"فرندز"... أوهام تسترخي في المقهى على الكنبة البرتقالية

21 سبتمبر 2024
كل ما في المسلسل تحول إلى أيقونة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **ظاهرة "فرندز" العالمية**: بدأ في 1994 وأصبح ظاهرة عالمية لعشر مواسم، ما زالت حلقاته تُبثّ حتى الآن، خاصة بعد حصول نتفليكس على حقوق عرضه.
- **الانتقادات والتأثيرات الثقافية**: تعرض لانتقادات بعد وثائقي "Friends: The Reunion" عام 2021، وكُشف عن عيوب مثل غياب التنوع العرقي والقراءات النسوية السلبية.
- **الإرث الثقافي والتحديات المعاصرة**: إرثه ما زال حاضراً رغم فشل محاولات استغلاله في أعمال أخرى، ويبقى السؤال حول تطور نكاته في زمن وسائل التواصل الاجتماعي.

في 22 سبتمبر/أيلول 1994، صدرت الحلقة الأولى من مسلسل "فرندز" (Friends). السِّتكوم ذو الاسم التقليديّ، والذي لم يُتوقّع له النجاح، تحوّل إلى ظاهرة عالميّة، امتدت لعشر مواسم، ما زالت حلقاته تُبثّ الآن، وخصوصاً بعد حصول منصة نتفليكس على حقوق عرضه.
على رغم تغير شكل صناعة الترفيه في الولايات المتحدة الأميركية، وتراجع صيغة المسلسلات ذات الحلقات التي تنشر على مدار أشهر، مقابل تلك التي تطرح دفعة واحدة، ما زال المسلسل والحكايات حوله قائمة، لكونه ظاهرة ثقافيّة، أطلق شهرة الممثلين فيه.
كان رحيل ماثيو بيري (1969 - 2023)، الذي يؤدي شخصية تشاندلر، أثر لدى كثير من محبّي المسلسل، خصوصاً بعد الاتهامات التي طاولت أطباءه الذين وصفوا له الكيتامين من دون مراعاة لإدمانه، ليضاف إلى قائمة المشاهير الذين أودى بهم أطباؤهم، كما يُقال عن مايكل جاكسون. وإلى حدّ كبير، لم يتذكر أحد بيري إلا بوصفه تشاندلر، من دون أي إشارة إلى أدواره اللاحقة المعدودة. وهذا حال معظم الممثلين في Friends، فلم يُقدّم أي منهم أي عمل مميز بعد هذا السّتكوم.
عانى "فرندز" من كثير من الانتقادات، فحين عاد الطاقم مرة أخرى عام 2021 ضمن وثائقي كوميدي (Friends: The Reunion) امتدّ لأكثر من ساعة ونصف، فوجئ كثيرون من تغير أشكال الممثلين واصطناعهم المواقف، ووصفته صحيفة "ذا غارديان"، حينها، بـ"مبتذل وفوضوي"، خصوصاً أن لا جديد يمكن تقديمه.
كل ما في "فرندز" تحول إلى أيقونة: أغنية الشارة، والكنبة البرتقالية في المقهى، وقفشات تشاندلر، ورومانسية روس المفرطة. لكن مع صعود تيار سياسات الهويّة وحركة Me Too، أعيدت قراءة المسلسل بجدية أكبر، سواء في ما يخص المستوى الاقتصادي للأصدقاء وابتعاده الكلي عن الواقع، أو روس الذي ننسى لفترات طويلة أنه أب.
قراءة Friends الهوياتيّة كشفت أنه شديد البياض، فما مِن حضور لشخصيات ملونة إلا كضيوف شرف، ولا حتى في مدينة نيويورك، التي تبدو بيضاء ونظيفة، فضلاً عن القراءة النسوية التي تكشف عيوب هائلة في المسلسل؛ فجوي، الدونجوان، ليس إلا متلاعباً يغوي النساء لليلة واحدة ثم يختفي، إلى حد أننا في إحدى الحلقات نراه حزيناً، لكونه "نال" كل نساء المدينة.
المشكلة نفسها نراها مع روس، المتعلق والمهووس بريتشل، في حين أن فيبي الواضح أنها مصابة بالعديد من الصدمات النفسية نراها تمضي المسلسل بـ"غرابة" من دون أي علاج أو سؤال، إلى حد تطور نظرية مؤامرة تقول إنها كشخصية واعية أنها في مسلسل، وقد شاركت فيه من أجل أن تجد مكاناً لتنام فيه.
ما زال إرث Friends حاضراً في الثقافة الشعبية، من دون القدرة على الكسب منه عبر عمل آخر؛ فمسلسل "جوي" الذي بُثّ عام 2014 لم يستمر لأكثر من موسمين، ثم اختفى، خصوصاً أن أعمالاً كـEntourage وDesperate Housewives كانت حينها تبث، ولن يستطيع عمل من طينة جوي منافستها.

نجوم وفن
التحديثات الحية

ثلاثون عاماً رسمت مخيلة جيل كامل عن حياة العزوبية في نيويورك. صورة متخيلة كلياً لا تقترب من الحقيقة، ويغذيها فانتازم الحياة المستقلة، والأهم الحلم بأن يجد الواحد منا العمل الذي يحب، ذاك العمل ذو الأجر العالي، وساعات العمل الغامضة التي تتيح للفرد أن يمضي ساعات مع أصدقائه من دون همّ. ثلاثون عاماً، تحولت فيها أميركا إلى ساحة حرب هويات؛ ترامب، أحد مرشحي الرئاسة، يتهم المهاجرين بالتهام القطط والكلاب، وقسّم العالم بين مشاهدي "نتفليكس" ومشاهدي "فوكس نيوز"، أي بين المفرطين في صوابيتهم السياسية وبين اليمين المتطرف، الذي وظف حرية التعبير لبثّ سمومه. وهنا يبقى السؤال: ما النكات التي يمكن أن يطلقها تشاندلر في هذا الزمن؟ والأهم: هل المقالب والقفشات والمشكلات التي يواجهها "الأصدقاء" ستبقى على حالها في زمن وسائل التواصل الاجتماعي؟ كيف ستكون حياة جوي العاطفية في زمن تندر واختيار الشريك عبر صورته؟

المساهمون