أيّد القضاء الجزائري قرار الحبس المؤقت الصادر بحق الصحافي إحسان القاضي الموقوف منذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول، في إطار تحقيق بتهمتي تلقي تمويل غير مشروع والمس بأمن الدولة، وفق ما أعلن محاميه الإثنين.
وصرح المحامي مصطفى بوشاشي أن غرفة الاتهام في محكمة الجزائر ردّت الأحد طلب الاستئناف الذي تقدّم به الصحافي "بغياب وكلائه القانونيين"، وأوضح أن "الجلسة التي كانت مقرّرة الأربعاء تم تقريب موعدها إلى الأحد من دون علم محامي الدفاع الذين لم يتبلّغوا بهذا القرار"، وأضاف "إنه انتهاك لحق الدفاع"، وفق ما نقلته وكالة فرانس برس.
وأودع القاضي مدير إذاعة راديو إم وموقع مغرب إيمرجون الإخباري اللذين أغلق مقريهما الحبس المؤقت، في 29 ديسمبر/ كانون الأول، بعد أربعة أيام على توقيفه.
وكانت نيابة مجلس قضاء الجزائر قد أعلنت حينها أن الوقائع المتابع بها الصحافي إحسان القاضي والتي يتم التحقيق فيها تخصّ "تلقي أموال من الداخل والخارج، وجمع تبرعات من دون رخصة للدعاية، لمصالح خارجية من خلال استغلال مقر شركة إنترفاس ميديا، لتسيير الموقع الإلكتروني غير المرخص راديو أم، الذي يقوم من خلاله بعرض منشورات ونشرات للجمهور من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية وذلك عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي".
وغداة توقيف القاضي داهمت قوات الأمن مقر وكالة إنترفاس ميديا، الناشرة لـ"راديو إم" و"مغرب إيمرجون"، وختمته بالشمع الأحمر، وصادرت كل الأجهزة الموجودة فيه.
ودعت ابنته تين هينان القاضي، خلال حديث مع صحيفة ذا غارديان البريطانية الإثنين، إلى إطلاق سراح والدها فوراً. وقالت: "لا شيء إطلاقاً يبرر الحبس الاحتياطي. إنه ليس مجرماً خطيراً، ولا يمكنه الفرار، لأن السلطات صادرت أصلاً جواز سفره".
والأسبوع الماضي دعت كلٌّ من منظمة مراسلون بلا حدود و16 من رؤساء المؤسسات الصحافية من مختلف البلدان، بمن فيهم الحائز على جائزة نوبل للسلام دميتري موراتوف، إلى الإفراج عن القاضي. ووفقاً لـ"مراسلون بلا حدود"، أوقف القاضي "بعد بضعة أيام على نشر مقالات تخلّلتها انتقادات للسلطات"، وبـ"دافع سياسي".
وتحتل الجزائر المرتبة 134 من بين 180 دولة، في ترتيب منظمة مراسلون بلا حدود الخاص بحرية الصحافة لعام 2022.
وقال الأمين العام لـ"مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلوار، نهاية ديسمبر الماضي: "الأمر بيد السلطات الجزائرية لكي تدرك الصورة الكارثية التي ترسمها عن نفسها كنظام يدوس دوساً على المبادئ الديمقراطية". وأشار ممثل المنظمة في شمال أفريقيا، الصحافي خالد درارني، إلى أنه "بهذا الإجراء الوحشي والراديكالي الذي طاول من جديد المنبرين الإعلاميين اللذين يديرهما إحسان القاضي، بات من الواضح أن هناك رغبة واضحة في إسكات آخر صوت صحافي حر ومستقل في الجزائر".
لطالما تعرضت إذاعة راديو إم لمضايقات الأجهزة القضائية الجزائرية، ولا سيما منذ بداية الحراك الشعبي الذي اندلعت أولى شراراته في 22 فبراير/شباط 2019، احتجاجاً على ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، ما أدى إلى استقالة رئيس الجمهورية من منصبه في نهاية المطاف.
اعتُقل العديد من صحافيي هذا المنبر الإعلامي، وواجهوا الكثير من المحن والعراقيل، ومن بينهم خالد درارني نفسه الذي اعتُقل مرات عدة بين عامي 2019 و2020، ثم زُج به في السجن وحُكم عليه في أغسطس/آب 2020 بالحبس ثلاث سنوات بتهمة "المساس بالوحدة الوطنية"، ليُطلَق سراحه بعدما أمضى عاماً خلف القضبان. كما كان الاعتقال مصير صحافية الإذاعة كنزة خطو، التي أُلقي القبض عليها، في مايو/أيار 2021، أثناء تغطيتها تظاهرة في الجزائر العاصمة، ليصدر في حقها حُكم بالسجن مدة ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ، بعد ثلاثة أيام قيد الاحتجاز، قبل تبرئتها في ديسمبر من العام نفسه.