بدأ قبل أيام عرض الموسم الأول من مسلسل "ع الحلوة والمرة"، وهو من بطولة مجموعة من الممثلين اللبنانيين والسوريين، بينهم دانا مارديني، ونيكولا معوض، وباميلا الكيك، وجو طراد، وسلمى المصري، وذلك في إطار آخر لما أصبح يعرف بالأعمال الدرامية العربية المشتركة، المستنسخة عن المسلسلات التركية.
اللافت في "ع الحلوة والمرة"، وغيره من الأعمال المأخوذة من إنتاجات غير عربية هو سيطرة اللهجة اللبنانية على مجمل النصوص والسيناريوهات التي تصور، إذ يبدو أن الدراما اللبنانية لم تسع للانتشار كأعمال ذات قيمة أو منافسة درامياً على خارطة الأعمال العربية، بقدر ما تبنى المنتجون العرب توظيف الممثل اللبناني في قالب مغاير لمشاركته في أعمال درامية محلية. والواضح أيضًا أن استغلال المنتج يبدأ ببناء المسلسل على اللهجة اللبنانية، وهي الأقرب إلى لهجة المسلسلات التركية المدبلجة، أي السورية، وبالتالي لا يصعب على المتلقي العربي فهم هذه اللهجة التي أصبحت تعتبر شريكاً في مسيرة نجاح المسلسل.
اختبرت الدراما العربية المشتركة منذ سنتين آفاقاً جديدة، بعد تجربة "الملعب" اللبناني في التنفيذ والتصوير لمجموعة من المسلسلات العربية. لكن المنتج فجأة تحول إلى تركيا، وهذا التحول يعتبر عاملا إضافيا لتكريس التغيير والتجديد في بنية المنافسة العربية، فالقصص المستنسخة عن الدراما التركية تسقط في بيروت بعيداً عن المكون الجغرافي أو الملعب التركي، وهذا ربما فتح الباب أمام المشاهد، ليتلقف صوراً أو أماكن جديدة ضمن فريق عمل عربي يتوجه إليه باللهجة اللبنانية أو السورية. قبل ثلاث سنوات، استطاع الممثل التونسي ظافر عابدين تعلم اللهجة اللبنانية بسرعة، بعد موافقته على لعب دور البطولة في مسلسل "عروس بيروت" الذي ينطلق تصوير الجزء الثالث منه في تركيا قريباً. لم يفرض عابدين لهجته التونسية على المنتج، ولا حتى إتقانه للهجة المصرية، بعد سنوات من شراكته وبطولته لمسلسلات في "أم الدنيا"، بل حاول أن يبرهن مقدرة الممثل على لعب الدور المطلوب منه، مراعاة للقصة والسيناريو والطرح، فهو في "عروس بيروت" ابن عائلة لبنانية نافذة من مدينة جبيل شمالي بيروت، ويسكن ويقيم في العاصمة.
ولعب الممثل السوري فارس ياغي دور شقيق ظافر عابدين في مسلسل "عروس بيروت"، وكان جيداً أن خلع ياغي عنه لهجته السورية، وأتقن التحدث والحوار باللهجة اللبنانية، ما ساعد في إقناع المشاهد بأنه أمام عائلة لبنانية فعلاً.
هذا التناغم بين لهجتين فقط (اللبنانية والسورية) في الأعمال الدرامية العربية المشتركة يفتح الباب واسعاً للهيمنة على الجمهور العربي، وذلك بحسب الإحصاءات التي تؤكد على إجماع وتفوق عدد المتابعين للمسلسلات المشتركة في أنحاء العالم العربي كافة، كنوع مستجد من الدراما التلفزيونية، على منافسته، أي الدراما التركية التي سيطرت لسنوات على العروض والمحطات العربية، وتحديداً في دول الخليج، والتي أصبحت أكثر تفاعلاً مع الأعمال المشتركة، مقارنة بالمنتجات التركية التي لا تزال أيضاً حتى الساعة تحظى بتفاعل ونسبة مشاهدة عالية على المحطات الفضائية العربية.