بعد عامٍ واحدٍ على إصداره كتاباً بعنوان "إنغمار برغمان: عالمه، حياته، أعماله، بعينيّ ناقدٍ سينمائي عربي"، يُصدر "مهرجان مالمو للسينما العربية"، في دورته الـ13 (28 إبريل/نيسان ـ 4 مايو/أيار 2023)، كتاباً جديداً بعنوان "المرأة مستقبل السينما العربية"، للناقد اللبناني إبراهيم العريس، مؤلّف الكتاب السابق أيضاً، الصادر في الدورة الـ12 (4 ـ 9 مايو/أيار 2023) للمهرجان نفسه.
الكتاب الجديد، المنجز قبل عامين من دون قدرة على إصداره حينها لأسبابٍ متفرّقة، يتضمّن نصوصاً تؤرّخ سِيَر مخرجات عربيات، ويروي حكاية سينمائية عربية تصنعها مخرجات عربيات، يختارهنّ العريس انسجاماً مع ما يراه في نتاجاتهنّ من جهدٍ في إثراء المشهد السينمائي. إذْ يعتبر، في كلمةٍ ملقاة في حفلة توقيع الكتاب (30/ 4/ 2023)، أنّ المخرجات العربيات يُنجزن أفلاماً "أهمّ" من تلك التي يصنعها رجالٌ، لأنّ المرأة العربية، الخاضعة لاجتماعٍ ذكوري قاسٍ، تريد إثبات براعتها وتميّزها، فتشتغل بجهدٍ أكبر وبتأنٍ أعمق في السينما.
مدخل وقسمان، أوّلهما سردٌ تأريخي لحضور المرأة في صناعة السينما، بعنوان "المرأة في تاريخ السينما العربية"، وثانيهما يتناول "حياة السينمائيات وأعمالهنّ"، وعددهنّ 29، تُروى سِيَرهنّ وفقاً للترتيب الأبجدي، بين الجزائرية آسيا جبار واللبنانية هني سرور.
في المدخل، يستعيد العريس مشهدين "يؤطّران الحكاية": الأول حاصلٌ في القاهرة، في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1927، مع العرض الأول لـ"ليلى"، الذي يبدأه وداد عرفي (التركي) قبل أن يُكمله ويُنهيه استفان روستي (اليوناني الأصل)، علماً أنّ عزيزة أمير مُنتجته وممثلته الأولى. إنها لحظة تأسيسية، ستُعتبر لعقودٍ تالية "لحظة ولادة السينما المصرية". والثاني حاصلٌ في تونس، في ختام الدورة الـ30 (26 أكتوبر/تشرين الأول ـ 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2019) لمهرجان "أيام قرطاج السينمائية"، الشاهدة على فوز سينمائيات عربيات بـ"نحو ثلثي الجوائز"، هنّ اللواتي يُشكّلن، حينها، أكثر من ثلاثة أرباع العاملات في المهرجان، كما يكتب العريس (ص 2).
"كلّ هذا يعطي للمشهدين (...) نكهتهما ودلالتهما، كما يعطي لهذا الكتاب، المُكرَّس أصلاً لسينما المرأة العربية، أو بشكل أكثر دلالة، لسيدات السينما العربية، مُبرّر وجوده"، يكتب العريس في الفقرة الأخيرة من المدخل، المنتهية بإشارته إلى "التضخم الكمّي" الذي تشهده "مساهمة المرأة العربية في السينما"، بهدف التأكيد على أنّ التضخم المذكور "نوعيّ" و"متدرّجٌ"، وذلك لطرح "فرضية استنتاجية، فحواها أنّنا لسنا بعيدين عن الزمن الذي سنشهد فيه كيف أنّ المرأة ستكون، بشكل أو بآخر، مستقبل السينما العربية".
في مقابل تأريخ السيرة المديدة لحكاية المرأة مع السينما العربية، فإنّ القسم الثاني توثيقٌ لسِيَر مخرجات من دول عربية مختلفة، ذوات أساليب وهواجس وتفاصيل واشتغالات متنوّعة.