استمع إلى الملخص
- الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لتحسين التنبؤ بالنشاط الشمسي، مما يساعد في حماية الأقمار الصناعية والبنية التحتية الأرضية، ويعزز فهم العلاقة بين النجوم والظواهر الكونية.
- باستخدام حاسوب "ناسا" العملاق، تبين أن المجال المغناطيسي يتولد على عمق حوالي 64 ألف كيلومتر تحت سطح الشمس، مما يدعم الفرضية الجديدة بأن الدينامو الشمسي يعمل في منطقة أقل عمقًا.
يمثل سطح الشمس عرضاً رائعاً للبقع الشمسية والتوهجات التي يحرّكها المجال المغناطيسي الشمسي، الذي يتولد داخلياً من خلال عملية تسمى عمل الدينامو. افترض علماء الفيزياء الفلكية أن مجال الشمس يتولد في أعماق النجم. لكن دراسة جديدة وجدت أن نشاط الشمس قد يتشكّل من خلال عملية أقل عمقاً بكثير.
في الدراسة التي نشرت يوم 22 مايو/ أيار الحالي في مجلة نيتشرالعلمية، وجد الباحثون أن المجال المغناطيسي للشمس يمكن أن ينشأ من عدم الاستقرار داخل الطبقات الخارجية للشمس.
إثبات النظرية
يعني هذا الاكتشاف أن البقع والتوهجات الشمسية من المحتمل أن تكون نتاج مجال مغناطيسي ضحل وليست مجالاً ينشأ في أعماق الشمس، وهو أمر توصل إليه باحثون سابقون "نظرياً" ولم يتمكّنوا من إثباته.
يمكن أن تساعد هذه النتائج على التنبؤ بشكل أفضل بالتوهجات الشمسية والمغناطيسية الأرضية التي تشكل خطرا على الأقمار الصناعية للأرض وأنظمة الاتصالات والبنية التحتية للطاقة. كما توفر هذه النتائج أيضا رابطا بين الطبقات الخارجية للشمس وتغذية الثقوب السوداء.
باستخدام حاسوب "ناسا" العملاق، أجرى الفريق سلسلة من الحسابات المعقدة التي أظهرت أن المجال المغناطيسي للشمس يتولد على عمق حوالي 64 ألف كيلومتر تحت سطحها. قد يبدو هذا عميقاً، لكن نصف قطر الشمس يبلغ حوالي 697 ألف كم، ما يعني أن المجالات المغناطيسية تتولد في العشرة في المائة الخارجية من بلازما الشمس شديدة الحرارة.
تعرف البقع الشمسية أنها بقع باردة ومظلمة على سطح الشمس، ويعتقد العلماء أنها تنشأ عندما تتشابك خطوط المجال المغناطيسي. وجد العلماء زيادة في عدد البقع الشمسية خلال الفترة القصوى للطاقة الشمسية من الدورة الشمسية البالغة 11 عاماً. أظهرت الملاحظات أن البقع الشمسية تميل إلى التكون بالقرب من خط استواء الشمس، وليس عند قطبيها.
تولد الشمس مجالها المغناطيسي عبر عملية فيزيائية يسميها العلماء بـ "الدينامو الشمسي". اقترحت النماذج السابقة لهذا الدينامو أنه يجرى تشغيله في منطقة مضطربة من الشمس تسمى "منطقة الحمل الحراري". هنا، ترتفع البلازما الساخنة بعيداً عن قلب الشمس، حيث تولد غالبية طاقتها، وتحمل الحرارة والطاقة إلى سطح الشمس، الغلاف الضوئي.
التنبؤ بالنشاط الشمسي المستقبلي
يوضح المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ العلوم الهندسية والرياضيات التطبيقية المساعد في جامعة نورث ويسترن الأميركية، دانييل ليكوانيت: "إن فهم أصل المجال المغناطيسي للشمس كان سؤالاً مفتوحاً منذ غاليليو، وهو مهم للتنبؤ بالنشاط الشمسي المستقبلي، مثل التوهجات التي يمكن أن تضرب الأرض. ويقترح هذا العمل فرضية جديدة لكيفية توليد المجال المغناطيسي للشمس والتي تتوافق بشكل أفضل مع الملاحظات الشمسية، ونأمل أن يمكّن استخدامها من تقديم تنبؤات أفضل للنشاط الشمسي".
ويضيف ليكوانيت في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن الملامح التي نراها عند النظر إلى الشمس مثل الهالة التي رآها كثير من الناس خلال كسوف الشمس الأخير والبقع الشمسية والتوهجات الشمسية، كلها مرتبطة بالمجال المغناطيسي للشمس. ويقول: "لقد أظهرنا أن الاضطرابات المعزولة بالقرب من سطح الشمس، بعيداً عن الطبقات العميقة، يمكن أن تنمو بمرور الوقت لتنتج الهياكل المغناطيسية التي نراها".
محاكاة ثلاثية الأبعاد
سبق أن أنشأت فرق أخرى من الباحثين محاكاة ثلاثية الأبعاد للشمس لنمذجة تدفق البلازما عبر طبقاتها المختلفة، وبالتالي تحديد مكان نشأة مجالها المغناطيسي.
لكن في الدراسة الجديدة، يجادل الفريق البحثي بأن عمليات المحاكاة هذه فشلت في تحديد نقطة البداية الحقيقية للدينامو الشمسي، لأنها فشلت في التقاط الصورة الحقيقية لمدى الفوضى والاضطراب الذي تتسم بهما الشمس في الواقع.
اتخذت الدراسة الحالية نهجاً مختلفاً؛ فبدلاً من نمذجة تدفق البلازما عبر جميع الطبقات الموجودة داخل الشمس، ركزوا على استقرار البلازما على السطح الشمسي من أجل تحديد ما إذا كانت التغييرات في هذه المنطقة السطحية ستكون كافية لبدء الدينامو الشمسي.