يهدف معرض بعنوان "فريدا كالو، ما وراء المظاهر"، افتُتِح الخميس في متحف باليه غالييرا للموضة في باريس، ويستمر حتى مارس/ آذار 2023، إلى إبراز الصلة بين نحو مئتي قطعة من المقتنيات الشخصية للفنانة المكسيكية وأعمالها الفنية.
وتقول مفوّضة المعرض سيرسه إينيستروسا لوكالة فرانس برس: "نريد أن نبتعد عن الطابع الغريب الذي يحيط بها، وأن يتمكّن الناس من أن يروا أنّها أكثر من مجرد كونها سلعة أو صورة".
فنانة مولعة بالموضة
ويحطّ هذا المعرض رحاله لأوّل مرّة في باريس، التي زارتها الفنانة سنة 1939 بدعوة من صديقها الكاتب والشاعر الفرنسي أندريه بروتون. لكن سبق أن أقيم الحدث في لندن وسان فرانسيسكو ونيويورك، وفي كلّ مرة، كانت مفوّضة المعرض تكيّف تفاصيله لتتوافق مع المدينة المضيفة.
وتُعرض في النسخة المقامة في "عاصمة الموضة" ملابس تحمل توقيع مصمّمين كبار، من أمثال ألكسندر ماكوين وجان بول غوتييه وفالنتينو، ومستوحاة بصورة مباشرة من أسلوب فريدا.
ويضمّ المعرض، على سبيل المثال، فستاناً مع غطاء للرأس، يُذكّر بالـ"ريسبلاندور"، وهي طرحة مستلهمة من طقوس دينية تضعها نساء منطقة تيوانتيبيك في ولاية واهاكا المكسيكية، إضافةً إلى تنانير وسترات وسراويل مزينة بالورود والتول والستراس، وحتّى كورسيهات معدنية.
غير أنّ أبرز القطع المعروضة خلال هذا الحدث تتمثّل في مقتنيات شخصية للفنانة الراحلة، سيتمكّن الجمهور الفرنسي من رؤيتها لأوّل مرة.
وتضمّ هذه القطع الشخصية مجموعة كبيرة من الصور والبرقيات والرسائل، كانت قد عُرضت قبل عقد من الزمن في متحف فريدا كالو، كاسا أسول، أو البيت الأزرق، مسقط رأس الفنانة حيث احتفظ زوجها الرسام دييغو ريفيرا بها على مدى نصف قرن داخل حقيبة كبيرة.
وتزخر المجموعة بقطع كثيرة، من بينها ساق اصطناعية مع حذاء مزيّن بالتطريز الصيني، كانت تضعها كالو بعد بتر ساقها اليمنى، ومشدّ لتقويم العظام يشبه بشدّة ذلك الذي رسمته الفنانة في لوحتها "العمود المكسور"، ومشدّات مطلية، أحدها يحمل شعار المطرقة والمنجل، في تذكير باعتناقها الفكر الشيوعي، وقلادات من الحقبة ما قبل الكولومبية، وأيضاً أدوية تشهد على معاناتها الجسدية بعد إصابتها بشلل الأطفال، وتعرّضها لحادث حافلة خطير.
وتوضّح مفوضة المعرض: "لا نعرض أيّ شيء لم ترغب فريدا كالو في إظهاره"، قائلةً إنّها أرادت "الابتعاد عن الخطاب الذي ساد في الثمانينيات، وكان يصرّ على تصوير كالو وجسدها باعتبارها ضحية".
وتضيف: "لقد عانت بالطبع كثيراً من الناحية الجسدية، لكنّنا نرى من خلال هذا المعرض كيف استخدمت الرسم وسيلة للعلاج وللإنتاج الإبداعي".
وتشير إينيستروسا إلى أنّ "الكورسيهات المطليّة ترمز إلى التمرد، وهي حوّلتها إلى قطعة أساسية في لباسها. لماذا ارتداء طرف اصطناعي قبيح؟ كانت تصنع منه حذاءً جميلاً، هذا أمر عصري جداً".
"فخورة بتراثها"
تُعرض أزياء كثيرة، لا سيما تنانيرها التقليدية المطرزة الشهيرة وستراتها الطويلة من دون أكمام، إلى جانب القليل من اللوحات، من بينها "الإطار"، وهي أوّل لوحة لفنان مكسيكي تستحوذ عليها الدولة الفرنسية.
هل كانت فريدا كالو (1907-1954) لتقْدم على "استحواذ" ثقافي للأزياء المرتبطة بمنطقة تيوانتيبيك رغم أنّ قدميها لم تطآها يوماً؟ تجيب إينيستروسا: "كلا، إنّه تراثها الشخصي لجهة والدتها"، وهي امرأة متعدّدة الجذور، من أصل إسباني ومن السكان الأصليين في واهاكا، قرب تيوانتيبيك.
وتشير مفوّضة المعرض إلى أنّ فريدا كالو لم تكن فخورة بذلك فحسب، بل اختارت "فساتين تيهوانا متأتية من مجتمع أمومي (في تيوانتيبيك)، للتركيز على امرأة قوية. فيما الموضة في المكسيك في ثلاثينيات القرن الماضي، كانت الموضة الباريسية".
(فرانس برس)