شراهة الأكل... فتّش عن العوامل النفسية

20 أكتوبر 2024
في ظل التوترات الأمنية والحروب تتفاقم هذه المشكلة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شراهة الأكل هي اضطراب جسدي ونفسي يؤدي إلى تناول كميات كبيرة من الطعام دون وعي، مما يزيد من مخاطر السمنة وأمراض القلب والسكري، بالإضافة إلى التأثيرات النفسية مثل القلق والاكتئاب.

- تتعدد أسباب شراهة الأكل، منها الأدوية التي تزيد الشهية، النظام الغذائي غير المتوازن، والضغوط النفسية مثل القلق والتوتر، مما يتطلب معالجة نفسية لتحقيق التوازن الغذائي.

- تتنوع العلاجات من توثيق سلوكيات الأكل وتنظيم الوجبات إلى التحفيز الكهربائي عبر الدماغ، مع أهمية التعاون بين المتخصصين في علم الغذاء والنفسية.

تُعدّ شراهة الأكل اضطراباً جسدياً يدفع الإنسان إلى تناول الطعام بكميات تتجاوز حاجته الطبيعية، وغالباً من دون وعي أو توقف. يشكل هذا الاضطراب تهديداً للصحة الجسدية والنفسية، وقد يرتبط بحالات صحية أو عاطفية أعمق. في ظل التوترات الأمنية والحروب، تتفاقم هذه المشكلة لدى بعض الأفراد نتيجة القلق المستمر، ما يجعل البحث عن حلول أكثر إلحاحاً. 
تتعدد الطرق لعلاج هذا الاضطراب، حيث يعمل كل مختص وفق مقارباته الخاصة. وقد نُشرت دراسة حديثة في معهد الطب النفسي وعلم النفس والأعصاب في كينغز كوليدج لندن، بمشاركة الباحثة الدكتورة ميكايلا فيلن، تناولت إمكانية علاج شراهة الأكل من خلال التحفيز الكهربائي المباشر عبر الدماغ (tDCS). إلى جانب هذه الدراسة، تقدم المتخصصة في علم الغذاء والمستشارة في سلامة الغذاء كليمنص عطا الله ماما إلى "العربي الجديد" نظرة عميقة للأسباب الصحية المؤدية إلى هذا الاضطراب والعلاجات المتاحة، وتشارك رأيها في العلاجات الحديثة.
ترى ماما أن شراهة الأكل تظهر عبر عدة مؤشرات، منها:

  • تناول الطعام بإفراط دون وعي
  • فوضى في الأكل، مثل الانتقال من الأطعمة المالحة إلى الحلوة والعكس
  • الشعور بالذنب بعد تناول كميات كبيرة من الطعام
  • فقدان الإحساس بالشبع
  • تناول الطعام بدافع الملل أو التوتر وليس الجوع الحقيقي.

تؤكد ماما أن الاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى نحو العلاج. تنصح بتوثيق سلوكيات الأكل يومياً من خلال مدونة أو أجندة غذائية، حيث يُسجّل توقيت الوجبات، نوعية الطعام وكمياته. هذه الخطوة تساعد المختصين على تحديد أنماط الأكل ومعرفة العوامل التي تؤدي إلى الشراهة، ما يمكّنهم من تقديم إرشادات لتحسين التحكم في سلوكيات الأكل.

الأسباب الصحية التي تؤدي إلى شراهة الأكل

تعدد ماما بعض الأسباب الصحية لشراهة الأكل، ومنها:

  • تناول أدوية تزيد الشهية كأثر جانبي.
  • نظام غذائي غير متوازن يؤدي إلى نقص في الفيتامينات والمعادن، ما يحفّز الشخص على تناول المزيد.
  • اختلال في توازن الهرمونات، خصوصاً هرمون السيروتونين، الذي يزيد الإحساس بالجوع.
  • مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الانتفاخ، التي قد تزيد من الحاجة لتناول الطعام.

الخلفيات النفسية لشراهة الأكل

تؤثر العوامل النفسية كثيراً في شراهة الأكل. القلق والتوتر يدفعان البعض إلى الإفراط في الأكل كوسيلة للتهدئة. وتشير ماما إلى ضرورة الانتباه إلى هذه العلاقة، خصوصاً بعد التعرّض لصدمات نفسية أو ضغوط حياتية. أما الاكتئاب، فقد يؤثر بطرق مختلفة: إما بفقدان الشهية أو بزيادة الشراهة، وفي الحالتين، يجب معالجة الاضطراب النفسي لضمان التوازن الغذائي.

وترى أن شراهة الأكل ترتبط بالسمنة وزيادة الوزن، وقد تكون أحد أسباب الإصابة بالسكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم. وتزيد الشراهة من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين. نفسياً، قد يؤدي الإفراط في الأكل إلى القلق والاكتئاب، ويشعر الشخص بالذنب والندم بعد تناول كميات كبيرة من الطعام، ما يزيد من الشعور بالعزلة وفقدان السيطرة.

تجارب علاجية ناجحة

تشارك ماما تجربتها مع مريض كان يعاني من التوتر في عمله، ما دفعه إلى تناول الطعام بكثرة، في وسيلة لتخفيف القلق. عبر التعاون بينها لكونها متخصصة في علم الغذاء واختصاصيين نفسيين، تمكن المريض من تحسين علاقته بالطعام وتحقيق نتائج ملموسة خلال أربعة أشهر. وتؤكد ماما أن تنظيم الوجبات وممارسة التمارين الرياضية والاسترخاء تساعد على تخفيف شراهة الأكل الناتجة من التوتر والقلق.
تسلط ماما الضوء على تقنية التحفيز الكهربائي لعلاج شراهة الأكل، وهي وسيلة تعتمد على التأثير في العصب الذي ينظم الإحساس بالجوع والشبع. ورغم أن هذه التقنية تقدم نتائج واعدة، إلا أن التجارب عليها لا تزال غير كافية لمعرفة الأعراض الجانبية كافة، ما يجعلها غير معتمدة كثيراً حتى الآن.
ببساطة، شراهة الأكل اضطراب معقد يتطلب فهماً دقيقاً لعوامل جسدية ونفسية متعددة. لكن مع تطور العلاجات وازدياد الوعي حول أهمية الاستشارة المتخصصة، يمكن للأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب العثور على طرق فعّالة للتحكم بسلوكهم الغذائي.

المساهمون