المصور سمير الدومي: اخترت لنفسي هذا الاسم نسبة إلى مدينتي دوما

01 يناير 2025
المصور سمير الدومي يتجول في دوما بعد سقوط الأسد، 22 ديسمبر 2024 (أريس ميسينيس/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- العودة إلى دوما وذكريات الماضي: سمير الدومي، مصور وكالة فرانس برس، يعود إلى دوما بعد سبع سنوات من مغادرتها هربًا من حصار قوات الأسد. يعبر عن مشاعره المتضاربة عند العودة، حيث يجد مدينته وذكرياته، لكنه يفتقد عائلته وأصدقائه.

- بداية المسيرة الصحافية: بدأ سمير مسيرته الصحافية خلال الحصار على دوما، موثقًا الاحتجاجات والمآسي. هرب في 2017 عبر نفق إلى إدلب، مواصلًا عمله في توثيق الأحداث.

- الهوية والانتماء في المنفى: في المنفى، اختار اسم "سمير الدومي" تأكيدًا لانتمائه لدوما، ويعيش الآن في فرنسا. يعبر عن شعوره بالانتماء للوطن رغم العيش في الخارج، ويحلم بالعودة إلى سوريا مع أحبائه.

لم يكن مصوّر وكالة فرانس برس سمير الدومي يتخيل يوماً أنه سيتمكن من العودة إلى مسقط رأسه في سورية، المدينة التي اضطر إلى مغادرتها عبر نفق محفور منذ سبع سنوات بعد أن حاصرتها قوات بشار الأسد. دوما، المعقل السابق للمعارضة القريب من العاصمة دمشق، كانت شاهدة على معاناة هائلة بسبب تحديها للنظام، وتعرضت لهجوم كيميائي مروع في عام 2018، خلّف ذكريات مؤلمة في نفوس أبنائها.

يقول سمير الدومي: "كأنني أحلم وأنا أجد نفسي هنا اليوم". ويضيف: "الثورة كانت حلماً، والخروج من مدينة محاصرة ومن سورية كان حلمًا، كما أن العودة الآن هي أيضًا حلم".

ويتابع المصور الشاب البالغ من العمر 26 عاماً: "لم نكن نتخيل أن الأسد قد ينهار، لأن وجوده كان مغروساً في نفوسنا. كان حلمي الأكبر أن أعود إلى سورية في لحظة مثل هذه بعد 13 عاماً من الحرب، تماماً كما كان حلمي الأكبر في عام 2017 أن أغادر لأبدأ حياة جديدة بعيداً عن الحصار واليأس".

غادر سمير الدومي سورية وهو في التاسعة عشرة من عمره، تاركاً خلفه كل شيء تقريباً. عائلته بأكملها أصبحت تعيش في المنفى، باستثناء شقيقته التي بقيت في البلاد.

ذكريات مؤلمة

يصف سمير الدومي مشاعره قائلاً: "هذه مدينتي. هنا ذكرياتي كلها، طفولتي ومراهقتي. قضيت حياتي في دوما، في هذا المنزل الذي نزحت عائلتي منه تباعا وتقطن فيه الآن ابنة عمتي". ويضيف: "المنزل لم يتغير كثيراً، رغم تدمير الطابق العلوي خلال القصف. غرفة المعيشة ما زالت كما هي، ومكتبة والدي التي كان يعشقها لم تتغير. كان يجلس هناك كل صباح لقراءة الكتب التي جمعها على مدى السنوات. كانت المكتبة أهم بالنسبة له من أولاده".

لكن، رغم ثبات هذه التفاصيل، إلا أن الدومي يعبر عن خيبة أمله قائلاً: "بحثت عن أشياء طفولتي التي احتفظت بها والدتي، لكنني لم أجدها. لا أعرف إذا كانت ما زالت موجودة أم لا". ويتابع: "لم أشعر بالراحة هنا، ربما لأنني لم أجد أحداً من عائلتي أو من الأشخاص الذين كنت قريباً منهم. البعض غادر البلاد والبعض الآخر قُتل أو اختفى".

ويقول بأسى: "مرت المدينة بالكثير خلال 13 عاماً، من الاحتجاجات السلمية للثورة إلى الحرب والحصار ثم التهجير القسري. ذكرياتي هنا مرتبطة بالحرب التي بدأت عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري. ما عشته كان صعباً للغاية، وما ساعدني على تجاوزه كان عائلتي وأصدقائي، وهم لم يعودوا هنا".

مسيرة صحافية مبكرة

كانت دوما تحت حصار قوات الأسد منذ نهاية عام 2012، وشهدت واحدة من أبشع المآسي في تاريخ الحرب السورية، إذ ألقت واشنطن باللوم على النظام في هجوم كيميائي بالمنطقة عام 2013 أودى بحياة أكثر من 1400 شخص. بدأت مسيرة سمير الدومي صحافيا وهو لا يزال شاباً يافعاً، حين بدأ بالتقاط الصور مع إخوته للأحداث الجارية حوله. يقول: "بعد إغلاق المدارس، بدأت بتصوير الاحتجاجات مع إخوتي هنا أمام المسجد الرئيسي، حيث أقيمت أول مظاهرة في دوما بعد صلاة الجمعة، وأيضاً حيث أقيمت أول جنازات للضحايا".

ويضيف: "كنت أصور من الطابق الأول في أحد المباني المطلة على المسجد، ثم أغير ملابسي بسرعة لتجنب التعرف إليّ واعتقالي، إذ كان تصوير الاحتجاجات محظوراً". ويستذكر المواقف الصعبة قائلاً: "عندما تهاجم قوات الأمن، كنت أخرج بطاقة الذاكرة من الكاميرا وشريحة الهاتف وأضعهما في فمي حتى أتمكن من ابتلاعهما إذا تم القبض عليّ". في مايو/ أيار 2017، فرّ الدومي عبر نفق حفره المعارضون، ووصل إلى معقل المعارضة في إدلب مع مقاتلين سابقين وعائلاتهم.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

سمير الدومي.. انتماء وهوية

اختار الدومي لنفسه اسم "سمير الدومي"، نسبة إلى مدينته دوما، لتأكيد انتمائه وهويته، رغم أنه كان يعيش في المنفى. فقد "توقفت عن استخدام اسمي الأول، معتصم، لحماية عائلتي التي تعيش في دمشق". وفي فرنسا، حيث يقيم الآن، يعيش الدومي حياة مستقرة وسعيدة. فاليوم "لدي عائلة وأصدقاء وعمل، لكنني لست مرتبطاً بمكان معين. عندما عدت إلى سورية، شعرت أنني أمتلك وطناً".

ويشرح الفرق بين حياة المنفى والوطن قائلاً: "في الخارج، تتعود على كلمة 'لاجئ' وتمضي قدماً وتحاول الاندماج في مجتمع جديد. لكن وطنك يظل المكان الذي يقبلك كما أنت دون أن تضطر لإثبات شيء". ويكمل: "عندما غادرت سوريا، لم أكن أتصور أنني سأعود يوماً. عندما سمعت الأخبار، لم أصدق. كان من المستحيل أن ينهار الأسد. لا يزال الكثيرون في حالة صدمة وخوف. من الصعب استيعاب كيف يمكن لنظام زرع هذا الكم من الخوف أن ينهار".

ويختم قائلاً: "عندما عدت إلى حي الميدان في دمشق (الذي قاوم النظام لفترة طويلة)، لم أتمكن من حبس دموعي". فهو الآن "أشعر بالحزن لأنني لست مع أحبائي. لكنني أعلم أنهم سيعودون، حتى لو استغرق الأمر وقتاً. حلمي الآن أن نجتمع جميعاً مرة أخرى في سورية يوماً ما".

(فرانس برس)

المساهمون