استمع إلى الملخص
- نظم موقع آرتسي مزاد "فنانون من أجل كامالا هاريس"، حيث تبرع فنانون بارزون بأعمالهم لدعم حملتها، مما جمع أكثر من أربعة ملايين دولار، بمشاركة فنانين مثل جيف كونز وجورج كوندو.
- تخشى المؤسسات الفنية من تأثير سياسات ترامب المحتملة على التمويل الفيدرالي والدعم الثقافي، مع تزايد المخاوف من تجدد الاحتجاجات والاضطرابات في حال فوزه.
في الوقت الذي تشير فيه استطلاعات الرأي إلى أن كفة المرشحين في انتخابات الرئاسة الأميركية متعادلة تقريباً، تبدو شعبية دونالد ترامب بين الفنانين الأميركيين متدنية إلى حد كبير (كما هي بالنسبة إلى الجيل زِد). لا يقتصر الأمر هنا على الفنانين فقط، إذ إن هناك تخوفاً ملحوظاً بين مُديري المؤسسات والمساحات الفنية من إعادة انتخاب ترامب مرة أخرى. ومع اقتراب موعد هذه الانتخابات، تعالت أصوات الفنانين الذين أعلن العديد منهم صراحة تأييدهم للمرشحة الرئاسية كامالا هاريس.
انعكس هذا التأييد العلني في الإقبال على المزاد الذي استضافه أخيراً موقع آرتسي (Artsy) لبيع الأعمال الفنية تحت عنوان "فنانون من أجل كامالا هاريس". ضم المزاد الذي استضافه الموقع واستمر حتى الـ18 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي أكثر من خمسين عملاً فنياً، تبرع بها عدد من الفنانين الأميركيين، بينهم فنانون شهيرون، مثل جيف كونز وكارا ووكر وإيمي شيرالد وجورج كوندو وغيرهم. وقد وُجّهت حصيلة بيع هذه الأعمال لصالح حملة المرشحة الرئاسية كامالا هاريس.
بين هذه الأعمال، حظي عمل جيف كونز بأعلى سعر، وهو عبارة عن منحوتة ضخمة بعنوان "عمود العلم الأميركي"، وقدرت قيمته بنحو 300 ألف دولار. كما بيعت أيضاً مجموعة من عشر مطبوعات من تصميم كونز، لقاء مبلغ 150 ألف دولار. على صفحته على "إنستغرام"، أعرب الفنان الأميركي جورج كوندو الذي بيع عمله هو الآخر مقابل 150 ألف دولار عن سعادته بالمشاركة في هذا المزاد. صرح كوندو بأنه على قناعة بأن فريق كامالا هاريس سيحرص على مصلحة المجتمع الفني وأن "رؤيته المستنيرة ستنقذ المجتمع من الظلام الذي يوشك على الوقوع فيه".
استمر المزاد عبر الإنترنت حتى 18 أكتوبر، غير أن الراغبين في دعم هاريس كان يمكنهم الشراء عبر الموقع الإلكتروني بعد هذا الموعد وفقاً لأسعار محددة. إلى جانب أعمال الفنانين البارزين، ضم المزاد أيضاً طبعات فنية محدودة لفنانين شباب، بيع كثير منها بأسعار رخيصة لا تتجاوز الـ200 دولار للطبعة الواحدة. وقد وصل ما جُمع من أموال حتى الآن بفضل حملة "فنانون من أجل كامالا هاريس" إلى أكثر من أربعة ملايين دولار.
لا يُخفي هؤلاء الفنانون مخاوفهم من إعادة انتخاب دونالد ترامب الذي لم يتحدّث كثيراً أثناء حملته عن القطاع الثقافي. وما يزال العاملون في المجال الثقافي يذكرون جيداً القرارات التي اتخذها ترامب في بداية ولايته السابقة، فبعد توليه منصبه مباشرة فرض حظراً على الزوار من عدد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. وقد أدى هذا القرار إلى منع العشرات من الفنانين في تخصصات مختلفة من زيارة الولايات المتحدة وعرقلة العديد من الأنشطة والمعارض التي كان يُجهّز لها. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد سعى ترامب طوال فترة ولايته إلى إلغاء التمويل الثقافي الفيدرالي عن الأفراد والمؤسسات الفنية، وبسبب هذه السياسات عمت الاحتجاجات المناهضة لإدارته في كل مكان.
يرى الكاتب الأميركي، بريان بوشيه، أنه نظراً إلى الطبيعة غير المتوقعة لدونالد ترامب، فمن الصعب أن نعرف بالضبط ما الذي يمكن أن يفعله، فهو يعتمد في حملته على عدد من الكيانات اليمينية، ولديه تاريخ طويل من العداء للفنون. هناك تخوف في أوساط المؤسسات الفنية أيضاً من تخفيضات التمويل الفيدرالي. من المعروف أن العديد من هذه المؤسسات تتمتع بدعم من الصندوق الوطني للفنون والصندوق الوطني للعلوم الإنسانية.
وعلى الرغم من أن ترامب لم يُفصح حتى الآن عن رغبته في سحب التمويل من هذه المؤسسات، إلا أن مديري المؤسسات الفنية تساورهم الشكوك بشأن هذا الدعم. وإذا حدث هذا الأمر، فلن تكون مصادر التمويل الخاصة لهذه المؤسسات قادرة حينها على تغطية انخفاض الدعم الحكومي. وحتى لو لم يُلغَ التمويل الفيدرالي، فيمكن لإدارة محافظة مثل إدارة ترامب توجيه هذا الدعم انتقائياً، ما يفتح المجال للرقابة الذاتية على المحتوى والخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات.
أثناء ولايته السابقة، انتقد دونالد ترامب صحفاً وبرامج تليفزيونية ساخرة بسبب انحيازها، كما يقول، لكنه لم يكتف بالنقد فقط، إذ هدد حينها بمقاضاتها عبر وزارة العدل، ويمكن أن يمتد هذا التهديد أيضاً إلى المتاحف والفنانين والكتاب. من أجل هذا، يقترح بعض الفنانين أن يكون للمتاحف موقف موحد في حال تعرضت إلى تهديد مُباشر، مثل وقف الدعم مثلاً.
تأتي الاحتجاجات وعرقلة الأنشطة من بين العواقب التي تتخوّف منها العديد من المؤسسات الفنية في الولايات المتحدة الأميركية. في أعقاب انتخاب ترامب عام 2016، كانت هناك أجواء من الرفض الجماعي لسياساته، وقد تُرجمت هذه المواقف على هيئة احتجاجات ومظاهرات وأنشطة متنوعة. يتخوف العديد من مديري المتاحف الأميركية اليوم من تجدد هذه الأجواء الاحتجاجية إذا ما فاز ترامب، خاصة أن الاحتجاجات المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لم تهدأ طوال عام كامل، وكانت المتاحف جزءاً محورياً منها؛ فكثير من هذه المؤسسات الثقافية على صلات مالية بشركات مرتبطة بالاحتلال، بعضها شركات أسلحة تموّل هذه المتاحف، أو لها عقود معها. شهدت هذه المتاحف احتجاجات كثيرة تطالب بوقف تعاملها مع الشركات المرتبطة بالاحتلال، حتى أن بعض هذه المؤسسات اضطر إلى إغلاق أبوابه لأيام نتيجة قوّة تأثير هذه الاحتجاجات.