توصلت دراسة حديثة إلى أن أول انقراض جماعي للحيوانات ربما حدث قبل 550 مليون سنة. ينقسم سجل الحفريات لأقدم الحيوانات المعقدة، والمعروف باسم "الحيوانات الإدياكارية"، إلى أقسام بما في ذلك مجموعة البحر الأبيض التي يرجع تاريخها إلى 560-550 مليون سنة مضت، و"مجموعة ناما"، التي يرجع تاريخها إلى 550-539 مليون سنة مضت.
في الدراسة التي نشرت يوم 7 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في دورية "بروسيدنغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز - PNAS" كشف باحثون أن 80 في المائة من الأصناف الأحفورية العالمية اختفت منذ نحو 550 مليون سنة، وأن انقراضها كان على الأرجح بسبب التغيرات في البيئة. يمثل هذا أقدم انقراض رئيسي معترف به في السجل الأحفوري للحيوانات، كما أنه يتوافق مع جميع حالات الانقراض الجماعي الكبرى الأخرى المرتبطة بتغير المناخ. على وجه التحديد، تدعم بيانات الدراسة التقلبات الرئيسية في توافر الأوكسجين كسبب لحدوث التحول الحيوي هذا.
يتميز الانتقال بين مجاميع البحر الأبيض وناما بانخفاض التنوع الذي قد ينجم عن تحيزات أخذ العينات والحفظ أو من الانقراض الجماعي. جمع المؤلفون مجموعة بيانات عالمية حول التوزيع، والبيئة، وتحجر الكائنات الحية في العصر الإدياكاري، لاستكشاف الأسباب المحتملة للانخفاض الملحوظ في التنوع. من بين 70 جنساً موجودة في مجموعة البحر الأبيض، عثر على 14 فقط في مجموعة ناما، مما يشير إلى خسارة سريعة نسبياً من الأصناف.
لم يجد الفريق أي مؤشرات على تحيز في الحفظ أو أخذ العينات. كان الارتباط الوحيد الملحوظ بين السمات البيئية والتغيرات في التنوع هو البقاء التفضيلي للأصناف ذات الانتشار الأوسع. ويشير هذا الاتجاه إلى أن انخفاضاً عالمياً في الأوكسجين ربما يكون ناتجاً عن كارثة بيئية كان السبب الرئيسي في هذا الحدث.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة سكوت إيفانس، أستاذ الأحياء القديمة المساعد في جامعة ولاية فلوريدا، إن الدراسة تستند إلى قاعدة بيانات لأحداث الحفريات العالمية التي جمعها طلاب الدراسات العليا في جامعة كاليفورنيا - ريفرسايد، خلال عامي 2020 و2021.
وأضاف إيفانس، في تصريح لـ"العربي الجديد": "حاولنا جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات من المصادر المنشورة والمراجعة من قبل الزملاء لاختبار الأفكار المختلفة حول ما قد يتسبب في هذا الانخفاض الكبير في التنوع، كل شيء، من مكان وجودهم، إلى كيفية الحفاظ عليها، إلى أي بيئات كانوا يعيشون فيها على الأرجح، إلى كيفية إطعامهم. في النهاية، تشير هذه البيانات إلى مجموعة متنوعة من الأشكال المختلفة التي تنقرض، بما يتفق مع تغير بيئي كبير يؤثر على جميع أنواع الكائنات الحية المختلفة".
وأشار الباحث إلى أن الاستثناء الوحيد الذي لاحظه الفريق هو أن الأحافير التي لا تختفي خلال هذا الوقت تُظهر بشكل تفضيلي التشكلات التي تشير إلى مساحة سطح عالية بالنسبة للحجم (استراتيجية تساعد على تعظيم تبادل المغذيات والغازات)، مما قد يشير إلى أن القدرة على التعامل مع ظروف الأوكسجين المنخفضة سمحت لهذه الحيوانات بالنجاة من هذا الحدث.
ويعتقد إيفانس أن نتائج الدراسة الحالية تساعد على معرفة كيف بدأت الحياة الحيوانية على الأرض. وقال: "بينما تركز العديد من الدراسات بالضرورة على كيفية تطور هذه الحيوانات لأول مرة، من المهم أيضا فهم ما حدث لها، إذ لا يعتقد أن أياً منها قد نجا بعد فترة طويلة. توضح دراستنا أنه، مثل جميع أحداث الانقراض الرئيسية الأخرى في تاريخ الحياة الحيوانية، كان سبب (الموت الجماعي) المبكر هذا، تغيرات كبيرة في البيئة، وهو سبب آخر في قائمة طويلة من الأدلة على أن أزمة المناخ الحالية ستكون لها تأثيرات كبيرة على حياة الحيوان".