بيان موحد لمثقفي العراق حول التضييق على حرية التعبير والصحافيين

06 يونيو 2022
أدت التهديدات التي تبعت تصريحات الصحافي سرمد الطائي إلى إصدار البيان (تويتر)
+ الخط -

فتحت أزمة التعليقات التي أطلقها ضيف برنامج حواري يُعرض على القناة العراقية الرسمية، الباب أمام الإعلاميين والصحافيين والمثقفين العراقيين، للمطالبة بمنع استهدافهم بقرارات قضائية، وبإعطاء الحرية الكافية للتعبير عن الرأي.

وكانت تعليقات الصحافي العراقي سرمد الطائي، ضمن برنامج المحايد الذي عُرض الأربعاء الماضي، قد أثارت أزمة في العراق، لا سيما وأنه انتقد القائد السابق لفيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، والمرشد الإيراني علي خامنئي، إضافةً إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي فائق زيدان.

وقال الطائي: "نحن أمام ظهور ديكتاتورية جديدة، ولذلك فإن فائق زيدان في مواجهة التحولات الفكرية للشباب". وأكد أنّ "فخامة العراق أكبر من خامنئي، كما أن القاتل سليماني ذبحنا في انتفاضة تشرين، وفائق زيدان يمارس انقلاباً سياسياً وأمنياً".

عقب ذلك، اتّهم رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، الإعلامي العراقي المعروف ومقدّم البرنامج سعدون محسن ضمد، بأنه تعمّد "الإساءة" إلى مجلس القضاء، عبر استضافة شخصيات محدّدة، واعتبر في بيان أن "ما حدث جرى عبر برنامج يديره إعلامي لديه رأي سلبي متطرف أيضاً يتطابق مع من يتعمّد استضافتهم، بقصد إخراج هذه الإساءات إلى جمهور المشاهدين كأنها بدرت من ضيوف البرنامج لا من القناة".

وكان مجلس القضاء الأعلى قد أصدر، خلال الأسبوع الماضي، مذكّرة إلقاء قبض بحق مقدّم برنامج بوضوح على شاشة تلفزيون زاكروس محمد جبّار، وفق المادة 226 من قانون العقوبات العراقي.

ودفعت هذه التوجهات القضائية ضد الصحافيين والإعلاميين، إلى توجّه المئات من المثقفين والفنانين والأدباء والأكاديميين والإعلاميين والناشطين المدنيين العراقيين لإصدار بيان استنكروا فيه واقع حقوق الإنسان وحرية التعبير في العراق.

وذكر البيان، الذي حمل عنوان "دفاعاً عن حرية التعبير"، أنّ "الخروقات المتزايدة في مجال حرية التعبير في العراق، تلك التي تمارسها أطراف بارزة في سلطات الدولة العامة، ومن يشغلون مناصب عليا فيها، تستهدف من ينتقدون الأداء العمومي، وهي تستند غالباً إلى تبريرات من نحو الإساءة لمؤسسات الدولة وإهانة القضاء والتطاول على الرموز وسوى ذلك، في وصف آراء تقع في صلب مجال حرية التعبير التي كفلها الدستور العراقي".

حظي البيان بتوقيع مئات الشخصيات البارزة في العراق، ضمن ما اعتبروه ميثاقاً لـ"ثوابت الديمقراطية"، مؤكّدين على أنّ "مؤسّسات الدولة العامة، ومن ضمنها القضاء، وظيفتُها خدمةُ المواطن، وهي ليست مقدّسة ولا محصّنة من النقد، بل إنّ النقد حقّ أساسي يكفله المجال العام الديمقراطي، ولا يمكن أن يدخل في باب التشهير، بما أنه لا يتّجه إلى الأشخاص في حياتهم الشخصية، بل بوصفهم موظفين عموميين".

وأشاروا وفق البيان إلى أنّه "لا يحقّ لهذه المؤسسات الحكم على الناس وتصنيفهم من خلال نواياهم، أو فهمها وتأويلها الخاص لهذه النوايا، ما يجعلها أقرب إلى أن تكون محاكم تفتيش لضمائر المواطنين".

وأكّد البيان على ضرورة مواجهة "التضييق المنهجي على حقّ العراقيات والعراقيين في التعبير عن آرائهم، والذي تمارسه جهات سياسيّة ورسميّة، وينخرط في هذا أشخاص يتولون مناصبَ عليا في سلطات الدولة العامة ومؤسساته، وعاملون وعاملات في مجال الإعلام، ومؤثرون ومؤثرات في وسائل التواصل الاجتماعي. ويجري ذلك باستعمال مفاهيم من قبيل الحصانة والقداسة، تُضفى على مؤسسات وأشخاص، رسميين أو غير رسميين، لمنع نقد سلطات الدولة العامة ومؤسساتها، أو القائمين عليها، أو الشخصيات العامة".

في السياق نفسه، قالت السياسية عن القوى المدنية في العراق شروق العبايجي إن "تكميم الأفواه جزء من أفعال السلطة الحالية، التي تحتمي بالقضاء والقوات الأمنية والفصائل المسلحة، وأن حالات الترهيب التي يتعرض لها الصحافيون والإعلاميون دليل على النهج غير السويّ للحكومة في التعاطي مع الأزمات".

ولفتت، في اتصالٍ هاتفي مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "حرية الصحافة والتعبير عن الرأي هي المؤشر الأهم لجانب رعاية الحريات من قبل السلطات، وهو الدليل على مدى تقبّل السلطات للنقد بأشكاله كافة، لذلك فإن الأحداث الأخيرة التي شهدناها والاستهداف الواضح للصحافيين والباحثين، أكد لنا أن العراق لا يزال يعاني من مشاكل في حرية التعبير".

وعادةً ما تدخل الفصائل المسلّحة الحليفة لطهران على خط تهديد الصحافيين والإعلاميين، وتحديداً الجماعات التي ظهرت خلال العامين الأخيرين على الساحة، مثل جبهة أبو جداحة، وربع الله وولد الشايب، وهي جماعات مسلحة مرتبطة بفصائل معروفة. وقد أقدمت أخيراً على تهديد محطّات فضائية محلية وصحافيين، كان آخرها تهديد القناة العراقية الرسمية ورئيسها نبيل جاسم، وتوعدت بالاحتجاج أمام مبنى المحطة في حي الصالحية في بغداد، على خلفية تعليقات الصحافي سرمد الطائي.

المساهمون