يستفيد مؤدّو الراب في السودان من تخفيف قيود المجتمع بعد انتفاضة 2019. فالمساحة المتاحة لهم تزداد اتساعاً، حيث أصبحوا يؤدون أغنياتهم في الساحات العامة والمسارح المخصصة للحفلات الموسيقية. وتتناول كلمات أغانيهم كل شيء، من مصاعب المعيشة، وحتى مشكلات العلاقات بين الأحبة.
ويقول الموسيقي أحمد مهدي إنّ الحريات المتنامية تسمح لفرقته "إجراءات" EJRAT لموسيقى الراب، بأن تعكس القضايا التي يرى أعضاؤها أن السودان ما زال مبتلىً بها، وهو يعاني أزمة اقتصادية عميقة ويخوض تحولاً هشاً إلى الديمقراطية.
وأضاف: "بنكتب واقعي دايماً. يعني تكون في المواصلات بتشوف طفل من أطفال الشوارع حاصلة ليه حاجة تعكسها في إجراءات، تيجي ماشي النيل بتشوف الفيضان، بتشوف المشاكل بتاعة الشعب ده بنحاول نحكيها بأبسط الكلمات، أبسط العبارات اللي بتقدر تضرب العامة أو تصل لأي زول، تصل للزول بتاع مبدى، تصل للزول بتاع الخرطوم، تصل للسوداني المغترب بره".
وشهد السودان، تحت حكم رئيسه السابق عمر البشير الذي أُطيح قبل عامين، صناعة موسيقى راب متنامية، لكن حذرة، حيث كان على الفنانين أن يواجهوا الأجهزة الأمنية في البلد، إذا كانوا ينتقدون الحكومة علناً. كذلك كانت الأماكن المتاحة لأدائهم محدودة أيضاً، ولا سيما بالنظر لقوانين النظام العام الصارمة.
وتعرض فرقة "إجراءات" الآن في أنحاء العاصمة الخرطوم وتنتقد الشرطة وتشكو من الأوضاع الاقتصادية، وتشير إلى الإطارات المحترقة في الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وتقول إحدى أغنيات الفرقة، في إشارة إلى بيع المشروبات الكحولية المخمرة في المنزل بشكل مخالف للقانون، إن السعادة هنا تُباع "بالجركن"، والنساء جائعات والحكومة غير مهتمة.
يقول مهاب كباشي، عضو الفرقة نفسها، والمعروف باسم (إم.أو 3)، إنهم يجتذبون جمهوراً يتطلع للتعبير عن قضاياهم الخاصة وقضايا المجتمع الأوسع.
ويضيف الشاب البالغ من العمر 26 عاماً، وهو جالس أمام جهاز دمج الموسيقى: "مشاكل في البيت، مشاكل مع الأصحاب، زعلان من حبيبتي، وكده. فبعد ذاك الموضوع تطور لأن الناس قاعدة تسمع الحاجة اللي أنا باعمل فيها وحابينها بالذات الناس اللي في جيلي، ودي ما حاجة صعبة لأنه أنت كل ما تتكلم عن حاجة بتوجعك بصدق بتلقى فيه كمية من الناس مشاركينا في نفس الأحاسيس أو حتى قريبة للأحاسيس يعني اللي أنت حاسس بها".
ويُصدر الفنانون الذين يؤدون عروضهم باللغتين العربية والإنكليزية، ألبومات من استوديوهات مخصصة، ولهم عدد كبير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأصبحت العروض الكبيرة أكثر شيوعاً، حيث جذب الفنانون الألوف إلى أماكن كان استخدامها يقتصر على مغنين تقليديين أكثر فقط.
ومع أن الموسيقى أدت دوراً رئيسياً في الانتفاضة على نظام البشير الإسلامي، يقول مهدي إن العديد من السودانيين ما زالوا يرفضون موسيقى الراب، باعتبارها أجنبية أو غير أخلاقية.
ويضيف مهدي: "أنا باشوف إجراءات عبارة عن أحلام شباب أو أحلام جيل كامل، لأسباب كتيرة، أحلام شباب لأنه عايزين نصل بمستوى محدد من الوعي للشباب دول كلهم، عايزين نصل بمجتمع ناهض، مع أنه المجتمع الليلة رافضنا تماماً والإعلام رافضنا تماماً".
ويتابع: "لكن إحنا مؤمنين في الجيل اللي بيشجعنا والجيل اللي معانا لما نديه أغاني بسيطة زي دي ونديه قضايا في شكل أغاني ونديه فن، أسلوب تعبير حسب تعريفنا للفن، لما نديه الفن ده الشاب، أول الشباب ده حيقدروا يغيروا وحيقدروا يوصلوا لحتة (مكان) أبعد بأي قضية أياً كانت وأياً كانت صعوبتها".
(رويترز)