استمع إلى الملخص
- أظهرت التجارب على الفئران أن تثبيط إنزيم ABHD6 يمكن أن يقلل الوزن دون التأثيرات النفسية السلبية، حيث زادت الفئران من نشاطها البدني دون علامات قلق أو اكتئاب.
- يأمل الباحثون في تطوير علاجات جديدة وآمنة لمكافحة السمنة، مع التركيز على نقل النتائج إلى التجارب السريرية في ظل تزايد معدلات السمنة عالمياً.
كشف باحثون دوراً جديداً يمكن أن تقوم به الإنزيمات المعروفة باسم "الإندوكانابينويدات" في الدماغ، من أجل المساعدة في مكافحة السمنة. وفقاً للدراسة التي نشرت يوم 16 ديسمبر/كانون الأول في مجلة Nature Communications، تلعب الإندوكانابينويدات دوراً رئيسياً في تنظيم تناول الطعام والشعور بالمتعة والجوع، وتوازن الطاقة. أظهر المؤلفون أن التحكم في وزن الجسم، لدى الفئران التي أجريت عليها التجارب، يُعدَّل بقوة بواسطة الخلايا العصبية في النواة المتكئة، وهي منطقة من الدماغ غنية بالإندوكانابينويدات والتي تساعد في تنظيم مكافأة الطعام والنشاط البدني.
ويشير هذا الاختراق إلى أن تعديل هذه الجزيئات الدماغية قد يفتح مسارات جديدة لمكافحة السمنة والاضطرابات الأيضية المرتبطة بها مثل مرض السكري من النوع الثاني. تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة، أستاذة الطب بجامعة مونتريال، ستيفاني فولتون، إن الدراسة تساءلت عن الدور الذي يقوم به إنزيم يسمى ABHD6، الذي يعمل على تكسير أحد جزيئات الإندوكانابينويدات ويعرف باسم "أراكيدونويل غليسرول". في السابق في عام 2016، اكتشف باحثون أن تثبيط هذا الجزيء في الجسم يقلل من زيادة الوزن ويحمي من مرض السكري، لكن بقي التساؤل حول دور هذا الجزيء في تنظيم الشهية.
"كنا نتوقع أن زيادة مستويات أراكيدونويل غليسرول ستحفز تناول الطعام من خلال تعزيز إشارات الإندوكانابينويدات. لكن بشكل مفاجئ، عندما حذفنا الجين المشفر لـABHD6 في النواة المتكئة لدى الفئران، أظهرت الحيوانات حافزاً أقل تجاه الطعام وزاد اهتمامها بالنشاط البدني" توضح فولتون في تصريحات لـ"العربي الجديد". تشير الباحثة إلى النتائج كانت مذهلة، إذ إن الفئران التي تفتقر إلى الإنزيم ABHD6 قضت وقتاً أطول على عجلة الجري مقارنة بالفئران الضابطة، التي أصبحت كسولة وسمينة. وأظهرت تجربة أخرى أجراها الفريق البحثي أن حقن مثبط ABHD6 في أدمغة الفئران حماها تماماً من زيادة الوزن والسمنة حتى عند إطعامها نظاماً غذائياً عالي الدهون.
تضيف فولتون: "يعد فهم المسارات الدماغية الدقيقة التي تتحكم في وزن الجسم أمراً بالغ الأهمية لتطوير علاجات آمنة وفعالة. تظهر الدراسة تعقيد استهداف الإنزيم، إذ يمكن أن يكون لتثبيط هذا الإنزيم تأثيرات متعاكسة اعتماداً على منطقة الدماغ". في السابق، أظهر الفريق أن حظر الإنزيم ABHD6 في بعض الخلايا العصبية تحت المهاد سبّب زيادة السمنة لدى الفئران. لكن في الدراسة الجديدة، أدى التثبيط واسع النطاق لهذا الإنزيم في الدماغ إلى تقليل الوزن والحد من السمنة، فضلاً عن تقليل فرص الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
مكافحة السمنة بلا أضرار نفسية خطرة
من أبرز النتائج التي توصلت إليها الدراسة أن الفئران، التي تفتقر إلى الإنزيم ABHD6 في الدماغ، لم تظهر عليها أي علامات على القلق أو السلوكات الاكتئابية، وهو أمر يشدد المؤلفون على أهميته بشكل خاص نظراً إلى تاريخ الأدوية السابقة لفقدان الوزن التي استهدفت نظام الإندوكانابينويدات، والتي كانت لها آثار سلبية تمثلت في زيادة الشعور بالاكتئاب والاستعداد للانتحار. "في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، سُحب دواء يدعى 'ريمونابانت' من السوق بعد أن أبلغ المرضى عن آثار جانبية نفسية شديدة، بما في ذلك الاكتئاب والنزعات الانتحارية. كان 'ريمونابانت' يستهدف مستقبلات الإندوكانابينويدات في الدماغ، ورغم فعاليته في إنقاص الوزن، طغت آثاره السلبية على الفوائد. في دراستنا، لم تظهر الفئران التي جرى تثبيط إنزيم ABHD6 لديها أي علامات على القلق أو السلوكات الاكتئابية. هذا الاكتشاف أساسي لأنه يشير إلى مسار أكثر أماناً لعلاجات التحكم في الوزن" تقول فولتون.
ويعتقد الفريق البحثي أن استهداف هذا الإنزيم المهم يمكن أن يمهد الطريق لعلاجات جديدة لمكافحة السمنة والاضطرابات الغذائية المرتبطة بها مثل مرض السكري من النوع الثاني، خاصة مع تزايد معدلات السمنة عالمياً وندرة وجود علاجات فعالة وآمنة في الوقت ذاته. ويأمل المؤلفون أن يتمكنوا من نقل هذه التجربة المخبرية إلى مرحلة التجارب السريرية واختبار تأثيرها على الإنسان في أقرب وقت ممكن.