بدأت في الخرطوم، اليوم الخميس، إجراءات انتخابات نقابة الصحافيين السودانيين، لتكون الأولى من نوعها بعد 33 عاماً من الغياب.
ونشرت لجنة الانتخابات التي شكّلتها الجمعية العمومية التأسيسية في يوليو/تموز الماضي، كشفاً بأسماء الصحافيين الناخبين، وبلغ عددهم 1250 صحافياً وصحافية، وحدّدت اللجنة 3 أيام حتّى الأحد المقبل للطعون، تليها عمليات الترشح لمنصب النقيب ومجلس النقابة، وتنتهي العملية بالتصويت وإعلان النتيجة في العشرين من شهر أغسطس/آب الحالي.
وكان نظام الرئيس المعزول عمر البشير قد حلّ نقابة الصحافيين مع بقية النقابات المهنية وحظر نشاطها وصادر دورها، وذلك في أوّل يوم من استلامه الحكم في 30 يونيو/حزيران 1989، قبل أن يسمح بتكوين اتحاد الصحافيين السودانيين، والذي تمّ حله بعد نجاح الثورة السودانية في إبريل/نيسان 2019.
واستحدثت لجنة الانتخابات الحالية، ولأوّل مرة في تاريخ النقابة وفي تاريخ العمل النقابي، نظاماً إلكترونياً يتيح للصحافيين في الولايات والصحافيين السودانيين العاملين بالخارج فرصة الإدلاء بأصواتهم.
وخلال الأيام الماضية، شهد الوسط الصحافي تكتلات واسعة للظفر بمنصب النقيب وبعضوية مجلس النقابة، والذي حدّد النظام الأساسي للنقابة مجموع أعضائه بـ39 صحافياً وشدّد على وجود تمثيل كافٍ للصحافيات.
ويستند قيام نقابة الصحافيين السودانيين إلى الوثيقة الدستورية والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الحكومة الانتقالية المقالة بأمر الانقلاب العسكري، وتتجاوز الفكرة تماماً عدم وجود قانون للنقابات التي تلكأت حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك نفسها في إجازته، وكذلك السلطة الانقلابية الحالية، والتي رفض مسجّل التنظيمات النقابية فيها المشاركة في مراقبة قيام نقابة الصحافيين.
يقول الصحافي محمد الأقرع لـ"العربي الجديد"، إنّ بدء إجراءات انتخابات نقابة الصحافيين خطوة مهمة في طريق طويل خطاه الصحافيون لإعادة تأسيس النقابة بعد غياب لسنوات طويلة أثّر على الأداء المهني وعلى أوضاع العاملين في المهنة، وأشار إلى أنّ الانتخابات في حدّ ذاتها لا تقلّ أهمية لجهة كونها تؤسّس للديمقراطية التي ناضل من أجلها الشعب السوداني لعقود طويلة، ولا سيما أن النقابة جزء أساسي من عملية الانتقال الديمقراطي.
وتوقّع الأقرع منافسةً ساخنةً بين القوائم المختلفة "وهو أمر يجب ألّا يثير القلق ما دام أنّه تنافس حر، وما دام الصحافيون متّفقين على حراسة النقابة مهما كانت النتائج"، كما نفى بشدّة ما يثار عن وجود أياد حزبية تحرّك عملية تأسيس الصحافيين لنقابتهم، مبيناً أنّ كلّ الإجراءات تعاملت مع كلّ الصحافيين ولم يمنع صحافي واحد من تسجيل نفسه والمشاركة في الجمعية العمومية إلّا من اختار بنفسه المقاطعة.
وكانت مجموعة من الصحافيين قد قرّرت المقاطعة بحجة التسييس الممنهج لقيام النقابة من أحزاب ترغب في تجيير النقابة لصالحها، كما تحفّظت أخرى على طبيعة الإجراءات. وأكد الصحافي طارق عبد الله وجود تحفظات جوهرية لديهم على قيام نقابة الصحافيين، وأولاها المرجعية القانونية الدولية التي تستند إليها النقابة، وهي مرجعية هشة وتلزم النقابة بالتسجيل داخل البلاد، وثانية التحفظات أنّ التشكيل الحالي سيفقد السودان اعتراف الاتحاد الدولي للصحافيين والاتحاد العربي والآلية الأفريقية.
انتقد عبد الله في حديث لـ"العربي الجديد"، عدم وجود تعريف واضح للصحافي مع عدم الاعتراف بالسجل الصحافي السابق، مشيراً إلى أنّ ذلك الخلل أدّى إلى تسجيل أشخاص لأنفسهم في كشوفات الصحافيين من دون أن تكون لهم علاقة بالمهنة، وأكد أنّ المخرج هو العمل بالقانون الحالي على أن يعمل الصحافيون بجد واجتهاد نحو تعديله وفق رؤيتهم.