الفنانون السوريون وانقسام الجمهور حولهم

14 ديسمبر 2024
تراجع الممثل أيمن زيدان عن موقفه معتذراً من الشعب السوري (إيدي بادو/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انقسم الفنانون السوريون في ظل نظام بشار الأسد إلى مؤيدين ومعارضين ومحايدين، حيث واجه المعارضون القمع واضطروا لمغادرة البلاد. بعد سقوط النظام، يواجه الفنانون تحديات تتعلق بقبول الجمهور لهم، خاصة المقربين من النظام.

- بعد سقوط النظام، بدأ الفنانون بتوضيح مواقفهم السابقة، حيث اعتذر بعضهم عن دعمهم السابق، بينما تعرض آخرون لانتقادات بسبب مواقفهم المحايدة. الفنانون الذين التزموا الصمت كسبوا شعبية أكبر بعد الثورة.

- تعرض الفنانون لضغوط من النظام للبقاء موالين، بينما استمر المعارضون في نشر الوعي. بعد سقوط النظام، عبر بعض الفنانين عن فرحتهم، ويسعى آخرون للعودة والمشاركة في المشهد الجديد.

في عهد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، انقسم الفنانون السوريون إلى ثلاثة أقسام: مؤيد له، وآخر حاول أن يبقى على الحياد قدر الإمكان، وأخير عارض نظام حكمه فاضطُر إلى مغادرة البلاد، لأنه لا مجال لكلمة حق أو مطلب حر في عهد الأسد. اليوم وبعد سقوط النظام، يتخوف الفنانون من القادم، ليس على صعيد الحكم الجديد وطريقة تعامله مع المشهد الفني، بل على بسبب احتمالات رفض وقبول السوريين لهم، لا سيما أن بعضهم كان مقرباً من النظام، مثل سلاف فواخرجي، وسوزان نجم الدين، ومعن عبد الحق، وباسم ياخور، وأيمن زيدان؛ الأمر الذي قد يجعلهم منبوذين في الفترة القادمة، وقد تطول أو تقصر.

مع سقوط النظام، بدأ الفنانون السوريون هؤلاء بالتدريج بتوضيح ما جرى معهم، مشيرين إلى أنهم كانوا مخدوعين. لكن، رغم ذلك، بقيت التعليقات بغالبها تتهم الفنانين الموالين بوقوفهم مع النظام المجرم وتلميع صورته، حتى الفنانون الذين آثروا الحياد قدر الإمكان تعرضوا لمواقف كهذه، فالنجمة أمل عرفة أيضاً ظهرت في فيديو تحدثت فيه عن قضية سابقة حدثت معها في إحدى لوحات مسلسل "كونتاك" الكوميدي، وقيل إنها استهزأت بالأطفال من ضحايا السلاح الكيماوي الذي ضربه النظام على أهل الغوطة سابقاً، فحاربها المعارضون بشدة، علماً أن عرفة تعرضت لهجوم حين ترحّمت على الفنانة الراحلة المعارضة للنظام مي سكاف. أما أيمن زيدان، فقد اعتذر من الثوار علناً، قائلاً إنه كان متوقعاً أن التغيير قد يقود إلى الفوضى والدم، لكنه شاهد شباناً ثواراً تعاملوا بتسامح ونبل مع الجميع. وبينما انكفأ باسم ياخور على نفسه ولم يتحدث بشيء، وضّح أيمن رضا موقفه من خلال قصة جرت معه مباشرة مع الرئيس المخلوع الأسد عام 2011 في قصره حين استقبله، وقال إنه تحدث معه عن مشكلات معينة فوعده خيراً، لكنه في ما بعد هُمِّش فنياً بوضوح.

أغلب الفنانين الذين كانوا موالين نشروا عبر صفحاتهم علم سورية الجديد، وأكدوا وقوفهم مع الشعب السوري، لكن الشعب نفسه انقسم بين من وافقهم على فعلهم، وبين من وجده نفاقاً. أما الذين كانوا صامتين طيلة فترة الحكم فقد ربحوا جمهوراً أكبر، مثل باسل خياط، وسلافة معمار، وكاريس بشار، وقيس الشيخ نجيب، الذين ابتعدوا كلياً عن توضيح الرأي السياسي في فترة النظام الحاكم، وفضّلوا الصمت، ثم شاركوا منشورات الفرح بالثورة، مثل "عاشت سوريا"، ورفع العلم السوري الجديد.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

كثير من الفنانين السوريين قالوا إنهم تعرضوا إلى ضغوط كبيرة، ولم يقبلوا السفر خارج البلاد بسبب كلمة. حدث هذا مع عباس النوري الذي تحدث عدة مرات عن ظلم النظام بطريقة غير مباشرة، لكنه في كل مرة كان يُطلَب إلى التحقيق ويعود للاعتذار عبر الإذاعات، في حين وضحت الأغلبية الباقية من الفنانين إنهم خضعوا لضغوط مارستها السلطة ولم يستطيعوا الرفض بغية البقاء في بلادهم.

هذا ما أكده الفنان المعارض جهاد عبدو في لقاء له، فتحدث عن الضغوط التي كان يمارسها النظام على الفنانين، معتبراً أنه دفع الثمن غالياً مقابل قوله كلمة الحق ومعارضة النظام وبقائه خارج البلاد. في حين استمر مكسيم خليل بنشر الوعي بين السوريين لعدم تخريب الممتلكات العامة أو الخاصة، كذلك فعلت زوجته سوسن أرشيد التي ناشدت السوريين بالحفاظ على بلادهم، ولم تكن فرحة أصالة تتسع لها الدنيا بسقوط النظام فاحتفت بعدة منشورات على منصة إكس. أما يارا صبري فباركت للسوريين حريتهم، ويبدو أنها ستطلق مبادرة في الشام لم تتوضح معالمها.

وعاد جمال سليمان لكسب قاعدته الشعبية التي لم تتغير، ليحظى بفرصة أكبر بوجوده في المشهد السياسي السوري الجديد، في حين وضح سامر المصري أنه عائد إلى سورية قريباً كي يرى والدته. كثيرة هي تصريحات الفنانين ومواقفهم بعد سقوط النظام، وبسبب اختلاف الآراء، انقسموا بشدة سابقاً وحالياً. ويبقى السؤال عما إذا ما كانت هذه الثورة قادرة على جمع كل الممثلين في بوتقة الفن من جديد أم لا.

المساهمون