الصحافي بيتر ماس: ماذا على اليهودي أن يفعل الآن؟

نيويورك

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
12 ابريل 2024
878/78
+ الخط -
اظهر الملخص
- صحافيون وفنانون يهود ينتقدون بشدة الأفعال الإسرائيلية في غزة، ويصفونها بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب، مطالبين بوقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات والصحافيين.
- بيتر ماس، صحافي مخضرم، يدين في مقال بصحيفة واشنطن بوست جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة، مستندًا إلى خبرته في تغطية الحروب، ويشير إلى التناقض بين تاريخ عائلته ومعرفته بجرائم الحرب.
- ماس ينتقد الدعم الأمريكي لإسرائيل ويؤكد على ضرورة معارضة اليهود لأي دولة ترتكب جرائم حرب، مشددًا على أن ضحايا الهولوكوست لا يبررون إبادة جماعية، ويبرز التظاهرات اليهودية في الولايات المتحدة ضد العدوان الإسرائيلي.

تتزايد أصوات اليهود، من صحافيين وكتّاب وسينمائيين وفنانين، الذين ينتقدون إسرائيل علناً، ويصفون صراحة ما ترتكبه بحق الفلسطينيين في غزة بأنه إبادة جماعية وجرائم حرب، ويطالبون بوقف فوري لإطلاق النار. فمنذ بدء العدوان على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وقعوا على أكثر من رسالة مفتوحة تنتقد التضييق على مناصري القضية الفلسطينية، وتطالب بوقف إطلاق النار ودخول المساعدات والسماح للصحافيين الأجانب بدخول غزة، وعبروا في إطلالات إعلامية عن معارضتهم للجرائم التي ترتكبها إسرائيل، ورفضوا استغلال الهوية اليهودية وذكرى المحرقة في تبرير المذبحة المتواصلة.

آخر هؤلاء الصحافي المخضرم بيتر ماس الذي قال إن إسرائيل ترتكب جرائم حرب في قطاع غزة، وذلك في مقال نشر في صحيفة واشنطن بوست الأميركية الثلاثاء. مقال الرأي الذي كتبه بيتر ماس الذي غطى حرب البوسنة والغزو الأميركي للعراق حمل عنوان "أنا يهودي، وغطيت حروباً. أعرف جرائم الحرب حين أراها". وقال فيه: "ما شعور أن تكون مراسل جرائم حرب وابن عائلة تمول دولة ترتكب جرائم حرب؟ سأخبركم". وأضاف: "غطيت الإبادة الجماعية في البوسنة لصالح صحيفة واشنطن بوست وألفت كتاباً عنها، وكتبت تقارير من العراق وأفغانستان وبلدان أخرى ابتليت بالصراعات. وكان أسلافي من الممولين الرئيسيين للهجرة اليهودية إلى فلسطين التي كانت تخضع للسيطرة البريطانية... وخلال الحرب بين اليهود والعرب عام 1948 ساعدوا في جمع مبالغ ضخمة لدولة إسرائيل الجديدة. عندما قامت غولدا مائير بزيارة طارئة إلى الولايات المتحدة لجمع التبرعات، كان أحد المتبرعين الذين التقت بهم واحداً من أعمامي الذي كان يقود لجنة التوزيع المشتركة اليهودية الأميركية"، ثم انتقل إلى الحديث عن العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، فكتب أنه "بينما تزحف القوات الإسرائيلية على غزة في ما تصفه محكمة العدل الدولية بمعقولية حصول إبادة جماعية، فإن تاريخ عائلتي في التبرعات يصطدم بمعرفتي بجرائم الحرب. عندما تقصف إسرائيل المدنيين وتطلق النار عليهم، وتمنع المساعدات الغذائية، وتهاجم المستشفيات، وتقطع إمدادات المياه، أتذكر الاعتداءات نفسها في البوسنة. عندما تعرض الناس في غزة للاعتداء وهم يحاولون الحصول على الطحين، فكرت في أهالي سراييفو الذين قُتلوا وهم ينتظرون في طابور للحصول على الخبز، وفي الجناة الذين أصروا في كل مرة على أن الضحايا ذبحوا على أيدي الطرف الذي يناصرونه".

وأضاف أن "الفظائع تتشابه... عندما غطيت الأحداث من سراييفو المحاصرة، أقمت في فندق يقع على خط المواجهة، حيث كان القناصة الصرب يطلقون النار روتينياً على المدنيين الذين يسيرون تحت نافذتي. أثناء الخروج أو الدخول إلى فندق هوليداي إن، كنت أحياناً أنا من يتعرض لإطلاق النار. في أحد أيام ربيع عام 1993، سمعت فرقعة وصفارة مألوفة لرصاصة قناص، أعقبتها صرخة فظيعة. ذهبت إلى نافذتي، ورأيت مدنياً جريحاً يحاول الزحف إلى مكان آمن. كتبت عنه في صحيفة واشنطن بوست منذ أكثر من ثلاثة عقود، ووصفت صرخات الرجل اليائسة بأنها عواء مجنون لشخص مدفوع إلى الحافة. صراخ اندفع من الرئتين، ومن القلب، ومن العقل (...) تذكرته بينما كنت أشاهد مقطع فيديو مؤلماً من غزة. تظهر في الفيديو الجدة هالة خريس، وهي تحاول مغادرة الحي الذي تحاصره القوات الإسرائيلية. تمشي بتردد، وتمسك بيد حفيدها البالغ من العمر خمس سنوات ويحمل راية بيضاء. وفجأة انطلقت رصاصة، فسقطت على الأرض ميتة".

وقال: "يشعر الملايين من اليهود في أميركا بأنهم مرتبطون بإنشاء إسرائيل. ربما تبرع أجدادنا بالمال أو جمعوه، وربما ذهبوا وقاتلوا، وربما تبرعوا للمنظمات الصهيونية. ماذا على اليهودي أن يفعل الآن؟ كل شخص يتخذ خياراته بنفسه، لكن تجربتي مع جرائم الحرب علمتني أن كوني يهودياً يعني الوقوف ضد أي دولة ترتكب جرائم حرب".

وتابع: "تؤكد إسرائيل ومؤيدوها أن ما يحدث في غزة هو رد قانوني وعادل على هجوم 7 أكتوبر الذي شنه مقاتلو حركة حماس. من الواضح أن جرائم حرب ارتكبتها حماس... لكن هذا لا يمنح إسرائيل رخصة للرد كما يحلو لها. إن مبدأ العين بالعين - أو مائة عين بعين – لا وجود له في القانون الدولي. أحد المبادئ الأساسية لقوانين الحرب هو أن الهجوم الذي يعرض المدنيين للخطر يجب أن يكون ضرورياً عسكرياً، وأي خسائر في صفوف المدنيين يجب أن تكون متناسبة مع المكسب العسكري. ما يعنيه ذلك، بلغة أكثر وضوحاً، هو أنه لا يمكنك ذبح الكثير من المدنيين مقابل مكاسب بسيطة في ساحة المعركة، ولا يمكنك بالتأكيد استهداف المدنيين، كما حدث على ما يبدو في مقتل هالة خريس والعديد من الفلسطينيين الآخرين. وحتى الآن، أعلن عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص في غزة، معظمهم من المدنيين، بينهم أكثر من 13 ألف طفل".

وانتقد بيتر ماس التجاهل الذي قابلت به السلطات الإسرائيلية والأميركية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة الشهر الماضي، وتطرق إلى "نوبة القلق" التي يثيرها هذا الموقف بشأن قيمة القانون الدولي. وذكر أنه "كان نهجاً مربكاً من جانب الإدارة التي سمحت بتمرير القرار مع الامتناع عن التصويت بعد استخدام حق النقض في ثلاثة قرارات سابقة... وفي مؤتمر صحافي عقدته وزارة الخارجية بعد إقرار القرار، قال المتحدث باسم الوزارة، ماثيو ميلر، إن هذا الإجراء لن يؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار، ولن يؤثر على المفاوضات الشائكة لإطلاق سراح الرهائن. وتساءل أحد المراسلين: إذا كان الأمر كذلك، فما هو المغزى من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بحق الجحيم"؟ وأجاب ماس: "السؤال صحيح، لكنه مغلوط. من الواضح أن قرارات الأمم المتحدة التي تكتب من دون إجراءات تنفيذية لا يمكنها إجبار إسرائيل على وقف ما تصر قيادتها على أنها حرب مبررة وضرورية... ولكن من الواضح تماماً أن الكيان الذي يمكنه إيقاف إسرائيل ولا يفعل ذلك هو الولايات المتحدة".

وأكد أن كون اليهود ضحايا إبادة جماعية (الهولوكوست) لا يمنحهم الحق بارتكاب مثلها. وأضاف: "بطبيعة الحال، ينبغي لمحكمة جرائم الحرب أن تتولى الحكم فيما إذا كانت إجراءات إسرائيل في غزة يمكن اعتبارها إبادة جماعية، ولكن يبدو أن هناك أدلة كافية لتوجيه الاتهامات، لأن التعريف القانوني للإبادة الجماعية هو الأفعال التي ترتكب بنية التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو دينية بصفتها هذه... جميع الأميركيين، لا اليهود منهم فقط، في موقف محرج. إن حكومة الولايات المتحدة هي الداعم الرئيسي لإسرائيل، بفضل القنابل والأسلحة الأخرى التي لا تزال تقدم إلى حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتطرفة. نحن جميعاً متورطون".

وتطرق إلى التحركات والتظاهرات التي قام بها يهود في الولايات المتحدة رفضاً للعدوان الإسرائيلي على غزة، وتوجيه تهمة معاداة السامية لكل من ينتقد جرائم الاحتلال، وقال إن هؤلاء "يساعدون في إضفاء الشرعية على المعارضة العالمية لما يحدث في غزة، وهم لا يدافعون عن حياة الفلسطينيين فحسب، بل يدافعون عن حياة اليهود أيضاً، لأنهم يفضحون خطأ الفكرة القائلة إن اليهود كلهم يتحملون المسؤولية عما تفعله إسرائيل". وختم قائلاً: "لم أسلك طريق النضال بعد تخرجي من الكلية. اخترت الصحافة، ثم اختارتني الحروب. على مر السنين، أدركت أن فضح جرائم الحرب - أينما وقعت - أمر جوهري لهويتي كأميركي، وصحافي، ويهودي".

ذات صلة

الصورة
مسيرة في الأردن داعمة لغزة 15 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

سياسة

انطلقت مسيرة حاشدة بعد صلاة ظهر اليوم الجمعة من أمام المسجد الحسيني وسط العاصمة الأردنية عمّان تحت شعار "حق العودة مقدس - لا لإلغاء أونروا"
الصورة
مجزرة عين يعقوب في عكار شمالي لبنان 12/11/2024 (عمر إبراهيم/رويترز)

سياسة

تهيمن الصدمة والغضب على السكان، في بلدة عين يعقوب الواقعة في أقصى شمال لبنان، فيما يواصل مسعفون البحث بأيديهم بين أنقاض مبنى كانت تقطنه عائلات نازحة.
الصورة
عمال إنقاذ وسط الدمار الناجم عن غارة جوية على غزة، 7 نوفمبر 2024 (Getty)

سياسة

زعمت القناة 12 العبرية، أمس الاثنين، أن الإدارة الأميركية قدّمت للسلطة الفلسطينية مقترحاً بشأن الإدارة المستقبلية لقطاع غزة
الصورة
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش / 3 يونيو 2024 (Getty)

سياسة

أعلن وزير المالية  الإسرائيلي والوزير في وزارة الأمن بتسلئيل سموتريتش، الاثنين، أن العمل نحو فرض السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة قد بدأ
المساهمون