فيلمان لـ"نتفليكس": مشتركاتٌ تُنتج اشتغالاً عادياً

15 نوفمبر 2024
كيلسي أزْبِل: مشلولةٌ تنتصر على مُجرمٍ (Axelle/Bauer – Griffin/FilmMagic)
+ الخط -
اظهر الملخص
- فيلم "امرأة الساعة" (2023) من إخراج آنّا كَنْدريك، يروي قصة القاتل المتسلسل رودني ألْكالا، ويتميز بسرد سلس وأداء مقبول، حيث تلعب شيريل برادْشو دوراً محورياً في النجاة من القاتل والمساهمة في القبض عليه.
- فيلم "لا تتحرّكي" (2024) من إخراج آدم شيندلر وبراين نيتّو، يركز على أيريس التي تعاني من أزمة نفسية بعد فقدان ابنها، ويتميز بأداء مقنع من كيلسي أزْبِل، رغم عدم تقديم جديد في السرد.
- كلا الفيلمين يشتركان في موضوع الرجل المجرم المهووس بالمرأة، مع دور محوري للمرأة في كشف الجرائم، مما يبرز قوة السرد في تقديم قصص معقدة ومؤثرة.

 

في مقابل أفلامٍ رديئة تبثّها "نتفليكس"، هناك أخرى غير رديئة، وبعضها يمتلك جمالياتٍ سينمائية تمتّع عيناً، وتُثير تساؤلاتٍ في مسائل جمّة، أو تُسلّي من دون ابتذال وتسطيح.

فيلمان يمتلكان حِرفيّة إخراج وتمثيل واشتغالات فنية وتقنية، وإنْ من دون إبهار، ويتشابهان في أنّ المرأة أساسيّة، والرجل يُكمِل حكايتها، رغم أنّه "أصل الصورة/الحكاية". فلسرد فصلٍ من سيرته الجُرمية، تشارك امرأةٌ في ذلك، علماً أنّ شابّةً تفضحه وتُسلّمه إلى الشرطة فالقضاء، مع أنّ دورها الدرامي ثانوي، ودورها الحقيقي فاعلٌ. ولكشف اضطرابٍ نفسيّ في ذات رجل، تجد امرأة نفسها "مُقيّدة" به حتى لحظة سقوطه، فتكون هي نفسها سبب سقوطه.

مشتركٌ ثانٍ بين الفيلمين: الرجلان مجرمان ومهووسان بالمرأة، اغتصاباً وتصويراً ثم قتلاً، أو تعذيباً (نفسياً أولاً) وقتلاً أيضاً. هذا يقول إنّ مشتركاً ثالثاً يتمثّل بنهاية متشابهة بين الرجلين: القبض عليهما، فعلياً أو تصفيةً جسدية.

"امرأة الساعة" (2023) أول إخراج للممثلة الأميركية آنّا كَنْدريك، التي تؤدّي فيه شخصية شيريل برادْشو، الممثلة المبتدئة التي تشارك في تمارين أدائية وكاستنغ من دون الحصول على دورٍ. قصّة (كتابة إيان ماكدونالد) تروي حكاية قاتل متسلسل يُدعى رودني ألْكالا (دانيال زوفاتّو)، يُقال إنّ عدد جرائمه يبلغ 130، لكنّ المؤكّد منها والمحكوم عليه بالإعدام أولاً بسببها يبلغ ثماني فقط. برادْشو تنجو منه صدفةً، وإحدى ضحاياه، التي يغتصبها (تمهيداً لقتلها)، توقع به، إذْ تترجّاه ألاّ يُخبر أحداً بالاغتصاب، كي لا تُحرَج أمام الناس، قبل تمكّنها من الاتصال بالشرطة، وإلقاء القبض عليه.

ألْكالا (1943 ـ 2021) مشهورٌ بـ"قاتل لعبة المُواعدة"، لظهوره في حلقة من البرنامج الشعبيّ "لعبة المواعدة" (1978)، فتكتشفه شابّة تحضر الحلقة في الاستديو، وتحاول تبليغ مسؤولين في محطة ABC عنه، لتعرّفها إليه بصفته معتدياً على صديقةٍ لها في وقتٍ سابق، فيتجاهلونها. في تلك الحلقة، تُكلَّف برادْشو بإلقاء أسئلة مختلفة على ثلاثة مُشاركين، من دون أنْ تلتقيهم، وألْكالا يفوز، فتلتقيه أمام الجمهور، ثم يحاول دعوتها إلى سهرةٍ، لكنّها ترفض.

 

سينما ودراما
التحديثات الحية

 

في "امرأة الساعة (Woman Of The Heart)"، المعروض أولاً في الدورة الـ48 (7 ـ 17 سبتمبر/أيلول 2023) لـ"مهرجان تورنتو السينمائي الدولي"، سردٌ سلس، وأداء مقبول، يتميّز زوفاتّو فيه بتقديم شخصية مغتصب ومهووس بتصوير ضحاياه قبل قتلهنّ، يمتلك وسامةً وقدرة جذبٍ، تتمكّنان من تحقيق ما يريد. سلاسةٌ تعني أنّ المرويّ واضحٌ، من دون حاجة إلى فذلكات بصرية. صُنع توازن سرديّ بين حكايتين (برادْشو وألْكالا) أساسيّ، بعد إيحاء في البداية بأنّ حكايةً واحدة تُروى (برادْشو). فالشابّة تريد دوراً، وهذا صعبٌ. تتمرّن، لكنّها غير حاصلةٍ على مبتغاها. تشارك في أكثر من "كاستنغ"، لكنْ من دون فائدة. جارٌ لها يحاول دعمها، لكنّه يتجاوز الجيرة، كما الصداقة، فتصدّه. لا أفق لها، كما يبدو. اختيارها لتقديم تلك الحلقة بداية، تقتنع بها بعد إلحاح من تجهد لمنحها دوراً تلفزيونياً/سينمائياً، لأنّ شهرةً ربما تُصيبها بفضل الحلقة، كالحاصل مع سابقاتٍ لها.

بمهنيّةٍ واضحة، لكنّها غير باهرةٍ، تُروى الحكايتين، قبل لقاء الحلقة، بمساواةٍ شبه كاملة. هذا يحضر ولو قليلاً في "لا تتحرّكي" (2024)، للثنائي آدم شيندلر وبراين نيتّو. فحكاية أيريس (كيلسي أزْبِل) تفتتح نصّاً سينمائياً (كتابة تي جي سيمْفل وديفيد وايت) يوحي بأنّ أزمة خطرة تعانيها المرأة الشابّة، فتدفعها إلى محاولة انتحار من علوّ شاهق. افتتاح يمزج كوابيس ووقائع، ليقول إنّ موت ابنٍ لها تدميرٌ لروحها وقلبها وذاتها، والانتحار، الذي تتردّد في تحقيقه لوقتٍ قليل، سيكون لحظة انقلابٍ في حياتها، بعد أنْ "يُنقذها" ريتشارد (فِنّ ويتّروك)، بفضل رقّته وعذوبة كلامه (لاحقاً، يتبيّن أنّ في كلامه كذباً)، لغرضٍ في نفسه: حقنها بمادة تُشلّها كلّياً، مع إبقائها واعيةً لتُدرك أفعاله أمامها.

لا جديد فيه (Don’t Move). لكنّ الاشتغال ملتزمٌ أدواته الإخراجية. أداء كيلسي أزْبِل مُقنعٌ، لكنّه نتاج تمرين لا أكثر. هذا يُشبه قليلاً أداء آنّا كَنْدريك في أول إخراجٍ لها: نمط عادي في تقديم شخصية عادية.

المساهمون