق مدينة صيدا، وقد أطلق مبادرة للمساهمة في تخفيف العبء عن أصحاب الأبقار، ليستقبل في مزرعته عدداً من الأبقار جراء اضطرار أصحابها إلى النزوح. يقول: "أملك مزرعة أبقار في حارة صيدا، وكنت أعتاش منها. لكن عندما حصلت على وظيفة، بعت معظم الأبقار التي كانت لدي لانشغالي في عملي الجديد في الدولة، وأبقيت على أربعة رؤوس. فالأبقار تحتاج إلى عناية خاصة. لكن مع تصاعد العدوان واضطرار أهالي القرى الجنوبية إلى ترك بيوتهم والنزوح إلى مدينة صيدا، عمدت إلى استقبال عدد من الأبقار في محاولة لتخفيف العبء عن أصحابها النازحين، وحتى لا يضطروا إلى بيعها بسعر زهيد".
يتابع: "تتسع مزرعتي لثلاثين رأساً من الأبقار. وبعدما سأل عدد من أصحاب الأبقار عن مزارع في المدينة، استطاعوا الوصول إلى مزرعتي تزامناً مع إطلاقي مبادرة أعلنت فيها عن استقبالي عدداً محدوداً من الأبقار. البعض أحضر أربعة رؤوس من الأبقار أو أكثر، ومنهم من عرض علي بيع حليب الأبقار لقاء شراء العلف لها والاهتمام بها".
وعمد بعض التجار إلى استغلال أصحاب الأبقار بسبب عدم وجود أماكن لها. فالبقرة التي يبلغ سعرها ألفي دولار بيعت بـ800 دولار. يقول: "قصدني الكثير من أصحاب الأبقار إلا أنني اضطررت إلى الاعتذار منهم بسبب عدم قدرتي على استقبال المزيد جراء صغر المساحة من جهة، وحاجتها إلى الكثير من العناية من جهة أخرى".
أحد أصحاب الأبقار الفارين اضطر إلى بيع ثلاثين بقرة بعشرة آلاف دولار، أي نصف ثمنها الحقيقي. في هذا السياق، يقول الناتوت: "أطلقت هذه المبادرة لأني أدرك أهمية عدم خسارة مصادر الرزق بالنسبة للناس. ومن الصعب أن يبيع الأشخاص الأبقار بأسعار زهيدة أو أقل من نصف سعرها. الأشخاص الذين يهتمون بالأبقار يحبون هذا العمل، وليس من السهل خسارته. ليس سهلاً بالنسبة إلي الاعتناء بثلاثين بقرة وحدي، كونها تحتاج إلى تنظيف وغسل الأعلاف. ويساعدني ابني في بعض الأحيان".
ويوضح: "ارتفع سعر كيلوغرام العلف، وبعت عجلاً من عندي وعجلًا لأحد الأشخاص الذين وضعوا أبقارهم عندي لأتمكن من شراء العلف. في الوقت الحالي، نعجز عن بيع كل الحليب الذي تدره الأبقار. صار هناك فائض لدى الباعة، فصيدا ليست مدينة كبيرة، وما وصل من أبقار إلى المدينة، بالإضافة إلى تلك التي كانت موجودة، أدى إلى وجود فائض بالحليب ما يضطرنا إلى رميه أحياناً. صرنا نطعم الأبقار علفاً لتخفيف كمية الحليب التي تدره". يتابع: "صار التجار جشعين، وباتوا يشترون منا كيلو الحليب بـ60 سنتاً، في الوقت الذي يبيعون الكيلوغرام بستة دولارات في السوق".
قبل تصعيد العدوان على الجنوب، كان المزارعون يواجهون تحديات كبيرة بسبب غياب الدعم من الدولة، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع سعر الأعلاف، بحسب الناتوت. يضيف: "صرت أدفع من جيبي الخاص حتى أهتم بالأبقار. مع ذلك، لن أتركها". ويشير إلى أن الأبقار "وصلت إلي مريضة بسبب عدم حلبها لأيام. عرضتها على طبيب مختص واشتريت لها الدواء اللازم وتم علاجها".
من جهته، يقول حسين الزين من حارة صيدا، وهو صاحب نادي الحصان الذهبي الذي أطلق مبادرة لحماية الأحصنة التي أتى بها أصحابها معهم أثناء نزوحهم من جنوب لبنان جراء العدوان: "عندما بدأ العدوان على الجنوب، واضطر الناس إلى ترك بيوتهم، صورت فيديو ونشرته على تطبيق تيك توك، أدعو فيه لاستقبال الأحصنة. كما دعوت أصدقائي وأصحاب النوادي والناس الذين لا نعرفهم إلى أن يساهموا في وضع الخيل في الاصطبلات". ويشير إلى أن الاصطبل الخاص بي يمكن أن يستقبل خمسين حصاناً. لكن مع بدء التصعيد، أعدت ترتيبه لأتمكن من استقبال مائة إلى مائتي حصان. بعد ذلك، بدأ الأصحاب بالمبادرة وساهموا في نقل الأحصنة إلى اصطبلاتهم. لدي اليوم 65 حصاناً".
يضيف: "أطلقت مبادرتي بسبب محبتي للخيل، وحتى أُيسّر أمور الناس الذين كانوا خائفين على أحصنتهم. في البداية، وضعت قسماً من الأحصنة في الحديقة، وقسماً في الإصطبلات، ونعمل على توفير اصطبلات جديدة لاستقبال المزيد من الأحصنة والعمل على إيوائها". ويؤكد أن مبادرته فردية ولا تؤمن له أي عائد مادي.