جواسيس إسرائيليون يكتبون أخبار الصحافة الأميركية

18 أكتوبر 2024
الصحافي في "أكسيوس" باراك رافيد كان محللا في الوحدة 8200 الإسرائيلية (جون لامبارسكي/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشف تحقيق لموقع منت برس نيوز عن وجود جواسيس إسرائيليين في مواقع حساسة داخل الصحافة الأميركية، مما يثير تساؤلات حول مصداقية مؤسسات كبرى مثل أكسيوس وسي أن أن ونيويورك تايمز.
- من بين الشخصيات البارزة، باراك رافيد وشاحار بيليد وتال هاينريش، الذين عملوا في الوحدة 8200 الإسرائيلية، ويشغلون مناصب مؤثرة في الإعلام الأميركي.
- الوحدة 8200 تُعرف بعملياتها السرية والتجسس، وتُتهم بجمع بيانات عن الفلسطينيين واستخدامها في قمعهم، وتعتبر "مصنع القمع المستقبلي".

كشف تحقيق نشره موقع منت برس نيوز أن جواسيس إسرائيل يحتلون مكانة هامة في الصحافة الأميركية، ورصد مقالاتهم ومناصبهم الحسّاسة داخل المؤسسات، بالإضافة إلى علاقاتهم القوية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتحديداً الوحدة 8200، أكبر وحدة تجسّس في إسرائيل. وخلُص التحقيق إلى أن "المؤسسات الكبيرة مثل أكسيوس وسي أن أن ونيويورك تايمز تعرف من توظف" و"من المرجح أن يتقدم المئات من المتقدمين لكل وظيفة"، و"إن حقيقة أن هذه المؤسسات تختار الجواسيس الإسرائيليين بين الجميع تثير أسئلة خطيرة حول مصداقيتها الصحافية وهدفها".

من بين أبرز هؤلاء باراك رافيد، أحد أكثر الصحافيين نفوذاً في واشنطن، حتى إنه في إبريل/نيسان فاز بجائزة مراسلي البيت الأبيض المرموقة "للتميز الشامل في تغطية البيت الأبيض"، وهي واحدة من أرفع الجوائز في الصحافة الأميركية. "بعد مرور عام على هجمات السابع من أكتوبر، يواصل نتنياهو سلسلة انتصاراته". هذا عنوان مقال نشره موقع أكسيوس أخيراً للكاتب باراك رافيد الذي أشار إلى أن هذه "النجاحات" العسكرية "المذهلة" تشمل قصف اليمن، واغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وتفجير أجهزة "بيجرز" في لبنان. وباراك رافيد هذا ليس سوى جاسوس إسرائيلي عمل حتى وقت قريب محللاً في الوحدة 8200، أكبر وحدة تجسّس في إسرائيل، وقد كانت مسؤولة عن عمليات تجسس وإرهاب عدة، بينها تفجير أجهزة "بيجرز" الذي أدى إلى إصابة الآلاف من المدنيين اللبنانيين. وحتى العام الماضي كان لا يزال جندي احتياط في جيش الاحتلال.

وأمضت شاحار بيليد ثلاث سنوات ضابطة في الوحدة 8200 ذاتها، حيث قادت فريقاً من المحللين في مجال المراقبة والاستخبارات والحرب السيبرانية، كما عملت محللة تقنية لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي شين بيت. عام 2017 عُيّنت منتجة وكاتبة من قبل شبكة سي أن أن، حيث قضت ثلاث سنوات في تجميع مقاطع لبرامج تلفزيونية كبرى يقدّمها إعلاميون بارزون مثل فريد زكريا وكريستيان أمانبور، ثم وظفتها شركة غوغل العملاقة لاحقاً لتصبح مسؤولة إعلامية كبيرة فيها.

وهناك عميلة أخرى في الوحدة 8200 عملت في "سي أن أن" هي تال هاينريش، إذ قضت ثلاث سنوات عميلة في الوحدة 8200. وبين عامي 2014 و2017 كانت منتجة ميدانية ومنتجة أخبار لمكتب القدس المؤيد لإسرائيل في شبكة سي أن أن، حيث كانت واحدة من الصحافيين الرئيسيين الذين شكّلوا فهم أميركا للعدوان الإسرائيلي (الجرف الصامد)، الذي قتل الآلاف وهجّر المئات من الآلاف. غادرت هاينريش لاحقاً "سي أن أن" وهي الآن المتحدثة الرسمية لبنيامين نتنياهو.

ولا يزال ميل شبكة "سي أن أن" إلى توظيف شخصيات الدولة الإسرائيلية مستمراً حتى يومنا هذا. على سبيل المثال، تعمل تامار ميكايليس حالياً لصالح الشبكة، وتنتج الكثير من محتواها عن إسرائيل وفلسطين. هذا على الرغم من أنها عملت سابقاً متحدثة رسمية باسم جيش الاحتلال.

من ناحية أخرى، وظّفت صحيفة نيويورك تايمز أنات شوارتز، وهي ضابطة سابقة في استخبارات القوات الجوية الإسرائيلية ليس لديها أي خبرة صحافية. وقد شاركت شوارتز في كتابة مقال "صرخات بلا كلمات" الذي زعم من دون دليل أن مقاتلي حماس ارتكبوا اعتداءات جنسية خلال عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قبل أن يثير المقال ضجة داخل المؤسسة نفسها. هذا ولدى موظفين في "نيويورك تايمز" آخرين أبناء يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وهو ما لا تفصح عنه الصحيفة عندما ينشر هؤلاء أعمالهم في صفحاتها.

تأسست الوحدة 8200 عام 1952، وتتولى العمليات السرية والتجسّس والمراقبة والحرب السيبرانية، وتقف وراء هجوم تفجير "بيجرز" على لبنان الذي أسفر عن استشهاد تسعة أشخاص على الأقل وإصابة حوالي 3 آلاف شخص. وأنشأت الوحدة 8200 قائمة قتل واغتيال مدعومة بالذكاء الاصطناعي تشمل عشرات الآلاف من الأفراد، بينهم النساء والأطفال. وكان هذا البرنامج هو آلية الاستهداف الأساسية التي استخدمها جيش الاحتلال في الأشهر الأولى من هجومه على قطاع غزة المكتظ بالسكان.

والوحدة 8200 هي كذلك "مصنع القمع المستقبلي" ضد الفلسطينيين، إذ تجمع الوحدة كميات هائلة من البيانات عن الفلسطينيين، بما في ذلك حياتهم الجنسية وتاريخهم الطبي، وتتبع كل تحركاتهم من خلال كاميرات التعرف إلى الوجوه، وتراقب مكالماتهم ورسائلهم ورسائل البريد الإلكتروني وبياناتهم الشخصية، وكل هذا من أجل مضايقتهم وقمعهم، وابتزازهم لتحويلهم إلى مخبرين وجواسيس لإسرائيل.

المساهمون