أثار الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، الذي يوافق 13 يناير/ كانون الثاني من كل عام، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، بعد أن أفتى الشيخ السلفي، الحسن الكتاني، بعدم جواز الاحتفال، وذلك بالتزامن مع تجدد مطلب إقرار رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً وعطلة رسمية، على غرار رأسي السنة الميلادية والهجرية.
وكتب الشيخ السلفي المثير للجدل، في تدوينة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "ما يسمى السنة الأمازيغية فلا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر ويتبع رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يحتفل به".
وعاد الشيخ السلفي، الذي كان قد لوحق في عام 2003 بموجب قانون مكافحة الإرهاب قبل نيله عفواً ملكياً سنة 2012، للتذكير في تدوينة ثانية له بموقفه، قائلاً: "كما نوهت مراراً وتكراراً فقد نص علماء المسلمين على تحريم الاحتفال بأي عيد جاهلي قبل الإسلام لأي شعب من الشعوب، عربياً كان أو بربرياً أو فارسياً أو أوروبياً أو غير ذلك".
وعبّر عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب عن استنكارهم لفتوى الشيخ السلفي، معتبرين أن فيها تفرقة بين المغاربة وإقحاماً للدين في أمور مجتمعية.
وكتب الباحث المغربي في الشريعة، محمد أبو عطاء الله، على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "لا داعي لإثارة هذا النقاش، لما فيه من التفرقة بين أفراد المجتمع الواحد، ولست أدري متى يتخلى التيار السلفي عامة عن الخوض في أمور بعيدة عن المصالح المعتبرة للأمة الإسلامية. فكم من مرة أجد نقاشاً محتدماً عن شرعية الاحتفال بالمولد النبوي وتشدد التيار السلفي في القول بعدم جواز الاحتفال مع وجود أدلة أخرى معتبرة وراجحة في شرعية الاحتفاء والاحتفال بمولد الحبيب المصطفى، لكن منطق التحريم يطغى على هذا التيار". وأضاف:" لهذا أرى والله أعلم أن الاحتفال متروك للعرف ما دام لا ترتكب فيه مخالفات شرعية. فلو احتكمنا لمنطقهم لحرمنا كل الاحتفالات، بما فيها الوطنية، مثل عيد الاستقلال والمسيرة الخضراء".
وعلّق الصحافي المغربي، أحمد حموش، على فتوى الشيخ الكتاني بالقول:" بحول الله وقوته احتفلنا موحدين بالله عابدين له على قدر استطاعتنا، ونحتفل وسنحتفل موحدين بالله عابدين له على قدر استطاعتنا.. أين الشرك في ذلك؟ بالعكس، أنا أزعم أن من يصفون الاحتفال بالشرك وقعوا في ذات الخطأ مع المشركين قديماً، حيث كانوا يحللون ويحرمون ويدعون أن ذلك التحريم من عند الله".
وتابع في تدوينة له على صفحته الشخصية بموقع"فيسبوك": "بالله عليكم، أين حرم الله أكل المكسرات قبل وبعد الصلاة احتفالاً بسنة فلاحية كما فعل الأجداد رحمهم الله؟ أم لم يقل الله تعالى بذلك ومنحكم تفويضاً بالتحريم؟ أرونا هذا التفويض من فضلكم".
الصحافية ماجدة آيت لكتاوي قالت في رد على موقف الشيخ السلفي المثير للجدل: "نحن شعب نحب الحياة ونقتنص ساعات الفرح ومناسبات الاحتفال".
ويأتي الجدل حول تحريم الاحتفال في وقت تجدد فيه مطلب الحركة الأمازيغية في المغرب بإقرار رأس السنة الأمازيغية، الذي يوافق 13 يناير/ كانون الثاني من كل عام، عيداً وطنياً وعطلة رسمية، على غرار رأسي السنة الميلادية والهجرية، وهو المطلب الذي ظل يتكرر من دون الاستجابة له من طرف الحكومات المتتالية.
ورفعت أكثر من 300 جمعية أمازيغية في المغرب ملتمساً إلى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، من أجل إقرار رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً، بحسب ما كشفت مصادر أمازيغية لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى أن خطوة اللجوء إلى طلب تدخل أعلى سلطة في البلاد مردها عدم استجابة الحكومة لمطالب الحركة الأمازيغية والنشطاء الحقوقيين بهذا الصدد، رغم اعتراف المغرب بالأمازيغية لغة رسمية في دستور 2011.
ودأبت الحركة الأمازيغية وجمعيات حقوقية، خلال السنوات الماضية، على رفع مطلب إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية، خاصة في ظل سريان دستور 2011 الذي رسّم اللغة الأمازيغية إلى جانب العربية، غير أنّ هذا الطلب المُلحّ لا يزال عالقاً إلى حد الساعة بسبب ما تعتبره الحركة الأمازيغية غياباً للإرادة السياسية للتعاطي الإيجابي مع هذا المطلب، ولإنصاف الأمازيغية عموماً في المغرب.
وينقسم المؤرخون حول أصل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى فريقين: الأول يرى أن اختيار 13 يناير/ كانون الثاني من كل عام، يرمز إلى الاحتفال بالأرض والزراعة، لذا تعرف بـ"السنة الفلاحية"، فيما يرجعه فريق آخر إلى إحياء ذكرى انتصار الملك الأمازيغي شاشناق على الفرعون المصري رمسيس الثاني.
ويوافق 2021 في التقويم الأمازيغي عام 2971، ويعتدّ الأمازيغ بهذا التاريخ، معتبرين أن تقويمهم يتجاوز التقويم الغريغوري المعترف به عالمياً بـ950 سنة.