أكّد المركز الدولي للصحافيين أن الحرب على قطاع غزة 2023 هي الأكثر دموية على الصحافيين منذ ثلاثة عقود، مطالباً إسرائيل بوقف قتل الصحافيين، والتحقيق في حالات أولئك الذين قتلتهم قواتها. بدوره، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، ارتفاع حصيلة الشهداء من الصحافيين إلى 126 منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع استشهاد صحافيتين فلسطينيتين جرّاء قصف الاحتلال الإسرائيلي على مدينة رفح وبلدة جباليا جنوب وشمال القطاع.
الأكثر دموية منذ 1992
وقال المركز الدولي، في تقرير له، إن "الصحافيين في شبكة المركز الدولي للصحافيين هم من بين المراسلين المحليين الشجعان الموجودين على الأرض في غزة، الذين يعملون على توثيق الموت والدمار الذي يعيشونه بشكل مباشر، في حرب أدّت إلى الفترة الأكثر دموية للصحافيين منذ بدأت لجنة حماية الصحافيين بجمع البيانات في عام 1992". وقال عضو المنتدى الدولي لتقارير الأزمات الناطق باللغة العربية، محمد فايز أبو عون، الذي تخلى عن معدات صناعة الأفلام الخاصة به في منزله المدمّر في مدينة غزة: "أعمل من دون أي حماية، لا سترة، ولا خوذة، ولا كاميرا، وحالياً أعمل على تقاريري من خلال هاتفي المحمول". وتابع: "هناك قصص عدة غير مروية عن المباني السكنية التي دُمّرت في شمال غزة، والمقابر الجماعية هناك". ونقل المركز الدولي للصحافيين عن أعضاء في شبكته في غزة، ما وصفوه بالتحديات الخطيرة، بما في ذلك استشهاد الزملاء وأفراد الأسرة، والتهجير، وتدمير المعدات، والتهديد بشنّ هجمات.
المركز الدولي للصحافيين يطالب بالتحقيق
بدورها، قالت رئيسة المركز الدولي للصحافيين، شارون موشافي: "لقد اقتُلع صحافيون في غزة من منازلهم، وفقدوا أحباءهم وزملاءهم، ويكافحون من أجل البقاء، ومع ذلك يواصلون بشجاعة تغطية أهوال هذه الحرب".
وانضم المركز الدولي للصحافيين إلى منظمات حرية الصحافة في مطالبة إسرائيل بوقف قتل الصحافيين، مذكّراً بأنهم "يعتبرون مدنيين بموجب القانون"، وطالب بالتحقيق في حالات الصحافيين الذين قُتلوا على يد قواتها. وبعد أن طلبت المؤسسات الإخبارية ضمانات بعدم استهداف صحافييها، قال الجيش الإسرائيلي إنه لا يستطيع ضمان سلامتهم.
وقال الجيش الإسرائيلي، في أكتوبر/تشرين الأول، في رسالة إلى وكالتي الأنباء "رويترز" و"فرانس برس"، إنه يستهدف "جميع أنشطة حماس العسكرية في جميع أنحاء غزة"، مدعياً أن حماس تعمّدت وضع عمليات عسكرية "على مقربة من الصحافيين والمدنيين".
إسرائيل تكره الصحافة
أصبح المراسلون المحليون في غزة أكثر أهمية من أي وقت مضى، لكن لم يتمكّن الصحافيون الدوليون من تقديم التقارير بحرّية من منطقة الحرب. ومنعت الحكومة الإسرائيلية المراسلين الأجانب من الدخول إلى القطاع من دون حراسة الجيش الإسرائيلي. وعلّقت موشافي قائلة: "من الضروري السماح للصحافيين بدخول غزة"، مضيفة: "يجب أن يتمتع جميع الصحافيين بالحرية في أداء عملهم، خاصة في أوقات الحرب". وقالت الصحافية الحائزة على جائزة المركز الدولي للصحافيين للتميز في التقارير الدولية، كلاريسا وارد، إنها وفريقها في "سي أن أن" كانوا الصحافيين الغربيين الوحيدين الذين قدّموا تقارير من غزة من دون مرافقة من الجيش الإسرائيلي، عندما دخلوا هناك لمدة ساعتين في ديسمبر/كانون الأول.
وفي مقال افتتاحي نُشر أخيراً في صحيفة واشنطن بوست، دعت وارد إسرائيل إلى السماح للصحافيين الدوليين بتغطية الأحداث خلال الحرب على غزة بحُريّة.
وكتبت حينها مذكِّرة: "لا يعني ذلك أن العالم لا يستطيع رؤية ما يحدث في غزة. لقد امتلأت موجات الأثير وقنوات التواصل الاجتماعي لدينا بالصور ومقاطع الفيديو المروعة التي التقطها الصحافيون الشجعان الذين يعيشون هناك. لقد خاطروا بكل شيء لتوثيق الوضع على الأرض ودفعوا ثمناً باهظاً للقيام بذلك".
حياة انقلبت رأساً على عقب
ينقل المركز عن الكاتبة، نور السويركي، أن حياتها انقلبت رأساً على عقب، إذ "نحن نطبخ على الحطب"، و"نحن نغسل ملابسنا يدوياً. التنقل أصبح صعباً، ولا يوجد مواصلات لعدم وجود وقود. وترك معظم الصحافيين معدّاتهم، بما في ذلك الكاميرات وأجهزة الكمبيوتر، في منازلهم المدمرة. انقطاعات الكهرباء والاتصالات دائمة. هناك ندرة شديدة في معدات السلامة في العمل". وقال المراسل عبد الهادي نبيل فرحات إن معداته تضرّرت في القصف. وأوضح: "فقدان المعدات أعاق تغطيتنا، وبالتالي لم تُسرَد قصص إنسانية عدة بعد"، لافتاً إلى أنه مثل صحافيين كثر في غزة، يواجه صراعاً مستمراً بين تلبية احتياجات أسرته الأساسية ومواصلة تغطيته.